الأخضر الابراهيمي رجل المهمات الصعبة يواجه مهمة معقدة في سوريا

على الرغم من أنه تعاطى مع أكثر النزاعات تعقيداً، تعتبر مهمة الأخضر الابراهيمي المبعوث الدولي الجديد الى سوريا شديدة الصعوبة، بدليل اعترافه أنه يشعر بثقل العبء الملقى على عاتقه.


عبدالاله مجيد من لندن، وكالات: ندد الوسيط الجديد للامم المتحدة والجامعة العربية في سوريا الاخضر الابراهيمي الثلاثاء بسقوط عدد quot;هائلquot; من الضحايا طالبا quot;دعم الاسرة الدوليةquot; لمهمته.

وقال امام الجمعية العامة للامم المتحدة ان quot;حصيلة الخسائر البشرية (في سوريا) هائلة والدمار وصل الى نسب كارثية والالام كبيرة جداquot; مضيفا ان quot;دعم الاسرة الدولية امر لا بد منه وملح جداquot; ومحذرا من ان الوضع quot;لم يكف عن التدهورquot;.

واشار الابراهيمي الى انه سيتوجه quot;خلال بضعة ايامquot; الى القاهرة للقاء الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي.

كما لفت الى نيته اجراء اولى زياراته منذ تسلمه مهامه الى دمشق quot;خلال ايامquot; وزيارة quot;كل البلدان القادرة على المساعدة في انجاز عملية سياسية يقودها السوريون انفسهمquot; لحل الازمة.

ولم يعط الوسيط الدولي اي مواعيد محددة لهذه الزيارات.

وبحسب وزارة الخارجية السورية فإن الابراهيمي سيزور دمشق quot;قريباquot; للبحث في النزاع الذي اسفر عن اكثر من 26 الف قتيل خلال قرابة 18 شهرا.

الامتحان الأصعب

ليس من التحديات المألوفة أن تُنفذ مهمة quot;شبه مستحيلةquot; حتى وإن كان من يضطلع بها شخص متمرس مثل الأخضر الابراهيمي. فان المبعوث الدولي الجديد إلى سوريا تعاطى مع عدد من أشد النزاعات تعقيدا في العالم على امتداد نصف قرن من العمل الدبلوماسي. ولكن الابراهيمي الذي تسلم منصب المبعوث الدولي بعد استقالة كوفي انان، اعترف يوم الاثنين بأنه يشعر بثقل العبء الملقى على عاتقه.

وبخلاف انان، لم يذهب الابراهيمي إلى حد القول بصراحة ان على الرئيس السوري بشار الأسد ان يرحل. ولكن سيتعين عليه، كما حدث مع سلفه، ان يحاول تذليل الانقسامات العميقة في مجلس الأمن الدولي والفجوة التي تبدو عصية على الردم بين النظام السوري والمعارضة بعد 18 شهرا من سفك الدماء الذي راح ضحيته نحو 20 الف قتيل حتى الآن.

وقال الابراهيمي في معرض الحديث للبي بي سي عن مهمته quot;ادرك كم هي صعبة، انها تقريبا مستحيلة، لا استطيع ان اقول انها مستحيلة بل تكاد تكون مستحيلةquot;. واضاف quot;نحن لا نعمل الكثيرquot;.
وأكد انه يخشى ثقل المسؤولية التي تحملها مهمته، مشيرا إلى بعض المخاوف حيالها، كما أعرب عن تفهم إحباط البعض من غياب تحرك دولي في سوريا.

بدأ الدبلوماسي الجزائري المخضرم (78 عاما) حياته المهنية ممثلا لجبهة التحرير الوطني خلال نضالها ضد الاستعمار الفرنسي. وبعد عام 1962 عمل سفيرا في مصر وبريطانيا. وأصبح مساعد أمين عام الجامعة العربية ومبعوثها إلى لبنان حيث أسهم في توصل الفرقاء إلى اتفاق الطائف الذي أنهى 15 عاما من الحرب الأهلية، وتعين عليه في هذه الأثناء quot;أن يتعامل مع العديد من الأشرارquot;، وهي خبرة يقول البعض انها ستخدمه في سوريا المجاورة. وكان الابراهيمي وزير خارجية الجزائر في الفترة الممتدة من 1991 إلى 1993.

