في سعي طيب منه كتب الأستاذغالب حسنالشابندر مقالتين عن الجزية نشرتا في إيلاف (بتاريخ 16 آذار وتاريخ 26 آذار 2010) محاولا من خلال هاتين المقالتين إقناع القارئ المسلم بإشكالية استيفاء الجزية من الكتابيين في العصور الإسلامية، وبعدم توجبها حاليا، ومحاولا أيضا تجميل هذه الشريعة (الجزية) في أعين الكتابيين، والتخفيف من قساوتها عليهم، وإقناعهم أن ليس في مصطلح (الذمة والذميين) ما يشين، وأن الجزية مثلها مثل الزكاة التي تستوفى من المسلم، محاولا إيجاد المبررات والأعذار لوجود هكذا شريعة، بالرغم من إقراره أنها شريعة يهودية مارسها اليهود والفرس والروم ضد سكان البلدان المحتلة أو المهزومة، فأفقروهم وأذلوهم بها.
والنصوص التي استشهد بها الأستاذ الشابندر من التوراة والإنجيل للتدليل على عالمية هذه الشريعة، هي نصوص تؤكد على عبودية وذل من يدفع الجزية، وأن أبناء الوطن لا يدفعونها (ماذا تظن يا سمعان؟ ممَّن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية، أمن بنيهم أم من الأجانب؟ قال له بطرس من الأجانب، قال له يسوع: فإذا البنون أحراارا) / متى 17 / 24 _ 25، وفي يشوع 16 / 10 (فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر، فسكن الكنعانيون في وسط أفرايم الى هذا اليوم وكانوا عبيداً تحت الجزية)
لقد استند الأستاذ الشابندر في قصده المحمود، إلى إعادة تفسير آية الجزية (الآية 29 من سورة التوبة) متبعا أسلوب اللعب على الألفاظ والمفردات، وكنت أتمنى لو أنه وُفِقَ في ذلك.
كما استند فيما ذهب إليه لإثبات صحة رأيه ودعواه إلى عدد من الآيات القرآنية، يعلم علم اليقين أنها آيات منسوخة، نسختها وأبطلت العمل بها آية الجزية، وآية السيف (الآية 5 من سورة التوبة).
وكم آمل أن يجد الأستاذ الشابندر من يقتنع بما ذهب إليه، لكنه ماذا سيقول لأولئك الذين لا يهنأ لهم بال، ولا يهدأ لهم حال، إلا بإشاعة الحقد والكراهية، وبث الفرقة، وإثارة الفتن، وإضرام النيران، أولئك الذين يحركون الغوغاء ويجندون الانتحاريين ويأمرون بالقتل والاقتتال، ويمولونه فكريا وماليا.
1- مصطلح الذمة والذميين
إن ما يشين في مصطلح الذمة والذميين بالرغم من كل عمليات التجميل والتزويق التي يجريها الإسلاميون على هذا المصطلح أنه يقسم المجتمع، وبقوة القانون، إلى قسمين: قسم فاقد الأهلية وهم أهل الذمة الكتابيون، وقسم كامل الأهلية وهم المسلمون. ولا يكون فاقدا للأهلية إلا الذي لم يبلغ سن الرشد، والقاصر عقليا، أو القاصر بدنيا كالأعمى أو المشلول أو ما شابه. وبالطبع فإن هذا القاصر يحتاج إلى وصي يشرف عليه، ويوجهه، ويشذبه، ويدير شؤونه، ويحميه من أعدائه ومن نفسه وسوء تصرفاته وسلوكه. وهذا الوصي هو بحكم القانون المسلم الذي أدخل الكتابي في ذمته أو في عهدته. واعتبر نفسه مسؤولا عنه، وعن أسرته وممتلكاته.
