باعلانهم خوض السباق على الرئاسة المصرية يطمح الإخوان المسلمون إلى السيطرة على مقاليد البلاد كلها، بعد أن هيمنوا بالفعل على البرلمان وعلى اللجنة التأسيسية المكلفة وضع الدستور الجديد للبلاد، إلا أن بعض المراقبين يرون أن هذا الرهان قد لا يكون سهلاً.


القاهرة: يهدف خيرت الشاطر، وهو رجل اعمال ناجح وسياسي أمضى سنوات خلف القضبان في عهد مبارك، الى وضع جماعة الاخوان المسلمين على قمة السلطة للمرة الاولى في تاريخها الذي يعود الى 84 عاماً. لكن ترشحه للرئاسة كشف عن وجود انقسامات في صفوف الجماعة وأثار قلق الليبراليين وقد يزيد من حدة الخلاف مع المجلس العسكري الحاكم.

وحتى قبل أن يبدأ حملته الانتخابية اصبح الشاطر بفضل القاعدة الشعبية الواسعة للاخوان المسلمين في مصاف المرشحين البارزين للمنصب الذي تولاه مبارك لمدة 30 عاماً قبل الاطاحة به العام الماضي. وأعلنت جماعة الاخوان مساء السبت ترشيح خيرت الشاطر، النائب الاول لمرشدها الاعلى محمد بديع، للرئاسة وهو رجل اعمال واسع الثراء يعتقد أنه الممول الاول للجماعة والمشرف على ادارة مواردها المالية.

وقد ادى هذا الاعلان الى خلط الاوراق وقلب المشهد السياسي قبل اقل من شهرين على اول انتخابات رئاسية بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011 ، والمقرر أن تُجرى دورتها الاولى في 23 و24 ايار/مايو المقبل.

ويقول مصطفى كامل السيد، استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن quot;الاخوان المسلمين يسعون الى امتلاك كل ادوات السلطة في البلاد لذلك فلا شيء يثير الدهشة في أن يكون لهم مرشح للرئاسةquot;. ويضيف: quot;بعد فوزهم الكبير في الانتخابات التشريعية من الممكن أن تكون امامهم فرص كبيرة في الوصول الى الدورة الثانيةquot; من الانتخابات الرئاسية.

الا أن الخبير السياسي والكاتب الصحافي حسن نافعة يرى أن المعركة لن تكون سهلة بالنسبة للاخوان الذين quot;يمكن أن تمثل رغبتهم المتزايدة في الهيمنة خطورة شديدة عليهم وأن تؤدي الى حالة استقطابquot; في البلاد.

واضاف: quot;سيبدون وكأنهم يريدون السيطرة على جهاز الدولة بأكمله والتخلي عن وعودهم بالتعاون لا بالسيطرةquot;. وقد اكد الاخوان المسلمون لأشهر طويلة رغبتهم في دعم مرشح توافقي يتبنى افكارهم لكن يكون من خارج الجماعة، وذلك حتى لا يعطوا الانطباع بالرغبة في احتكار السلطة. وقد سبقت الاعلان عن رجوعهم عن هذا القرار أيام عدة من النقاشات الداخلية الصاخبة.

ويأتي الاعلان عن ترشيح الشاطر ليزيد من تفاقم الازمة التي أثارتها تشكيلة اللجنة التأسيسية المكلفة وضع الدستور القادم، والتي قاطعتها الاحزاب العلمانية واليسارية بل وحتى المحكمة الدستورية العليا والازهر الشريف احتجاجاً على سيطرة الاخوان والسلفيين على هذه اللجنة، وعلى اقصاء فئات عدة من المجتمع منها.

وقد بررت الجماعة الرجوع في وعدها واختيار الشاطر quot;المرشح الوحيدquot; للاخوان بـquot;المتغيّرات والتحديات التي تمر بها الثورة الآن والتهديدات التي تواجهها، وبعد دراسة كاملة للموقف وما يصبو إليه شعبنا العظيم من آمال وطموحاتquot;.

وايضا بـquot;التلويح والتهديد بحل مجلسي الشعب والشورى المنتخبين لاول مرة بإرادة شعبية، الامر الذي ينذر باجهاض الانجاز الاهم للثورة والدفع بمرشح رئاسي أو اكثر من بقايا النظام السابق ودعمهم من فلول الحزب المنحل في محاولة لانتاج النظام السابقquot;.

وتقصد الجماعة بذلك الامين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى أو احمد شفيق آخر رئيس وزراء لمبارك. وربما ايضاً يكون ما تردد عن امكانية ترشح مدير المخابرات العامة السابق اللواء عمر سليمان، الذي كان لفترة طويلة من أشد اعداء الاسلاميين، للرئاسة، قد أجج قلق هذه الجماعة.

من جهة أخرى، يواجه الشاطر ايضاً منافسة قوية من مرشحين آخرين ينتمون الى التيار الاسلامي سبقوه في خوض السباق مثل السلفي المتشدد حازم صلاح ابو اسماعيل، الذي يملك شعبية قوية، وعبد المنعم ابو الفتوح، القيادي الاخواني السابق، والذي رغم تخلي الجماعة عنه لخروجه عن اوامرها يحظى بتأييد الكثير من شباب الاخوان.

واعتبر نافعة أن quot;الاخوان بتقديم مرشح للرئاسة رغم وعودهم السابقة بعكس ذلك، اتخذوا خياراً صعباً خاصة مع وجود اسلاميين آخرين سبقوهم في خوض السباقquot;.

وترى رباب المهدي، الاستاذة في الجامعة الاميركية في القاهرة، أن النقاشات الداخلية الحادة، التي سبقت قرار الجماعة التقدم بمرشح للرئاسة، تنم عن وجود خلافات بشأن الاستراتيجية الواجب اتباعها. وقالت إن لدى الاخوان quot;آلة سياسية قوية لكنهم استنفدوا كل الفرص في العثور على مرشح توافقي. وخيرت الشاطر كان في الحقيقة ورقتهم الاخيرةquot;.