تحذير من خطر تسليح مختلف الأطراف السورية |
أظهرت التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون حول ارسال روسيا مروحيات هجومية الى سوريا، إحباط الولايات المتحدة تجاه الموقف الروسي رغم الإدانات الدولية لحملة النظام السوري الوحشية، في حين أكدت روسيا أن الأسلحة المصدرة يمكن ان تُستخدم في الدفاع عن النفس.
لندن: دفعت الانتفاضة السورية إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما الى موقف يزداد صعوبة، فيما أخذ النزاع يبدي علائم على تحوله الى حرب أهلية شاملة مع توالي الأدلة على تدفق أسلحة جديدة فتاكة الى النظام السوري، ومقاتلي المعارضة على السواء.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون يوم الثلاثاء، إن روسيا تشحن مروحيات هجومية الى سوريا، يمكن ان يستخدمها الرئيس بشار الأسد لتصعيد حملة البطش التي يواصلها نظامه ضد المدنيين والمعارضين لحكمه. وتعكس تصريحات كلنتون إحباط الإدارة الأميركية إزاء موقف روسيا التي استمرت في إمداد حليفها الرئيسي في الشرق الأوسط بالسلاح، رغم الإدانات الدولية لحملة النظام الوحشية.
وتؤكد روسيا أنها لا تصدر الى سوريا إلا أسلحة يمكن ان تُستخدم في الدفاع عن النفس.
في غضون ذلك، أفادت تقارير أن قوات النظام تستخدم المروحيات ضد مواقع المعارضة ومعاقلها في شمال غرب سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن 63 شخصا قُتلوا يوم الثلاثاء في اشتباكات بين المعارضة وقوات النظام، ثلثهم جنود فيما اصدرت الأمم المتحدة تقريرا يتهم النظام السوري بقتل الاطفال وتعذيبهم واستخدامهم دروعا بشرية.
وتأتي هجمات النظام الشرسة باستخدام السلاح الجوي ردا، من بين اسباب اخرى، على تطور تكتيكات قوى المعارضة وتلقيها أسلحة أقوى مؤخرا، بينها قاذفات مضادة للدبابات من تركيا بتمويل من العربية السعودية وقطر، بحسب صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن اعضاء في المجلس الوطني السوري وناشطين آخرين.
وقال هؤلاء الناشطون للصحيفة إن الأسلحة تتدفق على المعارضة بعد التشاور مع الولايات المتحدة. وقال مسؤولون في واشنطن، إن الولايات المتحدة لا تشارك في شحن الأسلحة الى الثوار، ولكنها تعلم أن دولا مجاورة لسوريا تقوم بذلك وأنه من المهم التوثق من عدم وقوع هذه الأسلحة بأيدي عناصر من تنظيم القاعدة أو جماعات ارهابية أخرى.
وتهدد ضراوة القتال المتصاعدة والأسلحة الأشد فتكا التي يتلقاها الطرفان بالطغيان على الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة. ويواصل المبعوث الأممي العربي كوفي انان جهوده للضغط على دمشق، من أجل حملها على وقف العنف. ولكن كلنتون قالت انه إذا لم يوقف الأسد أعمال العنف بحلول منتصف تموز(يوليو)، فان الأمم المتحدة لن يكون أمامها من خيار سوى إنهاء مهمة المراقبين الدوليين في البلاد.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين في وزارة الخارجية، ان كلنتون ما زالت تعمل من أجل التوصل الى عملية انتقال quot;موجهةquot;، يتنحى الأسد في اطارها. ولكن دور روسيا يعتبر بالغ الأهمية، ومن المؤكد أن اتهام كلنتون للكرملين بإرسال مروحيات هجومية، سيزيد حدة التوتر مع موسكو قبل أقل من أسبوع على اللقاء المرتقب بين اوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة مجموعة العشرين في المكسيك.
وامتنع المسؤولون في الإدارة الأميركية عن الخوض في التفاصيل بشأن المروحيات الروسية، قائلين ان المعلومات مصنفة. ولكن صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن مصادر في البنتاغون، أن كلنتون كانت تشير الى مروحيات عسكرية روسية يملكها النظام السوري أصلا، لكنه لم يستخدمها حتى الآن لضرب قوى المعارضة. وفي حين ان هذه المروحيات وهي من طراز أم آي ـ 24 يقودها طيارون سوريون، فان روسيا توفر قطع الغيار وأعمال الصيانة.