2- الزكاة والجزية
يحلو لبعضهم القول أن الجزية كالزكاة، وأنهما شكل من أشكال النظام الضريبي، لكنها متساويتان في الجوهر. تُفرض الأولى على الكتابي وتفرض الثانية على المسلم.! فهل حقا هما كذلك؟ وهل حقا هما متساويتان في الجوهر ولا تختلفان إلا في الشكل؟
إن الزكاة كما هو معلوم لها نص وتشريع يحكمها ويحدد نسبتها، وهي (2.5 بالمائة من الأرباح السنوية). ويقدر العلماء النصاب المتوجب دفع الزكاة عنه بما يعادل (85 غرام من الذهب) أو (595 غرام من الفضة). ونصاب الإبل أربعة، والبقر ثلاثين، والغنم أربعين. ومن لم يربح ما يعادل هذا المبلغ أو هذا العدد من الأنعام فلا يتوجب عليه دفع الزكاة. ولا يدخل في الزكاة قيمة المنزل المعد للسكن مهما بلغ حجمه ومساحته، ومهما غلا ثمنه. وهي أي الزكاة تترتب فقط على المباني والأراضي والمعدات التي اشتريت بغية المتاجرة بها، أما المباني والأراضي والآلات والمعدات والسيارات التي تُشترى للاحتفاظ بها كأدوات إنتاج فلا تترتب عليها ألزكاة. كذلك لا تترتب الزكاة على الإبل والبقر التي يستخدمها صاحبها في الحرث أو السقي أو النقل أو ما شابه من الأعمال. ولا زكاة على الخيل مهما بلغ عددها، والبغال والحمير إلا إذا كانت للتجارة. ويجوز للمسلم أن يعطي زكاته للأقرباء الذين ليس مكلفا بالإنفاق عليهم.
أما الجزية
فلا علاقة لها بالربح، ولا نص يحكمها ويحدد مقدارها، بل يعود تقدير حجمها ومبلغها للحاكم أو الوالي، ولا تفريق في الجزية بين غني وفقير، بمعنى أن الفقير يدفع والغني يدفع، وإن كان الغني يدفع أكثر. وقد ذكر اليعقوبي أنه كانت تُختم رقاب أهل الذمة في مصر وقت جباية جزية الرؤوس ثم تكسر الخواتيم وتستبدل بشارة تُعلّق حول الرقبة يقدمها عامل الجزية دلالة على دفع الجزية. وهناك فقهاء يذهبون إلى وجوب ختم الرقاب على الدوام. وإن عمر بن الخطاب كان قد أنفذ بجمع خراج العراق فخُتمت أعناق جميع الذميين وهم مائة وخمسون ألفا..
وبجانب الجزية توجد ضريبة أخرى يجب على أهل الذمة دفعها وهي الخراج. وهي ضريبة مالية تُفرض على رقبة الأرض إذا بقيت في أيديهم ويرجع التقدير إلى الإمام أيضاً ! فله أن يقاسمهم بنسبة معينة مما يخرج من الأرض كالثلث والربع مثلاً. وله أن يفرض عليهم مقداراً محدداً مكيلاً أو موزوناً بحسب ما تطيقه الأرض. كما
صنع عمر بن الخطاب في سواد العراق. كما كان يتوجب على أهل القرية ضيافة من يمر عليهم من جنود المسلمين ثلاثة أيام.
وقد اشتد وقع هذه الضرائب على الذميين بعد أن أصبحت تلزّم، فكان يجري عليها مزاد، ومن يرسو عليه المزاد يدفع للوالي، ويقوم هو بمعاونة الجنود بجمع هذه الضرائب، والويل لمن لا يملك شيئا يدفعه.
3- آية الجزية
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحقِّ من الذين أُوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون- الآية 29 ndash; سورة التوبة).
