تحدثنا في اكثر من مقال عن محاولات الاختراق التي تقوم بها تنظيمات حزب السلطة في النظام السابق او مؤيديه ومرتزقته وعملائه من خلال الاندساس في الاحزاب الوطنية التي قارعته طيلة ما يقرب من اربعين عاما وتسبب هو وميليشياته المعروفة من ايام الحرس القومي ومنظمة سيف ومكتب العلاقات العامة ( المخابرات فيما بعد ) والجيش الشعبي وفدائيو صدام وغيرهم في قتل مئات الآلاف من منتسبي تلك الاحزاب ومؤيديها سواء على ايديهم مباشرة او من خلال اجهزة الامن والجيش ومؤسساتها وعملائها، وما حصل في اقليم كردستان منذ آذار 1975م وحتى انتفاضة الربيع في آذار 1991م من جرائم يندى لها جبين الانسانية والحضارة ومثلها ما حصل في الجنوب والاهوار والرمادي والموصل وكل مدن العراق وقراه.
واذا كانت بعض تلك الخروقات مبررة بعد السقوط مباشرة كون ان اصحابها قد تابوا او كانوا من المغرر بهم او انتموا وظيفيا او ممن لم يفوزوا في انتخابات حزب السلطة قبل السقوط فخفضت درجاتهم الحزبية القيادية الى العضوية فقط ولم تشملهم قوانين الاجتثاث، او ممن عوقبوا ايام النظام السابق لجرائم تتعلق بالاختلاس والسرقة او غيرها من الجرائم المخلة بالشرف فتحولوا بقدرة قادر الى سجناء سياسيين وتم اعتمادهم في كثير من المواقع على ذلك الادعاء!؟ لأسباب لا يعرفها الا الراسخون في العلم من قيادات احزابنا الوطنية وتنافساتها الانتخابية التي تخلط الحابل بالنابل للوصول الى دفة الحكم!؟
قلت اذا كانت بعض تلك الخروقات مبررة بسبب التنافس الحزبي او الطائفي او العرقي او التضامن ومنح فرصة الطيران ثانية على خلفية عفا الله عما سلف، في اول مرحلة تأسيس نظامنا الجديد، او حتى لربما ان البعض اعتقد ان هذه المجموعات ستكون خط رجعة و ( تزكية ) فيما لا سامح الله قررت العمة امريكا اعادة الرفاق الى احدى عربات قطار الحرية والديمقراطية بثوب جديد، خصوصا واننا ما زلنا نتذكر ذات العربات التي حملت رفاق شباط 1963م الى الحكم!؟
اذاً فما بالكم اليوم بمجاميع تم ترحيلهم الى الدورة الجديدة لمجلس النواب لكي تمثل نتاج تربية خمسا وثلاثين عاما من ثقافة وسلوك الفكر البعثي ومنفذي ودعاة ومؤيدي وربيبي مدارس البعث والانفال والقبور الجماعية واعدامات الجملة في عراق ما قبل نيسان 2003م ولكي يكونوا بناة العراق الجديد وحماة دستوره والساهرين على تحقيق اهدافه وبرامجه في التغيير والاعمار(!؟) مجاميع ولدت وترعرعت في أكناف البعث ومدارسه ومؤسساته ومنظماته وتشربت بثقافته وسلوكياته وطريقة تفكيره ونظرته لما حوله والتعامل معه، حتى لتكاد أن تصدق من شدة تأثرها بفكرهم بأنها واحدة من إسقاطات رئيس النظام السابق وهو يصفهم بأنهم بعثيون وان لم ينتمو، فكيف إذا كانوا اليوم يزايدون على قيادات البعث وطروحاتهم في ما يتعلق بتلك السياسة ونتائجها على الارض والاهالي والتي غدت واحدة من المعضلات التي تواجه الحاكمين اليوم في ما يتعلق بتطبيقات الدستور والاصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والاداري وحل اشكاليات النفط والغاز وتوزيع الثروة والاقاليم وغيرها.
خصوصا إذا ما عرفنا انه لا وازع أو مانع للبعث يمنعه من الوصول إلى السلطة مهما كان، فهو يوظف ويستثمر كل الوسائل بميكافيلية لا مثيل لها من اجل تحقيق اهدافه حتى وان تطلب الامر التعاون مع الشياطين، وقد اثبتت الاحداث والحقائق تعاونه وتعامله مع الاضداد وتنصله من الاتفاقيات والمعاهدات لغرض تنفيذ مآربه، ولعل تاريخه القريب ومواقفه مع القوى الوطنية ودول الجوار منذ اتفاقية آذار 1970م وتنصله منها وحتى توقيعه اتفاقية آذار 1975م مع ايران التي تنازل بموجبها عن كثير من الارض والمياه العراقية لإيران مقابل تعاون ايران معه لسحق الثورة الكردية، ومن ثم الانقلاب على ايران وتنصله عن تلك الاتفاقية وما حصل عقب ذلك من كوارث ومآسي التي تكررت هي الأخرى في نتيجة سلوكه مع دول الجوار العربية في الكويت والسعودية.
وربما لو نظر كل منا بدقة وتمحيص الى مرشحي قريته او مدينته لأدرك حقيقة المأساة التي نمر بها ولعرفنا اسباب ما يجري في البلاد منذ عام 2005م ولحد اليوم وربما لأربع سنوات آتيات، واذا ما استثنينا الشرفاء الاصلاء من المناضلين والوطنيين الأحرار الذين وصلوا الى مجلس النواب او غيره من مؤسسات العراق الجديد والقينا نظرة سريعة على السير الذاتية لأولئك الذين اوصلتهم عربات الفساد والإفساد لظهر لنا مدى الاختراق والاندساس في نظامنا الجديد من خلال حلقات ادارية او حزبية ضعيفة او متهرئة وفاسدة، او من خلال صراعات طائفية وقبلية وعشائرية وعرقية معينة استخدمها هؤلاء للوصول الى منافذ مهمة للدولة الجديدة، وبقراءة سريعة لماضيهم يتضح لنا لماذا تحول العراق الى أفشل دولة وأفسد نظام والى دوامة او نافورة للعنف والارهاب والفساد والافساد خلال السنوات السبع الماضية والسنوات القادمة من خلال هؤلاء المندسين دستوريا وتشريعيا!؟
وسندرك من خلال نماذجهم اجوبة لكل التساؤلات المريرة للأهالي في ما يتعلق بالمال العام والاعمار والخدمات والأمن والسلم الاجتماعي واضعين نصب أعيننا ذلك العهد والتهديد الذي قطعه رئيسهم أمام الملايين من العراقيين والعالم بأنهم سيجعلون العراق حفنة من تراب لو ازيحوا عن السلطة، وهذا ما يجري منذ سبع سنوات عجاف بينما يضع زعمائنا الجدد رؤوسهم في الرمال الدافئة أو يرفعوها من اجل المناصب والتنافس على السلطة لتندس سلالات البعث وفايروساته الى جسد العراق الجديد ومؤسساته وتفعل فعلتها في إحالته الى حفنة من تراب!؟
التعليقات