دخان التفجيرات يغطِّي سماء بغداد

أخفق قادة الكتل النيابية في بغداد في عقد اجتماع لهم اليوم الجمعة يسعى إلى التوصّل إلى حلول لتصاعد التدهور الأمني والسّياسي. ويأتي إلغاء الاجتماع في وقت يشهد فيه العراق احتقانًا طائفيًا، على ضوء الإتهامات الموجّهة إلى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.


ألغت الخلافات السياسية بين القوى السياسية العراقية وتدهور الوضع الأمني اجتماعًا طارئًا كان مقررًا في بغداد اليوم الجمعة لقادة الكتل النيابية، وذلك أيضًا بسبب استمرار وتعليق القائمة العراقية لمشاركة نوابها ووزرائها في اجتماعات مجلسي الحكومة والنواب، ولصعوبة وصول القادة إلى مقر الاجتماع، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، وسط مساع إلى تطويق الاحتقان الطائفي.

في حين اتهم الصدر الأميركيين وصراعات السياسيين بالمسؤولية عن تفجيرات بغداد.. بينما دعت الأمم المتحدة القادة إلى العمل، بصورة عاجلة ومسؤولة ومتحدة، للاضطلاع بمسؤولياتهم، من أجل إنهاء العنف وحماية المواطنين.

وأبلغ مصدر في مكتب إعلام مجلس النواب quot;إيلافquot; أن رئيس المجلس أسامة النجيفي قد أبلغ قادة الكتل النيابية بتأجيل الاجتماع، الذي كان مقررًا عقده لهم اليوم لبحث الأزمة السياسية التي تمرّ بها البلاد، وتدهور الأوضاع الأمنية إثر تفجيرات شهدتها العاصمة العراقية أمس، وأودت بحياة 72 مواطنًا وإصابة 190 آخرين.

وكان المصدر أشار أمس إلى أن الاجتماع يهدف إلىquot;تدارك الوضع الأمني والسياسي والتنسيق مع السلطة التنفيذية لمعالجة التطورات الحاصلة، والوصول إلى حلول ناجعة للأزمة التي تمر بها البلادquot;.

ووصف النجيفي التفجيرات quot;بأنها استهداف للحمة الوطنية، واستغلال للأوضاع الراهنة عبر تمزيق وحدة الشعبquot;. ودعا الأطراف كافة إلى العمل من أجل تفويت الفرصة على أعداء العراق، والوقوف في وجه كل من يحاول زرع بذور الفتنة والبغضاء بين أبناء الشعب العراقيquot;.

وأشار المصدر إلى أن النجيفي رأى أنه لا جدوى من الاجتماع مع تعليق الكتلة العراقية (82 نائبًا من 325) مشاركتها في اجتماعات مجلسي النواب والحكومة، بسبب ما قالت إنها حملة تتعرّض لها وقادتها من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي.

وأضاف إن الاجتماع سيعقد في حال إلغاء العراقية تعليق مشاركتها في اجتماعات البرلمان والحكومة، خاصة مع مناشدة التحالف الوطني العراقي الحاكم لها، عقب اجتماع لقيادته الليلة الماضية، العودة إلى العملية السياسية ونشاطاتها.

دعوة العراقية إلى إلغاء تعليق مشاركتها في اجتماعات الحكومة والبرلمان
عقب الاجتماع، دعا التحالف العراقية إلى إعادة وزرائها ونوابها، الذين علقت مشاركتهم في اجتماعات مجلسي النواب والحكومة، إلى العودة إلى استئناف نشاطهم.

وعقب اجتماع لقيادة التحالف الليلة الماضية، دعا رئيسه إبراهيم الجعفري، في مؤتمر صحافي، القوى السياسية وأبناء الشعب العراقي إلى تعزيز التماسك والحفاظ على اللحمة الوطنية وغلق الباب أمام الفتن، التي تريد أن تعصف بالبلاد.

وناشد الجعفريكل القوى السياسية أن تصطف إلى جانب العملية السياسية انطلاقًا من الالتزام بالدستور وتطبيقه، والعمل على ضرورة الحفاظ على استقلال السلطة القضائية، إضافة إلى تحشيد ودعم القوى الأمنية.

وأشار إلى أن اجتماع قادة التحالف quot;كان أمام معركة ميدانية، يقف فيها كل الأشراف والحرائر من العراقيين والعراقيات، ليثبتوا موقفاً تاريخياً بأنهم لن يسمحوا أن يُصدع تحت طائلة الاختلافات المذهبية أو القومية أو السياسية أو الدينيةquot;.

