رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي

دخلت دمشق بقوة على خط تشكيل الحكومة اللبنانية بعد أشهر من الامتناع عن مناقشة أي أمر بخصوصها. فقد استقبل الرئيس السوري بشار الأسد اليوم، رئيس quot;جبهة النضال الوطنيquot; النائب وليد جنبلاط بعد أن كان قد التقى أمس الوزير السابق النائب سليمان فرنجية، وقبلهما شقيق الرئيس نجيب ميقاتي المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية طه ميقاتي.


لاحظ المراقبون أن وكالة quot;ساناquot; الرسمية السورية التي أوردت نبأ إستقبال الرئيس السوري بشار الأسد لرئيس quot;جبهة النضال الوطنيquot; النائب وليد جنبلاط واللقاء مع الوزير السابق النائب سليمان فرنجية، ذكرت بشكل واضح أن الأسد بحث مع ضيفيه فرنجية وجنبلاط quot;التطورات على الساحة اللبنانية وجهود تشكيل الحكومة إضافة الى التطورات الجارية في المنطقة، مما يعني أن موضوع تأليف الحكومة المتعثر تصدّر هذه المباحثات. وهذا ما انعكس تفاؤلاً لدى الأوساط السياسية المتابعة، بحيث توقعت معه حصول ولادة قريبة للحكومة لن تتعد مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.

ويأتي هذا التطور على وقع الخلاف المحتدم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون والذي بلغ الذروة في اليومين الماضيين.

فبعد كلام عون إثر ترؤسه اجتماع تكتله يوم الثلاثاء الماضي الذي اتهم فيه رئيس الجمهورية بـ quot;شلّ الحكم لرفضه التوقيع على حكومة من لون واحدquot;، مشبهًا الأمر quot;كمن يريد أكل الطماطم والخس معًا، فيما المتوفر بين يديه صنف واحد من هذه الخضارquot;، مكررًا قوله بعدم أحقية الرئيس بالحصول على حصة وزارية استنادًا الى الدستور، رد الرئيس سليمان على عون من دون أن يسميه قائلاً: quot;إن الدستور واضح الآلية في تأليف الحكومات، ومحاولة التفسير في هذا المجال تصب في خانة عرقلة استحقاق وتأليف الحكومة على غرار ما حصل في محطات دستورية سابقةquot;.

وتمنى سليمان على المجتمع المدني quot;أن يحاسب المسؤولين الذين وقفوا باستمرار وراء تعطيل دوران عجلة الدولة، بحيث غلب لديهم منطق المحاصصة وعرقلوا في مناسبات عديدة إنجاز الاستحقاقات الدستوريةquot;.

لكن وعلى الرغم من هذه العلاقة المضطربة بين العمادين ظلت كفة التفاؤل راجحة اليوم بقرب التوصل الى حل لعقدة حقيبة وزارة الداخلية التي يصر الرئيس سليمان على إبقائها بيد الوزير الحالي في حكومة تصريف الأعمل زياد بارود.

في وقت يبدي العماد عون إصراره على ضمها الى حصته بذريعة أن بارود لم يفلح في مهمته، خصوصًا لجهة مواجهة المدير العام لقوى الأمن الداخلي الذي ارتكب أكثر من مخالفة إدارية ومسلكية على حد قول عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب نبيل نقولا الذي حمل أيضًا على فرع المعلومات التابع للمديرية ورئيسه العقيد وسام الحسن على خلفية توقيف القيادي في التكتل العماد فايز كرم بتهمة التعامل مع إسرائيل.

وتقول مصادر متابعة لعملية التأليف أن التحرك الجاري في دمشق من شأنه حلحلة الكثير من الأمور وإزالة quot;الألغامquot; التي تعترض طريق تأليف الحكومة، وفي مقدمها مسألة تحديد حصة كل من رئيس الجمهورية ولعماد عون، ومن هنا لا يستبعد أن يبدأ ضغط الحلفاء على الثاني بإيعاز من دمشق لتليين موقفه، في وقت ذهبت فيه أوساط قريبة من رئيس البرلمان الى حد القول لـ quot;إيلافquot; quot;إن وزارة الداخلية باقية مع بارودquot;.

أما الأوساط القريبة من الرئيس ميقاتي فأبلغت quot;إيلافquot; أنه خلافًا لما ذكر في عدد من وسائل الإعلام عن وجود تشكيلتين وزاريتين في جيب ميقاتي، واحدة سياسية مطعمة بتكنوقراط وأخرى تكنوقراط بحت، فإن هناك تشكيلة واحدة يعمل ميقاتي على إنجازها مدعومًا من الرئيس بري والنائب جنبلاط الذي أعلن صراحة إثر لقائه الأول قبل أيام أنهما بحثا في الوسائل الكفيلة بتأمين الدعم اللازم للرئيس المكلف لإنجاز مهمته.

وإذا ما أضيف هذا الموقف الى الحراك المستجد الجاري في دمشق وتأكيد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطابه الأخير بأن تشكيل الحكومة الجديدة تحدٍ لقوى الأكثرية الجديدة، مؤكدًا النجاح في هذه المهمة وعلى يد الرئيس ميقاتي، لأمكن القول إن العد العكسي لإخراج حكومة ميقاتي الثانية من العتمة الى النور. انطلق بقوة مع توقع وصوله الى الخاتمة السعيدة نهاية الأسبوع الجاري، أو مطلع الأسبوع المقبل على حد قول فريق من المتفائلين المتابعين لطبخة الحكومة.

أما على جبهة العماد عون، فالمشهد مختلف حتى الساعة وقد عبّر عنه عضو التكتل النائب زياد أسود في حديث تلفزيوني مبديًا استغرابه لما يجري تداوله بشأن التشكيلة quot;التي لا نعلم عنها شيئًاquot;، مخاطبًا الرئيس المكلف بالقول: quot;مسار التشكيل بهذا الشكل ليس سليمًا والتواصل لا يكون عبر الحمام الزاجلquot;.