الجزية لغة من جزى. وجازى مجازاة وجزاء أي كافأه. وجزى فلانا حقه أي قضاه إياه. وأجزى الأمر منه أو عنه أي قام مقامه وأغنى عنه. والجزية مكافأة يدفعها الذمي للمسلم لقبوله بالوصاية عليه، وعقوبة له أي للذمي بسبب البقاء على دينه. أي أنها ليست مقابل إعفاء الذميين من حمل السلاح والقتال، لآن العهدة العمرية اشترطت على الذميين عدم ركوب السروج وعدم حمل السلاح. إلا إذا كان المقصود بحمايتهم والخوف عليهم من الموت،هو خوف من أن يتوقفوا عن دفع المال المتمثل بالجزية.
ولنقرأ كيف فسر الأئمة الكبار هذه الآية. وخاصة (صاغرون)
قال ابن كثير في تفسير الآية (29) من سورة التوبة::
(وقوله quot; حتى يعطوا الجزية quot; أي إن لم يسلموا quot; عن يد quot; أي عن قهر لهم وغلبة quot; وهم صاغرون quot; أي ذليلون حقيرون مهانون فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال quot; لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه quot; ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى من أهل الشام::
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا:
أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب.
ولا نجدد ما خرب منها.
ولا نحيي منها ما كان خططا للمسلمين.
وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل.
وأن ننزل من رأينا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ولا نأوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا.
ولا نكتم غشا للمسلمين.
ولا نعلم أولادنا القرآن.
ولا نظهر شركا ولا ندعو إليه أحدا.
ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه.
وأن نوقر المسلمين وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس.
ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر.
ولا نتكلم بكلامهم ولا نكتني بكناهم.
ولا نركب السروج ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله معنا.
ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ولا نبيع الخمور.
وأن نجز مقاديم رءوسنا.
وأن نلزم زينا حيثما كنا.
وأن نشد الزنانير على أوساطنا.
وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا.
وأن لا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم.
ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيفا.
وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء في حضرة المسلمين.
ولا نخرج شعانين ولا بعوثا.
ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم.
ولا نجاورهم بموتانا.
ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين.
وأن نرشد المسلمين ولا نطلع عليهم في منازلهم.
قال: فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا عليه الأمان. فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطناه لكم ووظفنا على أنفسنا فلا ذمة لنا وقد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق).انتهى.
ولنقرأ أيضا ما قاله القرطبي.
يقول القرطبي في تفسير آية الجزية:
(قال ابن العربي: سمعت أبا الوفاء علي بن عقيل في مجلس النظر يتلوها ويحتج بها. فقال:
quot; قاتلوا quot; وذلك أمر بالعقوبة. ثم قال: quot; الذين لا يؤمنون quot; وذلك بيان للذنب الذي أوجب العقوبة. وقوله: quot; ولا باليوم الآخر quot; تأكيد للذنب في جانب الاعتقاد. ثم قال: quot; ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله quot; زيادة للذنب في مخالفة الأعمال. ثم قال: quot; ولا يدينون دين الحق quot; إشارة إلى تأكيد المعصية بالانحراف والمعاندة والأنفة عن الاستسلام. ثم قال: quot; من الذين أوتوا الكتاب quot; تأكيد للحجة , لأنهم كانوا يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل. ثم قال: quot; حتى يعطوا الجزية عن يد quot; فبين الغاية التي تمتد إليها العقوبة وعين البدل الذي ترتفع به)..
ويتابع القرطبي شرح الآية::
(قوله تعالى: quot; عن يد quot; قال ابن عباس: يدفعها بنفسه غير مستنيب فيها أحدا روى أبو البختري عن سلمان قال: مذمومين. وروى معمر عن قتادة قال: عن قهر وقيل: quot; عن يد quot; عن إنعام منكم عليهم , لأنهم إذا أخذت منهم الجزية فقد أنعم عليهم بذلك. عكرمة: يدفعها وهو قائم والآخذ جالس وقاله سعيد بن جبير). انتهى.