من جهته، قال الشيخ حميد معلة quot;إن التحالف الوطني يدعو القائمة العراقية إلى إنهاء مقاطعتها، والعودة إلى جلسات مجلس النواب ومجلس الوزراء، بما يؤكد مبدأ الشراكةquot;.

وأضاف quot;إن التحالف الوطني، وانطلاقًا من المسؤولية التاريخية واحترامًا للدستور وإدراكًا لأهمية المرحلة وحساسيتها، فإنه يشدد على ضرورة استقلال القضاء وعدم المساس بمصداقيته وعدم التدخل في شؤونهquot;.

وشدد على أنه quot;من المهم في هذه المرحلة أن يدعم التحالف الوطني الأجهزة الأمنية في محاربة القتلة، بما يعزز النظام في البلدquot;. وناشد القوى السياسية quot;عدم التهاون مع القوى الإرهابية، وإدانة كل العمليات الإرهابية والإجراميةquot;.

وأشار الشيخ معلة إلى أن التحالف شدد على ضرورة عدم التشويش على الإنجاز المتحقق في خروج القوات الأجنبية من البلاد. وأكد أن التحالف الوطني يدعم كل الجهود وكل ما من شأنه أن يرسّخ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هدد الأربعاء باستبدال الوزراء المنتمين إلى القائمة العراقية، إذا واصلوا مقاطعة الحكومة، ملمّحًا أيضًا إلى إمكانية تشكيل حكومة quot;غالبية سياسيةquot;.

وقال المالكي في مؤتمر صحافي في بغداد إن وزراء العراقية التسعة quot;إذا لم يرجعوا في الاجتماع المقبل إلى الحكومة، فسنتجه إلى تكليف وزراء آخرينquot;. وأضاف quot;ليس من حق الوزير أن يقاطع جلسات الحكومة، لأنه سيعتبر مستقيلاًquot;.

ورأى المالكي أن quot;مبدأ التوافق، الذي كنا بحاجة إليهquot; في الأعوام الماضية quot;انتهى الآنquot;. داعيًا إلى عقد اجتماع موسّع quot;في الأيام المقبلةquot; لبحث الأزمة المستجدة، التي انزلقت إليها البلاد بعيد الانسحاب العسكري الأميركي. وقال quot;إذا لم ننجح في التوصل إلى صيغة تفاهم، فسنتجه إلى تشكيل حكومة غالبية سياسيةquot;.

وكان من المقرر أن يكون هذا الاجتماع هو الأول من نوعه، الذي يلتقي فيه قادة الكتل النيابية، بعدما تفجّرت الأزمة السياسية في البلاد بين المالكي والقائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي، على خلفية الاتهامات الموجّهة إلى القيادي في القائمة، نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بالضلوع في عمليات قتل وإرهاب .. ثم طلب المالكي من البرلمان سحب الثقة عن نائبه صالح المطلك، لمهاجمته في تصريحات صحافية، ووصفه بديكتاتور أسوأ من صدام حسين الرئيس العراقي السابق.

احتقان طائفي وتظاهرات شيعية وأخرى سنية
يأتي إلغاء اجماع قادة الكتل اليوم، في وقت تشهد فيه البلاد احتقانًا طائفيًا على ضوء الاتهامات الموجّهة إلى الهاشمي، حيث تشهد مناطق عراقية تظاهرات عدة،تدفع بها إلى الشارع القوى السياسية المتصارعة في مناطق شيعية، تدعو إلى إعدام الهاشمي، وتطالب كردستان بتسليمه، وأخرى في مناطق سنية، تؤكد دعمها له، وتتهم الحكومة بتزوير الاتهامات الموجّهة إليه.

فبعد تظاهرات في محافظات ديالى والقادسية وبغداد ومناطق أخرى، دعت إلى تنفيذ الإعدام بحق الهاشمي، وطالبت سلطات كردستان تسليمه إلى الحكومة، فقد تظاهر عراقيون في مدينة سامراء، كما شارك أكثر من خمسة آلاف مواطن في تظاهرة في وسط الفلوجة تأييدًا للهاشمي والقائمة العراقية في تغيير وإصلاح مسار الحكومة.

