بعد اقرار بند تمويل المحكمة الدولية في لبنان المتخصصة بقضية اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، كثرت التساؤلات حول مصدر التمويل خصوصًا أنه جاء من خارج مشروع موازنة مجلس الوزراء.


بيروت: نفت اوساط رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي ما تم ترويجه حول تمويل المحكمة الدولية بأنه تم مقابل وقف المساعدات الاستشفائية للنازحين، وشددت المصادر على أن الحكومة فصلت منذ البداية الموضوع الانساني لهؤلاء عن أي أمر آخر، وكان ميقاتي قد صرح بعد جلسة لمجلس الوزراء امس quot;أنه تم تحويل حصة لبنان من تمويل المحكمةquot; من دون أن يعطي تفاصيل اضافية حول المبلغ أو مصدر المال. واشار الى أنه تم سحب بند التمويل من الموازنة العامة للعام 2012 التي اقرها مجلس الوزراء الاربعاء، لانعدام الحاجة اليه بعد أن تم الدفع. في هذا الصدد، يؤكد النائب مروان فارس (عضو كتلة الحزب السوري القومي الإجتماعي) في حديثه لـquot;إيلافquot; أن المحكمة ليست ذات فائدة في هذه المرحلة خصوصًا أن هنالك إجراءات قانونية تابعة لا بد من الانتظار لإظهارها، وفي كل الاحوال تمويل المحكمة تم بحسب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من خارج مشروع موازنة الدولة، والى الآن لا احد يعلم المكان الذي تتم منه عملية التمويل، البعض يقول إن مصرف لبنان تحمَّل مسؤولية ذلك، والبعض الآخر يقول إن ميقاتي يتعامل مع لجنة خاصة لتمويل المحكمة الدولية، بكل الحالات خروج الموضوع من الموازنة العامة مسألة جيدة، ومن الاساس، يضيف فارس، quot;المحكمة غير شرعية، لم يوافق عليها لا المجلس النيابي ولا رئيس الجمهورية، ويجب اعادة النظر بها quot;.

ويضيف فارس:quot; الحديث عن أن تفعيل دور المحكمة يخفف من الاغتيالات في لبنان أمر غير دقيق 100%، ولن تصل المحكمة الى نتيجة، ولا دور لها في ذلك، لان الدور الاساسي المطلوب لتخفيف موجة الاغتيالات يعود الى اجهزة الامن اللبنانية وليس المحكمة الدولية، لأن لا سلطات لها داخلية في لبنان بل فقط سلطة معنوية خارجية.

ماذا لو لم يلتزم لبنان تمويل المحكمة ما الذي كان سيحدث؟ يجيب فارس:quot; اعترفت المحكمة أنها استلمت المبلغ المقرر للعام 2012، ولم تحصل اعتراضات من قبل القوى السياسية على الموضوع، والامور تمشي على الطريقة اللبنانيةquot;.

عن اعتبار البعض أنه تمت المقايضة بين انهاء المساعدات للنازحين من طرابلس الى الشمال وبين اقرار المحكمة الدولية، يقول فارس :quot; المساعدات الانسانية للنازحين تأخذ اليوم طابعًا سياسيًا، ولبنان وضع نفسه في سياسة النأي بالنفس، وربما لسنا مع هذه السياسة، ولكن موضوع النازحين اصبح سياسيًا ولم يعد انسانيًا.

على المدى الطويل هل يستطيع لبنان ايفاء تمويل المحكمة الدولية؟ يجيب فارس:quot; نحن ضد مشروع المحكمة من اساسه، لانه لم تصدر أي محكمة دولية أي قرار يكشف عن الحقيقة في أي مكان من العالم، حتى اليوم لم يعرف احد من قتل الرئيس الاميركي جون كينيدي.

القانون مع الالتزام

يرى الخبير في القانون الدولي الدكتور شفيق المصري، أن quot;الإلتزام ببند تمويل المحكمة الدولية يقع على عاتق الدولة اللبنانية ايًا كانت الحكومة التي تمسك بالسلطة، وبالتالي فإن الدولة لا تستطيع التنكر لإلتزاماتها تجاه المحكمةquot;. ويقول quot;إن مسألة إدراج بند تمويل المحكمة في الموازنة أو عدم إدراجه، وتوفر المال لذلك أو عدم توفره، لن تعفي لبنان من إلتزاماته الدولية، التي ليس أمامه الا الوفاء بها والمسارعة الى دفعهاquot;.

ويعتبر أن quot;التجاذبات القائمة داخل الحكومة لن تغيّر في مسلمات هذه القضية شيئًا، وبالنتيجة هذه الأموال دفعت سواء عبر الموازنة أو عبر صناديق أخرى، كما حصل في العام الماضي، وهذا لا يعني المحكمة سواء حصل الدفع فوق الطاولة أو تحت الطاولة، فالمهم لديها أن يسدد هذا المبلغ لميزانيتهاquot;.

ويرى المصري أن quot;قانون إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، هو عبارة عن معاهدة دولية وقّعت بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة، وهذه المعاهدة تلزم الدولة اللبنانية بدفع ما يتوجب عليها وهي تبقى ديونًا خارجية بذمة الدولة أيًا كانت الإعتراضات على ذلكquot;. مذكرًا بأن quot;قرار مجلس الأمن رقم 1757 الذي أنشأ المحكمة تحت الفصل السابع، يقول إذا عجزت الدولة عن الإيفاء بإلتزاماتها، يخوّل الى الأمين العام (للأمم المتحدة) جمع التبرعات من دول أخرى، لكن رغم تأمين الأموال يكون لبنان أخلّ بموجب تعاقدي بينه وبين الأمم المتحدة، وهذا الأمر يعرفه جيدًا الرئيس نجيب ميقاتي ويدرك أهميته، ولذلك هو لا يتردد عن إيجاد المخارج لهذا التمويل كي لا يعرض لبنان لتبعاتquot;.