أي إن القصد هو الإهانة والإذلال. خاصة حين يعتبر المسلمون أن قبولهم الجزية من أهل الكتاب هو نوع من أنواع النعم التي يغدقونها على الذميين وينعمون بها عليهم
أما الطبري فيشرح معنى (صاغرون) كما يلي:.
(وأما قوله: { وهم صاغرون } فإن معناه: وهم أذلاء مقهورون , يقال للذليل الحقير: صاغرا.... واختلف أهل التأويل في معنى الصغار الذي عناه الله في هذا الموضع , فقال بعضهم: أن يعطيها وهو قائم والآخذ جالس.... وقال آخرون: معنى قوله: { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } عن أنفسهم بأيديهم يمشون بها وهم كارهون). انتهى
4- الآيات المنسوخة:
لقد خلقت آية السيف وآية الجزية علاقة جديدة لم تكن سائدة من قبل بين أبناء المجتمع الواحد، وبين أبناء القبيلة الواحدة، وبين الأخوة وأبناء العمومة والأقرباء والأصدقاء، ورسمت بدقة متناهية حدود العلاقة بين المسلم وغير المسلم، بغض النظر عن صلة الدم أو الصداقة بينهما. فقبل هاتين الآيتين كان المجتمع الحجازي يتكون من المسلم والكتابي والوثني، والجميع يقبلون بعضهم بعضا، ويتعايشون فيما بينهم.
أما بعد هاتين الآيتين، فالوثني يُقتل إن لم يعتنق الإسلام، والكتابي مشرك يتوجب عليه دفع الجزية إن أراد البقاء على دينه.
فآية السيف تقول: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)
وآية الجزية تقول: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).
لقد نسخت هاتان الآيتان كل آيات التسامح والصفح وعدم الإكراه وحق الاختيار والتولي والإعراض عن الآخرين الذين يسمون كفارا أو أهل كتاب مشركين. خاصة وأن هاتين الآيتين هما من سورة التوبة، وسورة التوبة هي آخر سور القرآن، ولأنها آخر السور، فإن أحكامها آخر الأحكام. أي أنها ناسخة لما سبقها. بمعنى أنها ألغت وأبطلت كل ما سبقها من أحكام وتعاليم مغايرة لأحكامها وتعاليمها، وحلت محلها.
ومن هنا جاء اصطلاح (الناسخ والمنسوخ) في القرآن الذي كُتب فيه عشرات الكتب على مدى القرون المنصرمة. والذي أفرد له الإمام جلال الدين السيوطي الشافعي بابا خاصا في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) وفيه يقول: قال الأئمة: لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ. وقد قال عليٌ بن أبي طالب لقاضٍ: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا. قال: هلكت وأهلكت. وفي هذا النوع مسائل. الأولى يرد النسخ بمعنى الإزالة، ومنه قوله: (فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم آياته). وبمعنى التبديل: (وإذا بدلنا آية مكان آية). واختلف العلماء فقيل: لا يُنسخ القرآن إلا بقرآن، كقوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها). وقيل: بل يُنسخ القرآن بالسنة، لأنها أيضا من عند الله. قال تعالى: (وما ينطق عن الهوى).
والنسخ في القرآن متفق عليه من قبل الأكثرية الساحقة لجمهرة العلماء، ولا ترفضه إلا قلة قليلة ضئيلة، خافتة الصوت، ترى أن لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن، بل الأحكام ثابتة، لأن كلام الله لا يُنسخ. ويستشهدون على صحة رأيهم بالآية (42 فصلت) (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). أما جمهور العلماء، فإنهم يقدمون أدلة قوية تثبت النسخ في القرآن، ويستشهدون بآيات عدة، مثل: الآية (106 البقرة) (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) والآية (101 النحل) (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر يل أكثرهم لا يعلمون).
وقد اختلف العلماء في عدد الآيات المنسوخة في القرآن، فبعضهم قال إنها خمسمائة آية، وبعضهم قال خمسمائة وخمسون آية. كما اختلفوا في عدد الآيات التي نسختها آية السيف وحدها، فبعضهم قال إنها نسخت مائة وأربعة عشر آية، وآخرين قالوا: بل نسخت مائة وأربعا وعشرين آية.