وحمل المتظاهرون لافتات، ورددوا شعارات، تطالب بجهات محايدة، تشرف على التحقيق مع الهاشمي، لكشف ملابسات الإدعاءات والاعترافات، التي أدلى بها أفراد حمايته. واتهم المتظاهرون جهات في الحكومة بتلفيق تلك الاتهامات للإطاحة بالهاشمي، مطالبين السلطات بتوفير الخدمات ومعالجة البطالة.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي دعا الخميس خلال مؤتمر صحافي إلى مؤتمر وطني موسع، تشارك فيه القوى السياسية، الممثلة في مجلس النواب، وغير الممثلة خارجه. وقال إن quot;مبدأ التوافق، الذي كنا بحاجة إليهquot; في الأعوام الماضية quot;انتهى الآنquot;. وأشار إلى أن الاجتماع سيعقد quot;في الأيام المقبلةquot; لبحث الأزمة المستجدة.وقال quot;إذا لم ننجح في التوصل إلى صيغة تفاهم، فسنتجه إلى تشكيل حكومة غالبية سياسيةquot;.

الصدر يتهم السياسيين والأميركيين بالتفجيرات وحظر للتجوال في محافظة نينوى
إلى ذلك، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن صراع السياسيين أدى إلى تدهور الوضع الأمني الهشّ، والمتضرر منه الشعب العراقي، ودفع إلى التفجيرات التي شهدتها بغداد أمس.

وأشار إلى أن هذا الوضع، الذي أصابه بالحزن والألم والأسى، يصادف مع كل ما يحدث في الشرق الأوسط من تدهور أمني وزعزعة للأمان، وصراع من الداخل والخارج. وقال quot;إن صراع الجبابرة، أعني السياسيين، أدى إلى تدهور الوضع الأمني الصوري الهشّ في عاصمتنا الحبيبة بغدادquot;.

وأضاف إن الشعب العراقي منهك جراء إهمال الساسة والقادة والحكام .. quot;إهمال من الداخل والخارج، يؤدي إلى سقوط العشرات من الشهداء والجرحى، مخلفين الثكالى والأيتام، ليزداد التخلف والأمان والفقر في أرضنا الغنية المعطاء وأرض العلم والمعرفةquot;.

ولفت إلى أن هذه التفجيرات تأتي quot;ونحن على أبواب انسحاب مدّعى لقوات الاحتلال الظلامية الغاشمة، فكان لزامًا أن تقوم تلك القوات والجيوش الظلامية الأميركية الإرهابية وأعوانها من الحاقدين على الشعوب والأديان، أعني الإرهابيين والتكفيريين والمتشددين والميليشياويين، أن يوقفوا ذلك الانسحاب، لتبقى كبيرة الشرّ جاثمة على أرضنا الحبيبة، ولتقف عجلة التقدم العراقي، الذي بات مرفوضًا من الداخل والخارج مع الأسفquot;.

من جهتها أعلنت قيادة عمليات محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) عن تطبيق حظر للتجوال في الموصل عاصمة المحافظة وعموم مناطق المحافظة اعتبارًا من منتصف الليلة الماضية إلى إشعار آخر.

وأوضحت القيادة أنها قررت فرض حظر للتجوال، يبدأ من منتصف ليلة الخميس الجمعة وحتى إشعار آخر في عموم محافظة نينوى. وأشارت إلى أن حظر التجوال اتخذ كأجراء إحترازي، بعد وصول معلومات إستخبارية، على خلفية التفجيرات الإرهابية، التي شهدتها العاصمة بغداد، تفيد بتحركات لمجاميع إرهابية في بعض مناطق المحافظة.

السياسيونيحذرونمنفتنة طائفية
وقد حذر السياسيون من فتنة طائفية، والغمز من قناة كل منهم، في اتهامات مبطنة عن المسؤولية في الانفجارات، التي شهدتها بغداد أمس الخميس، وأدت إلى مقتل 72 مواطنًا وإصابة حوالى 190 آخرين .. فيما دعت الأمم المتحدة قادة البلاد إلى العمل بصورة عاجلة ومسؤولة ومتحدة للاضطلاع بمسؤولياتها من أجل إنهاء العنف الدائر وحماية المواطنينquot;.

ودان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر بأشد العبارات سلسلة التفجيرات التي وقعت في بغداد.. وأضاف quot;إنها مسؤولية كل قيادات العراق أن تعمل بصورة عاجلة ومسؤولة ومتحدة للاضطلاع بمسؤولياتها من أجل إنهاء العنف الدائرquot;.

من جهتها، أكدت السفارة الأميركية في بغداد على ضرورة عمل القادة السياسيين العراقيين. quot;وخاصة خلال هذه الفترة الحرجة على وضع حل للخلافات بالطرق السلمية من خلال الحوار، وبما يتفق والدستور والقوانين العراقيةquot;.

كما دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إلى quot;حوار غير مشروطquot;، فيما تصيب أزمة سياسية المؤسسات العراقية بالشلل. وقال المتحدث باسم أشتون إنها طالبت الحكومة وكل الأحزاب السياسية العراقية ببدء quot;حوار غير مشروط وصادق يؤدي إلى تذليل الخلافات السياسيةquot;.

