مع بدء العام الدراسي في لبنان، ارتفعت اصوات اولياء الطلاب مطالبة بالحد من ارتفاع اقساط المدارس، ما يطرح السؤال عاليًا، كيف يمكن لعائلة متوسطة الحال في لبنان ان تؤمن اقساط مدارس خاصة مع العلم ان البديل اي المدارس الحكومية لا تناسب معظم الطلاب في لبنان.


بيروت: يتوجه القسم الاكبر من طلاب لبنان اليوم الى مدارسهم، في ظل ارتفاع اقساط المدارس الامر الذي ادى الى ارتفاع صوت اولياء الطلاب، مطالبين ببعض الرقابة، خصوصًا ان مصاريف شهر ايلول/سبتمبر تكاد ترهق كاهل كل العائلات اللبنانية من دون استثناء.

تنظر الي سعاد ( ام لولدين) بكثير من الغصة لتقول :quot; انا ام لولدين الاول في الصف الثالث والثاني في السابع، وفي العام الماضي كلفوني بحدود ال 10 ملايين ليرة لبنانية، مع العلم انني اضعهم في مدرسة كاثوليكية عادية، وليست مدرسة اجنبية او ارسالية، مع العلم انني لم اسجلهم في باص المدرسة فانا اتكفل بعد عملي بنقلهم الى البيت واخذهم الى المدرسة، وكالعادة في بداية العام يزودوننا باقساط، ويعلنون ان هذه الجداول غير نهائية وتابعة للتغيرات التي ستحصل كل عام، وكل قسط، تضيف، يلحقه زيادات خلال العام، وتقول سعاد:quot; انا وزوجي نعمل وبالكاد نؤمن اقساط اولادنا، لا اعرف كيف الازواج الذين لا تعمل زوجاتهم كيف باستطاعتهم تأمين تلك الاقساط المرتفعة عامًا بعد عام، وتقول سعاد:quot; بالنسبة للكتب فهذا العام ابني في الصف الثالث، العام الماضي كانت كتبه اغلى من هذا العام ولسبب بسيط لان هذا العام عليهم ان يتبعوا منهاج الدولة اي quot;البروفيهquot; وكان هناك بعض الكتب ذات الاسعار المقبولة مقارنة بالعام الماضي حيث كانت كل كتبه من فرنسا وثمنها باليورو ولا تقل عن 50 يورو للكتاب الواحد.

وتضيف سعاد رغم ذلك دفعت ما يقارب ال600 الف ليرة لبنانية لولديّ ولم نتحدث بعد عن القرطاسية وغيرها التي قد تكلف اكثر من 150 الف ليرة لبنانية.

وترى سعاد انه على الدولة ان تراقب هذا الموضوع، وهي غائبة تمامًا عن مراقبة الاسعار والاقساط، وكذلك لا تحسّن مدارسها العامة كي يضع الاهل اولادهم في مدارس عامة، وترفض سعاد وضع اولادها في مدارس الدولة، لانها دون المستوى كما تقول، وهي بحاجة اي المدارس الحكومية الى جدية ومراقبة اكثر والاساتذة الذين يعملون فيها وكأنهم في دوام ويريدون فورًا الانتهاء منه، وكلها بحاجة الى اصلاحات.

وتقول سعاد:quot; لدي هم ايصال اولادي الى جامعات خاصة في المستقبل، ولكن يجب ان نعيش كل يوم بيومه، ونتأمل ان تحصل معجزة حينها.

وبرأيها يجب ان يكون الحد الادنى للزوجين في لبنان 5 آلاف دولار كي يستطيعا تأمين اقساط اولادهم، وهي وزوجها لا يتعدى معاشهما الالفي دولار.

باتريسيا ام لثلاثة اولاد ومعلمة سابقة في المدارس الحكومية في لبنان تقول:quot; ان الاقساط المدرسية لا تطاق اليوم، وتتساءل كيف يمكن للاهل تعليم اولادهم في ظلها، ولا بديل للمدارس الخاصة، لان برأيها يجب اقفال المدارس الحكومية في لبنان لانها غير نافعة، وتضيف:quot; درّست في مدارس حكومية ولكنني لم اضع اولادي هناك، لانني اعرف الوضع فيها، رغم انه قديمًا كان هناك تفتيش داخل المدارس الحكومية ومراقبة، مع دوام كامل كان هناك ثانويات حكومية مشهورة مثل ثانوية شفيق سعيد ومدام عون، كان هناك ضمير مسلكي في السابق اما اليوم فالاستاذ في المدارس الخاصة لا يدرس اكثر من ساعة ويعود الى بيته، واليوم في كل مدرسة فيها 60 تلميذًا تشهد وجود 60 استاذًا ايضًا، وهذا يشكل هدرًا في الدولة.

وتضيف باتريسيا:quot; هناك بعض المدارس التي تساعد الاهالي الفقراء فهناك مدارس تضع 3 اقساط واحد للميسورين وآخر للوسط وثالث للفقراء.

وتقول باتريسيا:quot; اللبناني قد يبيع كل ما يملك بهدف تعليم اولاده، ورأسماله تعليم ابنه، واكبر دليل عندما يتوجه الطلاب اللبنانيون الى الخارج يبرعون في كل المجالات.

وتفيد آخر الإحصاءات عن نسبة الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة في لبنان في مقارنة مع إجمالي عدد المسجلين في المدارس في السنة الدراسية 2009ــ2010، بأن هذه النسبة تخطّت الـ69 في المئة، وبالتالي لا يوجد سوى 31 في المئة من الطلاب مسجلين في المدارس الرسمية. وفي معادلة كهذه، لا يمكن الاحتكام إلى هذه النسبة للقول إن الوضع الاقتصادي في لبنان جيد. فالاستنتاج الواقعي هو أنه حتى الفقراء يفضلون أن quot;يشحذواquot;، على أن يسجلوا أولادهم في المدارس الرسمية. ومن هنا، فإن أكثر من نصف طلاب المدارس في لبنان سيصطدمون في بداية السنة الدراسية 2011ــ2012 بزيادة أقساطهم. وهذا الموضوع ليس تكهنًا اذ يدفع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة إلى زيادة القسط المدرسي العام المقبل بمعدل 300 ألف ليرة عن كل طالب، على أن يرتفع هذا المعدل لدى المدارس التي تضم أكثر من 1500 طالب. وسبب الزيادة هذه بحسب أصحاب هذه المدارس هو زيادة الدرجات الأربع ونصف الدرجة التي أقرت لمعلمي مرحلة التعليم الأساسي.