قال السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن: (قال ابن العربي: كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم، منسوخ بآية السيف)..
وقبل أن نذكر عددا من الآيات التي نسختها آية السيف، سنذكر عددا من الآيات التي نسختها آية الجزية
بعض الآيات التي نسختها* آية الجزية (29 التوبة).
1- سورة البقرة
الآية 62 (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) منسوخة بآية الجزية.
الآية 109(فاعفوا واصفحوا) منسوخة بآية الجزية..
2- سورة المائدة
الآية 13 (فاعفُ عنهم واصفح). منسوخة بآية الجزية.
3- سورة الأنفال.
لآية 61 (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها). منسوخة بآية الجزية.
4 - سورة العنكبوت الآية 46 (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون). منسوخة بآية الجزية
بعض الآيات المنسوخة* بآية السيف.
1- سورة البقرة.
الآية 83 (وقولوا للناس حسنا) وفيها قولان: بعضهم يقول هي محكمة. وهؤلاء اختلفوا بعد أن اجتمعوا على إحكامها. قال محمد بن الحسن بن علي: معنى قوله (وقولوا للناس حسنا) أي قولوا لهم: إن محمدا رسول الله. وآخرون يقولون إنها منسوخة بآية السيف.
الآية 190 (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) منسوخة بآية السيف.
الآية 191 (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) منسوخة بآية السيف.
الآية 256 (لا إكراه في الدين) منسوخ بآية السيف.
2- سورة الحجر.
الآية 85 (فاصفح الصفح الجميل) منسوخ بآية السيف.
الآية 94 (وأعرض عن المشركين) منسوخ بآية السيف.
3- سورة النحل.
الآية 125 (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) نُسخت بآية السيف
4- سورة فصلت.
الآية 34 (ادفع بالتي هي أحسن) نسخت بآية السيف.
5- سورة الممتحنة.
الآية 8 (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) الآية 9 (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين) نسخ معنى الآيتين بآية السيف.
6- سورة الكافرون.
الآية 6 (لكم دينكم ولي دين) هذا قبل الأمر بالحرب. نسخ بآية السيف.
وهناك آيات أخرى عديدة نسختها آية السيف وآية الجزية، وهاتان الآيتان يستغلهما الغلاة والمتعصبون وأدعياء الجهاد والإرهابيون، ويجعلون منهما سندا شرعيا لدعواتهم التي يضللون بها ويعبّئون ويعدون الشباب الصغار القابلين للانفجار، والراغبين بالانتحار، ويقتلون رجالا ونساء وأطفالا لا يعرفونهم، ودون ذنب ارتكبوه. ويشنون حربا ضروسا على الحضارة والإنسانية والعالم.
والسؤال الأهم والملحّ هو: إذا كانت كل آيات التسامح والصفح وعدم الإكراه والإعراض عن الآخرين قد ألغيت ونسخت.! فكيف لنا أن نجد أسسا للعيش المشترك مع الآخرين؟ كيف يمكننا أن ننزع فتيل الحقد والكراهية والحرب والدمار في عالم قد أصبح قرية صغيرة ملزمون جميعا بالعيش فيها؟ وفي زمن تتصاعد فيه الدعوات لإرساء مفاهيم الحرية، وحق الاختيار، وحقوق الإنسان، وسلطة القانون، وعدم التمييز بين الناس بسبب جنسهم أو عرقهم أو دينهم، أم أن الحرب خيارنا الدائم، ولا بديل لنا عنها؟
مراجع:
* الاتقان في علوم القرآن ndash; الإمام جلال الدين السيوطي الشافعي.
* الناسخ والمنسوخ ndash; أبو القاسم هبة الله بن سلامة الضرير.
[email protected]
التعليقات