أما الرئيس العراقي جلال طالباني فقد أشار إلى أن التفجيرات quot;تعيد التأكيد على أهمية مراجعة كل الإجراءات الأمنية والعسكرية والاستخبارية، واختبار مواطن الضعف فيها، لمعالجتها والإشارة إلىنقاط القوة لتعزيزها، وتحميل أي طرف مقصر المسؤولية.. فيما يتوجب على القوى السياسية العمل بحرص شديد وبشعور عال بالمسؤولية لسدّكل الثغرات، التي تسمح لأعداء الشعب والديمقراطية بتمرير جرائمهم ومآربهم الدنيئةquot;.

على الصعيد عينه،شدد نائب الرئيس طارق الهاشمي على أن التفجيرات quot;تقدم دليلاً صارخًا على أن الأجهزة الأمنية مازالت قاصرةquot;. وحذر من أن استهداف مناطق محددة يعدّ مؤشرًا خطرًا، يكشف عن مخطط إرهابي، يدفع باتجاه فتنة طائفية، ينبغي أن لا ننجرّ إليها مهما كان الثمن أو التضحيةquot;.

وأضاف أنه رغم التنبيه إلى ذلك في مناسبات عدة، فإن مما لا شك فيه أن الأطراف المأزومة في الحكومة قد وفّرت للأزمات ووفرت عن قصد أو من دون قصد في خلقها مناخًا مواتيًا للفرق الظلامية والمشبوهةلكي تلحق مزيدًا من الأذى بشعب العراق الأبيّ والمظلوم والمضطهد.

ودعا العراقيين إلى quot;التلاحم والتعاضد في وجه كل المخططات الخبيثة، التي تحاول النيل من هذا الشعب الصابر المحتسب، وأدعو الأجهزة الأمنية إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، لتفويت الفرصة على المجرمين والقتلةquot;.

كما قال أياد علاوي رئيس القائمة العراقية إن التفجيرات تعكس ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في تحقيق الأمن والاستقرار، نتيجة انشغال بعضها بمتابعة القوى الوطنية، وإرباك سير العملية السياسية المعطلة أساساً.

وأضاف أن الوعود بتحقيق الأمن خلال السنوات الست الماضية كان ضربًا من الخداع، وهو لن يتحقق لافتقاره مقومات تحقيقه لكون الأمن مسؤولية اجتماعية سياسية وطنية شاملة، لا تجد مكانها في ظروف من الاستبداد والتفرد وتهميش وإقصاء الآخرين وتفشّي الفساد السياسي والأمني.

من جهته، دعا التحالف الوطني الحاكم القادة السياسين إلى عدم استغلال الوضع العراقي الجديد بعد الانسحاب الأميركي وإنزال خلافاتهم السياسية إلى الشارع العراقي، الذي يعتبر المواطن هو المتضرر الأول والأخير من أي عمل إرهابي يقع فيه.

أما القيادي في المجلس الأعلى ونائب رئيسالجمهورية السابق عادل عبد المهدي، فقد أشار إلى أن الاعتداءات تؤكد أن الجماعات المسلحة تسعى، وبكل وسيلة، إلى نسف العملية السياسية برمتها،وتدمير البنى التحتية للبلاد، وإيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية في صفوف المواطنين،وجرّ البلاد إلى فتنة طائفية لا تحمد عقباها.

ودعا عبد المهدي في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot; القادة السياسيين، لا سيما في هذه المرحلة الحساسّة، إلى ضرورة التمسّك بالثوابت الوطنية والمبادئ الدستورية ونبذ الخلافات والابتعاد عن أي شكل من أشكال التصعيد، الذي لا يخدم سوى الأعداءquot;.

على الصعيد نفسه، فقد حمّل التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدرالسياسيين كافة مسؤولية التفجيرات، داعيًا إلى الوقوف مع القوات الأمنية، quot;رغم المؤشرات إليهاquot;.

وقال رئيس كتلة الأحرار في البرلمان بهاء الأعرجي في مؤتمر صحافي إن quot;الإعمال الإرهابية، التي نفذت في بغداد، تلقي بالمسؤولية على جميع السياسيينquot;، مطالبًا الكتل السياسية بإنهاء خلافاتها، وعدم منح فرصة وذريعة للإرهابيين والبعثيين وفلول الأميركيين بأن يقوموا بأفعالهمquot;.

