أكد متخصصان في مجال حماية البيئة والطب النفسي، أن مدينة جدة أصبحت تشكل تهديدا على ساكنيها بعد ركود تجمعات مياه الأمطار واختلاطها بالنفايات مما يجعلها بؤرة للأمراض والأوبئة، وكذلك الانهيارات والأزمات النفسية التي طالت صغار السن قبل الكبار في المدينة.


أمل إسماعيل وغادة محمد: مع توقف أعداد الوفيات جراء سيول جدة الكارثية في بيانات الدفاع المدني اليومية عند حدود العشرة أشخاص، لا تزال عمليات البحث مستمرة في ضوء دعم إضافي لفرق الإنقاذ من مدن أخرى خارج مدينة جدة مابين أفراد وآليات للإنقاذ.

ومع أن كارثة السيول التي اجتاحت مدينة جدة الأربعاء السادس والعشرين من شهر كانون الثاني/يناير؛ لا تزال صادمة لسكانها الذين يعاني البعض منهم من فقد ذويهم أو ممتلكاتهم، إلا أن تهديدا جديدا يحيط بهم نظرا لتجمعات مياه الأمطار والسيول التي تشكل بؤرة حية لتفشي الأوبئة، إضافة إلى الصدمة النفسية التي تلقاها أطفال المدينة وكبارها كذلك. وخلال حديثه لـquot;إيلافquot; حذر مستشار الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الدكتور فهد تركستاني من تواجد المياه الراكدة في أحياء جدة والمختلطة بمرمى نفايات البلدية. وقال تركستاني أن السيول المنقولة من شرق جدة جرفت معها مشاكل كثيرة خاصة النفايات المنزلية وبقايا الأطعمة وغيرها، موضحا أنها تحوي في معظمها فطريات ومكروبات.

واظهر تركستاني تخوفه من المياه الراكدة الموجودة الآن في معظم أحياء جدة حيث رأى أنها ربما تكونquot;موبوءة أو مسمومةquot;، ناصحا كذلك الآباء بإبعاد أطفالهم عن أماكن تجمعات المياه إضافة إلى مراجعة المستشفيات لأخذ لقاح خاص بتجنب الأوبئة والتسمم.

وعلى ذات الصعيد أكد رئيس لجنة أعمال الأمطار في أمانة جدة أن فرق المكافحة الحشرية وفرق مكافحة الضنك باشرت أعمالها في رش أماكن تجمعات مياه السيول بمشاركة ما يزيد على 330 فرقة، وأكد أن أمانة جدة تعمل على حصر المواقع والمستنقعات الكبرى، مع التركيز على المواقع التي يحتمل أن تتسبب في إصابات بمرض حمى الضنك، بمعاونة وزارتي الزراعة والصحة.
صحيا كذلك لكن من زاوية نفسية، أوضحت لـquot;إيلافquot; المستشارة النفسية الدكتورة دعاء الحذيفي أن سيول الأربعاء تسببت بإصابة سكان جدة بالذعر والحزن والاكتئاب، مؤكدة أن الوضع النفسي يزداد سوء خصوصا وأن السكان أصبحوا مهددين بهطول الأمطار بأي وقت دون وجود أية معالجة حقيقة على أرض الواقع وفق ما ذكرت.

وأوضحت الحذيفي أن عيادتها النفسية أصبحت تستقبل الصغار والكبار الذين بدأت آثار الرعب تسيطر عليهم دون استثناء، يأتي ذلك في ظل إيقاف تام للحياة التعليمية في المدينة وتأجيل الاختبارات حتى عودة الدراسة بعد أربعة عشر يوما وفي ذات الوقت لا تزال أعمال الإنقاذ مستمرة، حيث تحصلت quot;إيلافquot; على تقرير اليوم الثلاثاء من إدارة الدفاع المدني الذي أوضح أن عمليات الإغاثة والإنقاذ مستمرة بمساعدة فرق وآليات من عدد من المدن السعودية.

وأوضح تقرير الدفاع المدني أنه تم الإعلان اليوم عن مفقودين آخرين يضافون إلى المفقودين الثلاثة الذين تم الإعلان عنهما مسبقا، إضافة إلى قيام آليات أمانة مدينة جدة حنى الآن بإزالة المياه الموجودة في عدد من الطرقات والأنفاق التي تعيق الحركة المرورية.

وأضاف التقرير الصادر من الدفاع المدني أن الجهات الحكومية تشارك بأعمالها في دعم الجهات بما يلزم ومنها القوات المسلحة والحرس الوطني الذي دعم عمليات الإنقاذ بأكثر من مائة فرد وكذلك حرس الحدود عبر قوارب مطاطية وثلاثة وعشرين غواصا. إلى ذلك كشفت لجنة المتابعة والطوارئ بإدارة تعليم جدة عن أضرار عديدة تعرضت لها أكثر من ثمانين مدرسة، منها مدارس تحتاج لإعادة تأهيل شامل بالإضافة إلى عدم صلاحية عدد من المدارس. وأوضح مدير عام التربية والتعليم للبنين بجده عبد الله بن أحمد الثقفي أن المدارس المتضررة وسط وجنوب جدة تحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة، وقال الثقفي أنه تم التعاقد بشكل كامل مع شركات صيانة وترميم تبدأ مهمة رفع الأضرار أولاً خلال ثلاثة إلى أربعة أيام، ثم تبدأ أعمال الترميم وإعادة التأهيل.

وتواصل فرق المتطوعين أعمالها في دعم الأسر المحتاجة التي تجاوز عددها من النازحين أكثر من أربعة الآف أسرة تحوي أكثر من خمسة عشر ألف شخص، يتواجد عدد منهم في الشقق السكنية والمقرات الخاصة بالإيواء، فيما لا تزال أعمال البحث مستمرة عن ناجين أو متضررين.

تعليميا كذلك عادت الحياة الأكاديمية إلى طبيعتها لبعض الكليات بجامعة الملك عبدالعزيز التي فتحت أبوابها لمن استطاع من طلابها الحضور في وقت أكدت فيه إدارة الجامعة تهيئتها لاختبارات بديلة لمن تعذر عليه الحضور، أما على صعيد التعليم العام فقررت إدارة التربية والتعليم عودة الاختبارات لطلابها وطالباتها بعد إجازة منتصف العام التي ستبدأ غدا الأربعاء، وتقرر عودة الاختبارات بتاريخ 13شباط/فبراير الجاري.