في عام 2001 عُين الابراهيمي في منصب المبعوث الدولي الخاص إلى افغانستان وترأس مؤتمر بون حيث اشتهر بإجباره المندوبين على السهر طوال الليل حتى التوصل إلى اتفاق. وقال مندوب بريطانيا في الأمم المتحدة، السير جريمي غرينستوك عن الابراهيمي إنه quot;يحظى باحترام كبير في منظومة الأمم المتحدة لخبرته وحنكته السياسية والدبلوماسية ودهائه في عبور الصخور في وضع بالغ الصعوبةquot;.

وبعد ثلاث سنوات على مهمته في أفغانستان، انتدبه أنان إلى العراق لإدارة عملية الانتقال من مجلس الحكم المعين اميركيا إلى تشكيل حكومة انتقالية. وهاجم الابراهيمي الحصار الأميركي لمدينة الفلوجة مستنزلا على نفسه حملة تشنيع، من شيعة عراقيين بوصفه سنيا، ومن أميركيين قالوا إن الإبراهيمي بسبب خلفيته كأحد افراد النخبة الحاكمة في الجزائر، شديد التعلق بالثقافة السياسية السلطوية السائدة في العالم العربي، كما لاحظ ايان بلاك محرك شؤون الشرق الأوسط في صحيفة الغارديان.

وعمل الابراهيمي قبل ذلك مبعوثا دوليا خاصا إلى هايتي وجنوب افريقيا مكتسبا صيته quot;ذخرا وطنياquot; للمنظمة الدولية. كما ينتمي الإبراهيمي إلى مجموعة quot;الحكماءquot; التي تضم عدداً من الشخصيات العالمية بينها أنان ونلسون مانديلا.

ويعتبر الإبراهيمي وسيطا يتمتع بعمق وخبرة استثنائيين وما تسميه الكاتبة هاريت مارتن quot;سحرا منحوتا وسلوكا راقياquot;. ولكنه يتمتع بأفضليات قومية ايضا. إذ كانت الجزائر عضوا مرموقا في حركة عدم الانحياز وفي موقع يؤهلها للقيام بدور حلقة الوصل بين الشمال والجنوب. وقامت الجزائر بدور بالغ الأهمية في التفاوض بشأن الافراج عن الرهائن الأميركيين الذين كانوا محتجزين في ايران عام 1980.
ويقول معارف إن الإبراهيمي رجل صبور وليس لديه أوهام. ونقلت صحيفة الغارديان عن الصحافي المصري أيمن الأمير أن الابراهيمي quot;اكتسب مهارة فريدة تتيح له ان يلمح بارقة أمل في اشد الأوضاع حلكة، حيث لا يلمحها الآخرون. وعندما قبل التكليف، فلابد انه لمح فرصة تستحق الاستطلاعquot;.

وقال الابراهيمي الذي سيكون مبعوث الجامعة العربية ايضا إلى جانب الأمم المتحدة كما كان انان، انه يشعر وكأنه يقف أمام جدار أصم، يبحث عن شقوق فيه يمكن أن تؤدي إلى حل. وأوضح في حديثه للبي بي سي أنه يتولى مهمته بعيون مفتوحة وبلا أوهام بأن مهمته ستكون سهلة. وأضاف أن من واجبه ان يحاول.

ومن المتوقع أن يزور الابراهيمي دمشق في وقت قريب. ولكن النظام السوري أوضح وجهة نظره حين أعلن وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في مؤتمر صحافي quot;أعتقد أن شرط نجاح الأخضر الابراهيمي في مهمته يتوقف على قيام دول محددة ـ قطر والسعودية وتركيا، بالالتزام علنا بنجاح الخطة والتوقف فورا عن إرسال السلاح وإغلاق حدودها في وجه المقاتلين وإغلاق معسكرات التدريبquot;.

وكان الإبراهيمي أعلن لدى صدور قرار تعيينه quot;أن الحرب الأهلية أشد أنواع النزعات قسوة عندما يقتل الجار جاره واحيانا أخاه. المطلوب وقف الحرب الأهلية ولن يكون ذلك سهلاquot;.