وأضاف الأعرجي quot;يجب أن لا يكون هناك خلط ما بين الملف السياسي، الذي أصبح ساخنًا خلال الأيام الماضية وما بين ما حدث هذا اليوم من تفجيرات، لأنه من الممكن أن تكون هناك قوة ثالثة، تريد أن تشعل النار مجددًا لتعيد الفتنة الطائفية من جديدquot;. مؤكدًا أن quot;فلول القوات الأميركية والبعث الصدامي، الذي له خلايا، بدأت تنشط في العراق، وعلى الحكومة أن تكشفهم للشعبquot;.

أما المجلس الأعلى الإسلامي العراقي فقد أشار إلى أن ارتفاع حدة التصعيد بهذه الصورة يجعل الجميع، وخاصة الأجهزة الأمنية، إزاء مسؤولياتهم الكبرى في الحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم وتطلعاتهم المستقبلية.

وشدد على أن quot;الحفاظ على لحمة الشعب العراقي ومكوناته المجتمعية هي المهمة الكبيرة، التي تضطلع بها القوى السياسية الوطنية، خاصة في هذا المنعطف الخطر والحساس، وعليه فإننا نرى أنه من واجبنا أن تتنادى جميع القوى والمكونات لحفظ هذه اللحمة والدفاع عنهاquot;.

من جانبه، حمّل رئيس جبهة الحوار الوطني نائب رئيس الوزراء صالح المطلككل الأطراف السياسية مسؤولية التفجيرات، ودعا quot;أبناء الشعب العراقي إلى مزيد من التلاحم والتآزر، وتفويت الفرصة على القوى الإرهابية الظلامية، التي تحاول النيل من وحدة الصف العراقيquot;. وحمّل جميع الأطراف السياسية مسؤولية التفجيرات، مؤكدًا على quot;أهمية إزالة الخلافات، وتفويت الفرصة على من يريد أن يشقّ الصف الوطني، ويعبث بأمن واستقرار العراقquot;.

وكان المالكي وصف أمس التفجيرات، التي ضربت بغداد، بأنها سياسية الأهداف تهدف إلى خلط الأوراق في البلاد. وقال في تصريح صحافي تلقته quot;إيلافquot; إن توقيت هذه الجرائم، وإختيار أماكنها، يؤكد مرة أخرى لكل المشككين الطبيعة السياسية للأهداف التي يريد هؤلاء تحقيقها، من خلال الجريمة وقتل الأبرياء العزّل، ومحاولاتهم لخلط الأوراق، على أمل الوصول إلى تلك الأهداف.

ودعا المالكي الأجهزة الأمنية وقوات الجيش إلى تشديد إجراءاتها، والقيام بواجبها بأقصى درجات الانضباط، لحماية المواطنين، والعمل quot;على سد الثغرات الأمنية، التي ينفذ منها هؤلاء القتلةquot;. كما أضاف quot;إن المجرمين، ومن يقف وراءهم، لن يستطيعوا تغيير مسار الأحداث والعملية السياسية أو الإفلات من العقاب، الذي سيواجهونه عاجلاًأم آجلاًquot;.

وفي هجوم منسق على ما يبدو، شهدت العاصمة العراقية أمس 12 تفجيرًا في ساعة الذروة في مختلف أحياء بغداد، وأسفرت عن 72 قتيلاً و190 جريحًا. وأعمال العنف هذه هي الأولى منذ بداية الأزمة السياسية، التي تفجرت السبت إثر إصدار السلطات العراقية مذكرة اعتقال ضد نائب الرئيس طارق الهاشمي، متهمة إياه بارتكاب عمليات قتل وإرهاب... وكذلك بعد طلب المالكي من مجلس النواب سحب الثقة عن نائبه صالح المطلك، بعدما وصفه بدكتاتور.

وكانت تفجيرات، أمس، الأولى التي تستهدف العاصمة العراقية منذ اندلاع أزمة في الحكومة، تهدد بتمزيق البلاد على أسس طائفية وعرقية. وقد انحسر العنف في العراق، بعدما بلغت أعمال القتل الطائفي ذروتها في عامي 2006 و2007، حيث كان مهاجمون انتحاريون وفرق اغتيال يستهدفون المناطق السنية والشيعية في هجمات متبادلة متواصلة.

لكن العراق لا يزال يخوض حربًا ضد جماعات مسلحة من المتشددين السنَّة المرتبطين بالقاعدة، وميليشيات شيعية، يقول مسؤولون أميركيون إنها مدعومة من إيران. ولم تعلن أي جماعة عن مسؤوليتها عن هجمات أمس، لكن محللين قالوا إن جناح القاعدة في العراق يضرب على الأرجح أهدافًا شيعية، مثلما حدث في الماضي، لإشعال صراع طائفي، ولإظهار أنه ما زال قادرًا على شنّ هجمات كبيرة.