تونس: يغفو حراس أمام مبنى عادي قديم تخفي واجهته 23 عاما من الآلام والتعذيب والاستيلاء على الاراضي واصبح مقرا للجان التحقيق في نظام مستبد وطماع. وامام السياج، يصطف تونسيون ينتظرون بفارغ الصبر quot;كشف ما حدث بهمquot; وquot;الحصول على تعويضاتquot; او مجرد quot;روايةquot; جحيم يومي عاشوه في عهد زين العابدين بن علي الذي اطيح في 14 كانون الثاني/يناير.

ويقف مهدي بن حسن في المكان منذ الساعة الرابعة صباحا. ويعتقد هذا المزارع الذي يبلغ من العمر 54 عاما وجاء من منطقة المهدية التي تبعد 300 كلم جنوب غرب العاصمة ان هناك فرصة لاستعادة اراضيه.

وقال quot;اسعى منذ عشرين عاما. سرقت الاراضي التي املكها من قبل نائب المدير العام للتجمع الدستوري الديموقراطي (الحزب الحاكم سابقا) محمود سعيدquot;. وروى لوكالة الأنباء الفرنسية وهو يتمسك بظرف يحوي وثائق ان quot;ثلاث دعاوى قضائية جرت بين 1990 و1994. المحكمة لم تنظر الى سندات التمليك ثم ادعوا انهم اضاعوا ملفيquot;.

اما نبيل بن ابراهيم هو طالب في الرابعة والعشرين فيريد استعادة المنزل الذي بناه والده المريض في احدى ضواحي العاصمة في 2006 quot;بكل ما اقتصده طوال حياتهquot;. ويقول انه quot;كان البناء جاريا. في احد الايام مر احد المقربين من بن علي ووجد ان المنزل جميل فاخذهquot;.

وسيضاف ملفاهما الى حوالى 800 شكوى سجلت حتى الآن منذ بدء عمل اللجنة المكلفة النظر في الفساد والاختلاسات، قبل خمسة ايام. وفي الطابق الثاني من المينى يستمع مسؤول في لجنة التحقيق في اعمال العنف التي ارتكبت خلال الثورة لوسام ساسي عامل البناء الذي ضرب خلال تظاهرة.

وقد اصيب بكسرين في الساق. ويقول انه لم يعد قادرا على العمل وquot;لا يستطيع اعالةquot; زوجته واولاده الثلاثة. وفي مكتب ضيق تتكدس الملفات، كومة للاحياء واخرى للاموات. ويفتح المسؤول ملفا اختاره بشكل عشوائي وينظر الى صورة شاب.

ويقرأ quot;قتل برصاص قناص في شمال العاصمةquot;. ويبدو المكان الذي اصابته الرصاصة فوق القلب تماما واضحا. وفي ممر، يقف وليد قدارة (31 عاما) بانتظار دوره للحصول على quot;تعويض عن التعذيبquot; الذي تعرض له في 12 كانون الثاني/يناير.

ويقول quot;اوقفني شرطي اراد الضغط على عائلتي للحصول على المال. عذبت بالصدمات الكهربائية وضربوني بالمصحفquot;. ويلخص توفيق بودربالة رئيس اللجنة حول العنف ان quot;الناس ينتظرون بفارغ الصبر احلال العدالةquot;.

واضاف هذا الرجل البالغ من العمر 68 عاما وكان رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان quot;سنحقق وسنستمع الى الشهود وكذلك الى الذين يشتبه بتورطهمquot; في القضايا. وسينشر تقرير هذه اللجنة وتقرير اللجنتين الاخريين بعد شطب الاسماء quot;لحماية الشهود واحترام حقوق الدفاعquot;، قبل ان يسلم الى القضاء وطلب التعويضات.

وفي الطابق الرابع يبدو اعضاء لجنة الاصلاح السياسي الذين يفترض ان يدرسوا القانون الانتخابي، منهكين. وفي قاعة الاجتماع حيث تفوح رائحة العرق والقهوة الباردة، يفتح رئيس اللجنة اياد بن عاشور نافذة ويعلن عن بدء الاستراحة.

لكن في الممرات يتابعون النقاش عن كيفية quot;بناءquot; تونس المقبلة. ويرى احدهم انه quot;يجب المرور بمجلس تأسيسي لوضع اسس شرعية فعلاquot; للمؤسسات الجديدة. ويؤكد آخر انه يجب العمل quot;بسرعةquot; لان quot;الناس غاضبونquot;. لكن الثالث بينهم يريد تأجيل المهلة التي حددت لتنظيم الانتخابات ستة اشهر. وقال ان quot;الحزب الدستوري هو الحزب الوحيد الذي يملك بنية على المستوى الوطني. لذلك سيغير اسمه ويحصل على الاصواتquot;.