بيروت: تزايد الحديث مؤخراً عن احتمال أن توجه إسرائيل ضربة عسكرية لإيران، على الرغم من عدم موافقة الولايات المتحدة التي تفضّل أن تمهل تل أبيب العقوبات بعض الوقت لتأخذ مفعولها.

التهديدات الإسرائيلية أثارت جدلاً في واشنطن حول جدوى الهجوم العسكري ومدى قدرته على تحقيق أهدافه، إذ يشكك المحللون في قدرة إسرائيل العسكرية على تنفيذ العملية العسكرية، وسط نخوف من أن تضطر واشنطن إلى أكمال المهمة في حال عجزت إسرائيل عن ذلك.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن إسرائيل تحتاج إلى 100 طائرة حربية لتوجيه ضربة عسكرية ضد المفاعلات النووية في إيران، واصفة هذه المهمة بالصعبة والمستحيلة إذا وضع في الاعتبار قوة منظومة الدفاع الجوي الإيراني.

في الوقت الذي وصل فيه مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي توم دونيلون ورئيس الاستخبارات الوطنية جيمس كليبر إلى إسرائيل أمس الأحد، يؤكد خبراء أمنيون مقربون من البنتاغون أن بضعة عمليات من هذا النوع من شأنها إصابة المنطقة بالإرباك.

واعتبرت الصحيفة أن الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية سيكون بمثابة quot;مهمة صعبة وخطيرة تتطلب استخدام ما لا يقل عن 100 طائرة فوق إيران، وتزود بالوقود في الجو، إضافة إلى هجوم متزامن على عدة منشآت نووية، ومواجهة الدفاعات الإيرانية.

وأوضحت مصادر عسكرية إلى أن المشكلة الرئيسية التي ستواجه إسرائيل في حال ضرب إيران هي كيفية الوصول إلى المفاعلات الأربعة لتخصيب اليورانيوم في ناتانز، فورد بالقرب من مدينة قم، آراك وأصفهان.

إذا أرادت إسرائيل قصف المنشآت النووية الأربعة، فستكون المشكلة الأولى هي في كيفية الوصول. في هذا السياق، يشير الخبراء العسكريون إلى ثلاثة مسارات ممكنة للوصول إلى هذه الأهداف: من الشمال عن طريق تركيا، أو من الجنوب عن طريق السعودية، أو المسار المركزي الذي يمر فوق الأردن والعراق.

المسار الأخير يعتبر الأكثر منطقية لأن الدولة التي تبني نفسها بعد الحرب (العراق) لا تملك أية دفاعات جوية، وبعد الانسحاب الأميركي ليس هناك أية التزامات أميركية للدفاع عن أجواء بغداد.

أما المشكلة الثانية التي تواجه إسرائيل فهي المسافة، حيث أنها تصل إلى نحو 3,200 كيلومتر ذهاباً وإياباً، بدون احتساب الزمن اللازم للتحليق فوق الأهداف، وإمكانية القيام بمناورات للتهرب من الصواريخ المضادة للطيران، والطائرات الإيرانية. وبناء على ذلك، فإن الطائرات ستكون بحاجة للتزود بالوقود في الجو.

وفقاً لما نقلته الـ quot;نيويورك تايمزquot; فإنه من غير المؤكد ما إذا كانت إسرائيل تملك ما يكفي من طائرات التزويد بالوقود في الجو لتنفيذ عملية الهجوم، إذ يوجد لديها 8 طائرات quot;بوينغ 707quot; تم تحويلها إلى حاويات جوية، وليس من المؤكد إن كانت هذه الطائرات صالحة جميعها للاستخدام. ولم يستبعد محلل عسكري أن تكون إسرائيل قد قامت بتحويل طائرات أخرى إلى طائرات تزويد بالوقود في الجو.

ويقول أحد المحللين العسكريين أن طائرات التزويد بالوقود بحاجة أيضاً إلى طائرات قتالية لحمايتها، الأمر الذي يعني أن عدد الطائرات المطلوبة لتنفيذ المهمة يتصاعد.

إضافة إلى ما سبق، تحتاج إسرائيل إلى استخدام طائرات للحرب الالكترونية من أجل اختراق المجال الجوي الإيراني، وتشويش محطات الرادار. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا الدفاعية الإيرانية قديمة نسبيا (روسيا رفضت بيعها صواريخ quot;أس 300quot;)، إلا أنه لا يمكن تجاهلها، إذ بإمكان الصواريخ الإيرانية أن تدفع الطائرات الإسرائيلية إلى إلقاء القنابل قبل أن تصل إلى الأهداف.

وأشارت الصحيفة إلى مسألة مخزون القنابل في إسرائيل التي تستطيع اختراق مفاعل نتنز، والذي تشير التقديرات إلى أنه محمي بجدران من الإسمنت المسلح تصل سماكتها إلى 10 أمتار، وكذلك مفاعل بوردو المقام في جوف جبل.

على افتراض أن إسرائيل لن تستخدم أسلحة نووية، إلا أنها تملك قنابل أميركية خارقة للتحصينات من طراز quot;جي بي يو 28quot;، والتي تزن أكثر من 2 طن.

أما بالنسبة لإمكانية تدخل الولايات المتحدة، قالت الصحيفة ان الولايات المتحدة تستطيع تنفيذ هجوم باستخدام قاذفات وطائرات شبح وصواريخ إلى جانب طائرات بدون طيار تصور النتائج وتساعد في توجيه الهجمات.

وخلافاً لإسرائيل فإن لدى الولايات المتحدة قدرات ملموسة في التزود بالوقود في الجو، كما أنه بإمكان القاذفات الأميركية التحقيق من قواعد عسكرية في قطر أو المحيط الهندي أو من بريطانيا أو من الولايات المتحدة نفسها.

ونقل التقرير عن مصادر أمنية أميركية قولها إنه سيكون من الصعب اختراق المنشآت النووية الإيرانية المحصنة، ولذلك يجري العمل على تطوير quot;خارق التحصيناتquot; المتطور والذي يزن نحو 13 طناً، وجرى إنتاجه خصيصاً لكوريا الشمالية وإيران.

ونقلت الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن الجنرال المتقاعد بالستخبارات الأميركية ديفيد دبتولا، والذي شارك في التخطيط للقصف الجوي الأميركي في أفغانستان وحرب الخليج الثانية، إن توجيه ضربة إلى إيران quot;لن يكون بالأمر السهلquot;.

من جهته، قال مايكل هايدن، المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية إن quot;الضربات الجوية القادرة على وضع حد لبرنامج إيران النووي تفوق قدرات إسرائيلquot;، مشيراً إلى أن السبب هو المسافات البعيدة التي يتعين على الطائرات الإسرائيلية اجتيازها للوصول إلى الأهاف الإيرانية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين اعتبارهم انه من الصعب اختراق التحصينات الإيرانية، ويخشون من رد فعل إيراني يستهدف إسرائيل، الأمر الذي قد يؤدي إلى نشوب حرب واسعة في الشرق الأوسط.