وقال الناطق باسم البنتاغون الكابتن جون كيربي ان وضع المروحيات ليس مهما بقدر أهمية العنف الذي يُمارس ضد المناوئين للنظام السوري. وأكد كيربي ان الاهتمام يجب ان ينصب على ما يفعله نظام الأسد بشعبه وليس على المخازن والمستودعات التي يفتحها لاستخدام ما فيها من سلاح.
ويسهم استخدام المروحيات في تزايد الاحساس بأن ما يجري في سوريا يمكن حقا ان يوصف بالحرب الأهلية، كما أشار رئيس قسم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة هيرفيه لادسوس. وقال لادسوس إن النظام السوري فقد رقعا واسعة من الأرض، ومدنا عديدة للمعارضة، وهو يسعى لاستعادة السيطرة عليها. وأضاف أن لدى الأمم المتحدة الآن تقارير مؤكدة ليس عن استخدام الدبابات والمدفعية فحسب، بل والمروحيات الهجومية ايضا.
ويتحفظ قادة المعارضة بشأن استخدام عبارة الحرب الأهلية في وصف الوضع، لأنها توحي بأن النزاع يخوضه طرفان متعادلان تقريبا.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري سمير نشار quot;ان الحرب الأهلية لن تأتي على حين غرة، في يوم او يومين، بل يتعين أن يرى المرء كيف تتغير الأمور تدريجيا على الأرضquot;. وتساءل نشار quot;هل يمكن ان تقول للناس quot;لا تدافعوا عن أنفسكم؟quot;quot;
كما تعامل أعضاء آخرون في المجلس الوطني السوري بحذر مع تصريحات كلنتون، مشيرين الى أن من الأسرار المكشوفة منذ أشهر أن الروس يمدون النظام بالسلاح. وان تقارير كانت تتوالى عن رسو سفن روسية محملة بالسلاح في موانئ سورية.
كما تحدث أعضاء في المجلس من اسطنبول، عن المساعي الرامية الى مد المعارضة بالسلاح وخاصة بالقذائف المضادة للدبابات التي تقوم شاحنات تابعة للجيش التركي بإيصالها الى الحدود السورية، حيث تُنقل الى مهربين يتكفلون بإدخالها الى سوريا.
وكانت تركيا نفت مراراً تقديم أي شيء يزيد على المساعدات الإنسانية الى المعارضة، وخاصة في مخيمات اللاجئين قرب الحدود. وعمدت تركيا مؤخرا الى التشدد في السماح بزيارة هذه المخيمات. وانتظر اثنان من الصحافيين العاملين في المنطقة الأسبوع الماضي خمسة أيام، دون ان يحصلوا على موافقة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين في المعارضة السورية طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أن تركيا لا تتحرك بمفردها بل بدعم مالي من قطر والعربية السعودية وبعد التشاور مع الولايات المتحدة.
وقال المسؤولون إن الأسلحة الجديدة وصلت الى ضواحي دمشق، ولكن ليس الى العاصمة السورية نفسها. ويبدو أن تسليح المعارضة بالقذائف المضادة للدبابات أجبر النظام على التردد في استخدام الدروع حول المراكز الحضرية، بحسب مصادر في المجلس الوطني السوري.
وبالنسبة للبنتاغون فان الحديث عن تسليح روسيا للنظام السوري اتخذ منحى غريبا يوم الثلاثاء، عندما احتج عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري جون كورنين بأن الجيش الأميركي يبتاع مروحيات هجومية للجيش الأفغاني من الشركة الروسية نفسها التي تبيع هذه المروحيات للنظام السوري.
ودافع جورج ليتل الناطق باسم البنتاغون عن شراء المروحيات من شركة روسوبورون اكسبورت الروسية، قائلا انها ضرورية لمساعدة افغانستان على بناء قواتها المسلحة للدفاع عن نفسها وان القضية تختلف عن ارسال شحنات اسلحة الى سوريا كي يستخدمها النظام لقتل المدنيين.
التعليقات