رغم ضعف سيطرتهم على بعض مناطق مدينة حلب السورية، إلا أنه بدا واضحاً أن الثوار ليس في حوزتهم نوعية الأسلحة التي يحتاجون للرد من خلالها على الهجوم الشامل الذي تشنه قوات الأسد.


دمشق: مع بدء احتدام أعمال العنف والقتال في مدينة حلب، بدأت تواجه قوات الثوار غير المسلحة بشكل جيد العديد من الصعوبات في المواجهات التي تخوضها ضد دبابات الأسد.

ورغم تأجيل اشتعال القتال هناك عدة أيام، إلا أن هجوماً شاملاً تم إطلاقه في نهاية المطاف على الأحياء التي تخضع لسيطرة الثوار في المدينة القديمة حين احتشدت وحدات الجيش السوري خارج المدينة، وهو الهجوم الذي جاء بمثابة الصدمة للمقاتلين.

ولفتت في هذا السياق اليوم صحيفة التلغراف البريطانية إلى أنه ومنذ اللحظة التي انطلق فيها آذان صلاة الفجر مخترقاً بنايات الشقق السكنية الممتلئة بالرصاصات، حيث اختبأ الثوار هناك لمدة أسبوع، بدأت تتعالى أصوات انفجارات القذائف بشكل كبير.

معركة حلب تكشف ضعف تسليح الثوار مقارنة بالجيش النظاميّ

وتحدثت الصحيفة بعدها عن أصوات الطلقات النارية التي كانت تسمع بوضوح بين صفوف الثوار المقاتلين، في الوقت الذي كانت تسعى فيه وحدات القناصة التابعة للجيش السوري إلى تصفية أهداف رئيسية قبيل التقدم المسلح للمركبات داخل المدينة.

وأشارت الصحيفة بعد ذلك إلى أنه وعلى مدار يوم أمس، قام مئات من المقاتلين المتشرذمين الذين يعارضون استمرار حكم الرئيس بشار الأسد بمحاولات مضطربة أخيرة، على نحو يائس، للدفاع عن الأراضي التي سبق لهم السيطرة عليها على جانبي حلب.

ثم تحدثت الصحيفة عن صعود الثوار المزودين بعتاد محدود وغير كافٍ إلى شاحنات صغيرة مزودة فقط ببنادق هجومية في الوقت الذي كانوا يتحضرون فيه لخوض غمار القتال.

ومضت تنقل عن أحدهم ويدعى نديم الصباح وهو يحمل بندقية غير مزودة بقدر كافٍ من الطلقات قوله :quot; جميعنا يريد أن يموت إن كانت تلك هي إرادة الله. ونحن نريد أن نناضل ونقاتل من أجل أن نحصل على حريتنا ونحن سعداء وراضون بمصيرناquot;. لكن مع بدء سقوط ضحايا بين صفوفهم، مع احتدام القتال، خاصة وأنهم كانوا يحرسون إحدى نقاط التفتيش على الطريق المؤدي إلى المطار، تبين أنهم أصيبوا بالعديد من الطلقات النارية، وفقاً لما شهد به أحد المقاتلين الذين عادوا مع الجثث.

وأعقبت التلغراف بقولها إنه وعلى الرغم من ضعف سيطرتهم على بعض مناطق في المدينة، إلا أنه بدا واضحاً أن الثوار ليس في حوزتهم نوعية الأسلحة التي يحتاجون للرد من خلالها على الهجوم الشامل، ولم يتمكنوا من تطوير الكثير من المعاقل الدفاعية التي ستكون من شأنها تكثيف الجهود الرامية إلى درء الهجمات التي يتعرضون لها.

وأضافت الصحيفة أنه وبالإضافة الى ذلك، تقل على ما يبدو احتمالات وصول تعزيزات إلى الثوار، وقد اعترف في هذا السياق أبو توف، أحد أبرز القادة المحليين، إن الهيمنة الأصلية على حلب كانت ثمة مسألة ارتجالية، حيث تم التخطيط لها من دون أوامر من الجيش السوري الحر، وهو الجهة التي تقود العمليات العسكرية المناوئة للأسد.

وفي ظل هذه المواجهة غير المتكافئة، نوهت الصحيفة إلى أن هناك أحاديث عن تقديم مساعدات من جانب مقاتلين إسلاميين يقال إنهم جاؤوا من الخارج، فيما أشار تقرير تم نشره يوم أمس إلى أن الآلاف من مخضرمي الصراع الليبي دخلوا مؤخراً إلى سوريا تحت قيادة أحد القادة السابقين المناوئين لنظام العقيد الراحل معمر القذافي.

بيد أن الصحيفة حذرت من أن مثل هذا التدفق القادم من الخارج قد يتسبب في عزل سكان المدينة الفخورين بتاريخها الممتد على مدار خمسة آلاف عام. وأردفت بنقلها عن رجل من سكان المدينة قوله :quot; لقد جددت ثقتي في الأسد، فهو رجل صالح. وهؤلاء الناس ( ويقصد الثوار ) هم من يقودوننا نحو الفوضى. وحلب هي العاصمة الاقتصادية للبلاد، وهي البوابة التي تقود إلى تركيا وإلى التجارة الدولية. ويتم حالياً تدمير كل شيء من خلال ممارساتهم وأنشطتهم القتاليةquot;. وذلك في الوقت الذي تم الترحيب فيه بالثوار من جانب المسلمين السنة الفقراء والمحرومين من حقوقهم إلى حد بعيد في المدينة، في حين يبدو أن قلبها التجاري مازال موالياً للحكومة.

وختمت الصحيفة بتأكيدها أن التحدي الحقيقي الذي يواجهه النظام قد بدأ للتو، خاصة في ظل وجود مؤشرات كثيرة تدل على عزم الحكومة تكثيف حدة هجماتها.