القاهرة: أعلن مدير أمن جنوب سيناء محمد نجيب أنه تلقى إخطاراً من نيابة وسط القاهرة لإبلاغ الرئيس السابق حسني مبارك بموعد محاكمته في الثالث من آب/ أغسطس الجاري. وقال مدير الأمن إنه أبلغ بنفسه مبارك بشأن مثوله أمام القضاء للمحاكمة فيما نسب إليه من اتهامات. وأضاف نجيب أنه بمجرد إعلان مبارك بالإخطار علق قائلا إنه يريد فرصة حتى يراجع المحامي الخاص به، وبعد دقائق من مراجعة المحامة قام مبارك بالتوقيع على الإخطار.

وأكد مصدر طبي رفيع بمستشفى شرم الشيخ أن حالة الرئيس السابق لا تزال مستقرة، بينما ما زالت حالة الإكتئاب تنتابه، مما أفقده الشهية، وعدم تناول الطعام مما أثر على وزنه، وبعد تسلمه إخطار المحاكمة ظهرت عليه علامات القلق والتوتر التي أصابت أيضا زوجته سوزان ثابت بمجرد معرفتها بتلقيه إخطار المحاكمة ومثوله أمام القضاء في 3 أغسطس الجاري.

وعلى صعيد المحاكمة تفقد منصور عيسوي وزير الداخلية الإثنين قاعة المحاكمة التي ستشهد محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك الأربعاء بمقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة. وعقد عيسوي لقاء مع عدد من مساعديه من القيادات الأمنية ناقش خلاله الخطة النهائية لتأمين المحاكمة والمنطقة المحيطة بها، والتي سيتم تنفيذها بالتنسيق مع القوات المسلحة.

كما ناقش وزير الداخلية كافة الضوابط والإجراءات التنظيمية والمتعلقة بالتيسير لمن يسمح لهم بحضور المحاكمة وفقاً لما سبق وقررته الجهات القضائية المختصة. من جانب آخر أعلن عمرو حلمي وزير الصحة والسكان أن دور وزارة الصحة في تأمين عملية نقل الرئيس السابق الى المحكمة هو توفير الاطباء والمتخصصين لمرافقته اثناء عملية النقل.

وحكم الرئيس مبارك مصر من دون منازع طوال ثلاثة عقود قبل ان يسقط في 11 شباط/فبراير اثر انتفاضة شعبية استمرت 18 يوما. ولم يعرف بعد بشكل نهائي ان كان مبارك سيمثل امام المحكمة ام ان حالته الصحية لن تسمح بنقله.

وطلب النائب العام المصري عبد المجيد محمود رسميا من وزارة الداخلية نقل مبارك من شرم الشيخ الى المحكمة، لكن الصحف المصرية قالت الاثنين ان محاميه فريد الديب يحاول الحصول على تقارير طبية تفيد بأن حالته لا تسمح بنقله.

وفي حزيران/يونيو الماضي، قال فريد الديب ان مبارك يعاني من سرطان في المعدة يؤدي الى اصابته بحالات غيبوبة. ولكن وزارة الصحة المصرية نفت هذه المعلومات. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية السبت عن مصدر طبي مسؤول في مستشفى شرم الشيخ ان مبارك يعاني من quot;اكتئاب حادquot; ادى الى امتناعه عن تناول الطعام غير ان حالته الصحية quot;مستقرة نسبياquot;.

وتم انتزاع صور مبارك من مكاتب المؤسسات الحكومية الرسمية واليوم ينتشر في ميدان التحرير باعة يعرضون صورا كاريكاتورية للرئيس السابق. لم يظهر مبارك (83 عاما) علنا منذ اطاحته سواء عندما كان يقيم في قصره في منتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر او بعد نقله الى مستشفى هذه المدينة وايداعه الحبس الاحتياطي فيه في نيسان/ابريل.

ويواجه مبارك، الذي حكم الدولة العربية الاكبر من حيث عدد السكان، اتهامات بالفساد وب quot;القتل العمدquot; وهي جريمة ان ثبتت تصل عقوبتها الى الاعدام. وعند اغتيال الرئيس الاسبق انور السادات على يد اسلاميين في العام 1981 فتح الباب امام مبارك، الذي كان قائدا للقوات الجوية ثم اصبح نائبا للرئيس، لكي يترأس البلاد في وقت لم يكن احد يتوقع مستقبلا كبيرا لهذا الرجل الذي يفتقد الى الكاريزما.

عرف عن مبارك انه رجل براغماتي غير انه فقد شيئا فشيئا صلته بالشعب واصبح عنيدا ومتكبرا وقد اعتمد على جهاز امني مخيف وحزب يأتمر بأوامره ليحكم البلاد بشكل فردي طوال ثلاثين عاما.

وكان التزامه رغم كل الانواء والاحتجاجات بمعاهدة السلام التي ابرمها سلفه مع اسرائيل عام 1979 وحرصه على ان يظل ضمن ما عرف بمعسكر الاعتدال في العالم العربي سببين رئيسيين لتأييد الغرب لنظامه، وخصوصا الولايات المتحدة التي ظل حليفا لها على الدوام.

وظل مبارك بشعره الداكن على الدوام رغم مرور الزمن وبنظرته التي يخفيها في غالب الاحيان خلف نظارات سوداء، وجها مألوفا في الاجتماعات الدولية على مدى سنين حكمه. ورغم تصديه بقوة للجماعات الاسلامية المتطرفة، لم يتمكن مبارك من وقف تصاعد الاسلام الاصولي الذي تجسده جماعة الاخوان المسلمين وهي تعد اليوم اكثر الحركات السياسية تنظيما على الساحة السياسية.

ولد محمد حسني مبارك في الرابع من ايار/مايو 1928 في عائلة من الطبقة الريفية المتوسطة في دلتا مصر. وصعد سلم الرتب العسكرية في الجيش الى ان اصبح قائدا للقوات الجوية ثم نائبا للرئيس في نيسان/ابريل 1975.

وخلال مسيرته الطويلة، تعرض لست محاولات اغتيال ما جعله يرفض رفع حالة الطوارىء السارية في البلاد منذ توليه الحكم. وقد غذى صعود نجم نجله الاصغر جمال القريب من اوساط رجال الاعمال، الشكوك بشأن عملية quot;توريثquot; للحكم خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في ايلول/سبتمبر 2011 ما ادى الى احتجاج المعارضة.

في المقابل فان الانفتاح الاقتصادي الذي تسارعت وتيرته في السنوات الاخيرة اتاح تحقيق طفرة اقتصادية وظهور quot;ابطالquot; مصريين في مجال الاتصالات او الانشاءات. الا ان نحو اربعين بالمئة من 80 مليون مصري لا يزالون يعيشون باقل من دولارين في اليوم وفقا للتقارير الدولية، في وقت تتهم البلاد بانتظام في قضايا فساد.

ولمبارك الذي خضع في اذار/مارس 2010 لجراحة لاستئصال الحوصلة المرارية في المانيا، ابن اخر هو علاء نجله البكر من زوجته سوزان ثابت quot;سيدة مصر الاولىquot; التي يقال ان لها تاثيرا كبيرا على زوجها. وسيحاكم جمال وعلاء مع والدهما في نفس القضية.