يثار جدل في الأوساط القانونية المصرية بعد الاستماع إلى الشهود في محاكمة الرئيس السابق مبارك. ويرى خبراء تحدّثت إليهم (إيلاف) أن القانون أعطى الحق للقاضي في الأخذ بشهادة الشهود أو طرحها جانباً، مشيرين إلى أن تلك الشهادات وإن كانت صادرة عن رئيس المجلس العسكريّ لن تكون حاسمة في البراءة أو الإدانة.


مبارك في قفص الاتهام: بدء محاكمة تاريخيّة

القاهرة: أثار الاستماع إلى الشهود في محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وستة من مساعديه الكثير من الجدل داخل الأوساط القانونية وبين أهالى الشهداء، لاسيما بعد تغيير بعض الشهود أقوالهم أمام هيئة المحكمة. وإستدعاء المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان للشهادة أمام المحكمة، وتصاعدت حدة الحديث عن إمكانية حصول المتهمين على البراءة أو الإدانة نتيجة شهادة الشهود.

ووسط التباين فى أقوال شهود الإثبات، يؤكد خبراء القانون الذين تحدثت quot;إيلافquot; إليهم أن القانون أعطى الحق للقاضي في الأخذ بشهادة الشهود أو أن يطرحها جانباً، مشيرين إلى أن شهادة الشهود لن تكون حاسمة في البراءة أو الإدانة، بما في ذلك شهادة المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري.

أكد الدكتور أحمد كمال أبو المجد الفقيه القانوني لـquot;إيلافquot; أن شهادة شهود الإثبات في قضية محاكمة مبارك لن تكون الحاسمة لهيئة المحكمة فهناك شهود نفي وحتى شهادة المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونائبه سامي عنان واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق لن تكون حاسمة هي الأخرى حيث إن الشهادة ليست إثباتا ولا نفيا بل هى شهادة رؤية لكونهم كانوا متواجدين أثناء الأحداث ووقوع تلك الجرائم، مشيرا إلى أن المستشار أحمد رفعت لابد له من الاستماع إلى جميع شهود الإثبات كدليل مهم في القضية ولكن ليس حاسما.

ولفت أبو المجد إلى أن عدول شهود الإثبات عن شهادتهم لن يؤثر في سير القضية لأن الأمر كله متروك للمحكمة فقد تأخذ بشهادة الشهود خلال إدلائها أمام الشرطة وإذا تبين عدم جديتها أو وجود تلاعب بها فقد تأخذ أقوالهم أمام النيابة بصفتها جهة موثقة وتراعى فيها الجدية والموضوعية وقد تتغاضى المحكمة عن شهادة الشهود أمامها وتستند إلى دليل آخر.

ونبّه أبو المجد إلى أنه ليس هناك ما يسمى بقضية شهود بل قضية أدلة فالمحكمة قد تستند في حكمها على دليل غير ظاهر للمحامين. وأوضح أبو المجد أن تغيير أقوال الشهود من النيابة للمحكمة ليس جريمة وأن جريمة الشهادة الزور تكون عندما يغيرون أقوالهم أمام المحكمة فقط عندما تسألهم أكثر من مرة. وتابع: هناك مبدأ يطبق في إنكلترا وأميركا هو أن المحاكمة التي تجري وسط فوضى وضغط شعبي تعتبر باطلة تماما وهذا المبدأ القانوني أخشى أن يتم تطبيقه على محاكمة مبارك عند صدور أحكام نهائية فترفض هذه الدول عودة الأموال المهربة وفقا لهذا المبدأ القانوني.

وقال المستشار عبد المنعم السحيلي رئيس نادي قضاة طنطا لquot;إيلافquot;أن القانون أعطى للقاضي سلطة تقديرية في الأخذ بشهادة الشهود سواء أمام النيابة أو المحكمة وإن كان معظم القضاة يعتبرون شهادة الشهود أمام المحكمة هي الأصلح والأقوى لأن المحكمة تعتبرها شهادة بعيدة عن الضغوط التي من الممكن أن تحدث سواء في أقسام الشرطة أو في النيابة العامة إلا إذا استشعر القاضي أن الشهادة التي يدلي بها الشهود تم إملاؤها عليهم.

ونفى السحيلي أن يكون أخذ القاضي بشهادة الشهود في النيابة واستبعاد شهادتهم أمام المحكمة سببا لنقض الحكم لأن القانون يسمح للقاضي بهذا الحق. منوهاً بأنه في حالة قيام شهود الإثبات والنفي بتغيير شهادتهم أمام المحكمة بخلاف التي أدلوا بها فى النيابة فإنه يجب على رئيس المحكمة أولا بمواجهتهم بتلك الشهادة المختلفة وسؤالهم عن سبب تغيرها في تحقيقات النيابة وأنه في تلك الحالة لابد لرئيس المحكمة أن يعتمد على أدلة ثبوت أثناء قيامه بإصدار الحكم فيالقضية.

المشير طنطاوي

ودعا المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض الأسبق هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني عن أسر الشهداء والمصابين إلى عدم الإحباط من تغيير بعض الشهود لأقوالهم وأنه يجب أن تستفيد بما يقال في صالح المتظاهرين والقضية من أقوال هؤلاء الشهود، وقال لquot;إيلافquot; إن الأصل أن للمحكمة وفقا لنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية السلطة المطلقة في تكوين موقفها وحتى يتحقق لها ذلك فللمحكمة أن تحقق في أدلة الدعوة تحقيقا كاملا أو جزئيا وفقا لما تراه مؤديا إلى تحقيق النتيجة المطلوبة لتحقيق العدل، مؤكدا أنه بناء على القضاء المستقر لمحكمة النقض أن المحكمة لا تتقيد بأقوال شهود الإثبات في أي مرحلة من مراحل التحقيق سواء في تحقيقات الشرطة أو النيابة أو في التحقيقات التي تجريها المحكمة.

وأضاف أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من هذه المراحل وتطرح ماعداه من أقوال لديهم في مصلحة أخرى دون أن تكون ملزمة في إبداء الأسباب التي من أجلها طرحت أقوال الشهود في مرحلة سابقة أو لاحقة.

كما أكد المستشار هشام جهينة رئيس محكمة استئناف القاهرة لـquot;إيلافquot; أن القانون أعطى الحق للقاضي في أن تكون الشهادة مجرد توضيح رؤية واستدلال لهعند التحقيق فى القضية وصدور الحكم، وأضاف أنه من حق المستشار أحمد رفعت الأخذ ببعض أقوال الشهود وترك الآخر أو تجنب الشهادة تماما والاعتماد على دلائل جديدة ومن غير المنطقي والطبيعي حصر قضية مبارك على شهادة الشهود سواء النفي أو الإثبات والتسرع بهذا الشكل سواء من قبل المحامين بالحق المدني أو أهالي الشهداء وإصدار أحكام ببراءة المتهمين أو إدانتهم فما زالت القضية تحتاج وقتا طويلا.

مستبعدا كذلك أن تكون شهادة المشير وعنان وسليمان عاملا حاسما للقضية ودلائل على قرب صدور أحكام بشأن قضية قتل المتظاهرين.
ويتوقع جهينة مفاجآت عديدة خلال الجلسات القادمة من خلال أقوال الشهود سواء الإثبات أو النفي.