من المسلمات ان الانتحار في ديننا الحنيف يعتبر من المحرمات، لكن غير متاكد ان طريقة رمز الكرامة التونسي البطل محمد البوعزيزي في الموت تعتبر نوع من الانتحار!! خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان النار التي توقدت بجسده أدت الى نتائج مذهلة للشعب التونسي وأدت الى سقوط صنم عربي اخر بعد صنم العراق. لقد توالت الاخبار فستة مواطنين جزائريين ساروا على نهج البوعزيزي ومواطن من مورتانيا صعد المركب ومثله اربعة مواطنين مصريين سجلوا أسمائهم في سجل النار الملتهبة التي بدأت تحيط بحكام الانقلابات ورموز الديكتاتورية والتي أصبحت سمة مميزة لامتنا دون غيرها من الامم.

الغريب في امتنا ان وعاظ السلاطين لم يملوا او يكلوا لتزويد بهائم التفخيخ بفتاوى تبشرهم بالجنة وانهار العسل والحليب وحور العين وتناول الفطور مع نبي الرحمة الامين محمد ابن عبد الله quot; صquot; في حالة استهداف طائفة معينة او شعب معين او دين معين! لذلك تحولت الاسواق والمساجد والحسينيات والكنائس في العراق وبعض البلدان العربية الى أهداف مستباحة لهذه البهائم التفجيرية، لكن هولاء الوعاظ لاصوت لهم في مثل حالة البطل البوعزيزي وأشقائه في البلدان العربية الاخرى مع العلم ان البهائم المفخخة تقتل وتنتهك الدماء والاعراض والبوعزيزي رسم طريق للكرامة والحرية ونيل الحقوق الشرعية والانسانية والدستورية، وهذه الحالة تعطي اشارات واضحة وصارخة على تحول الدين بيد بعض الحكام الى أداة سياسية وان كانت دموية بحق الاخرين من خلال جسر الوعاظ لهذا البلاط الديكتاتوري او ذاك.

ومن جانب الحاكم العربي الديكتاتور ففي بلد مثل اليابان اذا تم تاشير حالة فساد او تقصير معين بحق اي مسؤول رسمي فانه يخرج معتذر الى الامة اليابانية ولاتاخذ الصدمة او المفاجاءة اي ياباني لو سمع بانتحاره بعد ساعات قليلة، والجميع يذكر قبل اشهر قليلة كيف خرج مدير لاحدى شركات تصنيع السيارات اليابانية وهو يقدم اعتذاره الى الشعب الياباني عن حالة رشوة كان قد استلمها في وقت سابق، وكان هذا المدير يتكلم امام عدسات المصورين وهو بحالة انهيار تام من شدة البكاء والشعور بالعار امام الشعب الياباني وعائلته الخاصة كما صرح بذلك، ولم تمضي الاساعات قليلة ونقل الاعلام خبر انتحاره!! لااحد على الاطلاق يريد انتحار اي حاكم عربي quot; فهو ميت دون ان يعلم quot; لكن الغريب العجيب ان هذا الحاكم لاتهزه ملايين الحناجر التي تهتف ضده ولاتهز ضميره لو حرق الف مواطن نفسه امام داره ولاتهزه حالة الفقر التي يعيش فيها المواطن العربي والتي أوصلته الى اليأس والقنوط فلم يجد غير الانتحار بالحرق كوسيلة لاستفزاز الضمائر التي ماتت. ونحن جيل يبدوا محظوظ قليلا حينما شاهد صنم العراق وهو يلوذ بحفرة حقيرة وهو يأمل العودة لكرسي الحكم وهذا صنم تونس مازال حتى هذه اللحظة يحاول من خلال ازلامه في الداخل الالتفاف على نتائج ثورة الشعب التونسي البطل ومكتسباتها التاريخية الرائدة.

ان الانبوب الذي وضعه صنم العراق في حفرته الشهيرة لنقل وتفريغ الهواء من الحفرة كان صناعة خارجية، ورغم ان هذا الصنم حكم العراق اكثر من 30 عام لكنه لم يستطيع صناعة حتى هذا الانبوب البلاستكي. وصنم تونس وتلك طائرة quot; البوينغ quot; التي كانت ملاذه بالفرار والهزيمة لم يصنع منها ولاحتى مقعده الرئاسي بتلك الطائرة المهزومة المرتجفة رغم انه حكم البلاد 24 عاما!! ومع ذلك يخرج علينا هنا وهناك حاكم بائس او قلم انتهازي او صحيفة او قناة مستفيدة تحاول ان تذكر بانجازات هذه الاصنام في بناء تونس او العراق! وفي الواقع لم يبن صنم العراق اي شي يذكر سوى قصور ومعامل وبساتين بنت طلفاح وعصابتها وصنم تونس لم يؤسس سوى لاملاك بنت الطرابلسي . لذلك حرامية بغداد او حرامية تونس من ابناء الاصنام لم يفكروا حتى بالدفاع عن كراسيهم الباطلة بل اول خطواتهم كانت الفرار و نقل اكبر كمية ممكنة من سبائك ذهب العراق وتونس ومليارات العراقيين والتونسيين الى خارج الحدود.

ان امتنا العربية تعاني من خلل عظيم والسكوت عليه ظلم اضافي وانتظار حاكم ديكتاتوري صنمي ان يباشر بالتصليح هو اكبر الاخطاء في واقع الامر، اما مسالة زيادة حصص التموين والرز والزيت والسكر والوقود وغيرها من الامور فهذه اشواط من العبث يجيد اللعب بها اصنام العرب قبل غيرهم. لذلك يجب الانتباه كما يجب بناء فكر عربي شعبي واعلامي وثقافي موحد لفضح هذه الاصنام، ومع توفر خدمة الاتصالات والانترنيت الدولي والذي أصبح اهم واخطر سلاح في هزيمة كل طاغية مستبد. لذلك ايها العرب لاتناموا في عسل ثورة تونس فالساحات أشتد وطيسها وحكام التوريث والانقلابات خائفين مرتجفين وهذا هو الوقت المناسب لجني ثمار التحرير والحرية والديمقراطية. وعليكم بالتوثيق والتصوير والنشر حتى باجهزة الموبايل الصغيرة، فلقد تناقلت الاخبار ان في ذاك البلد او غيره من البلدان العربية قد حرق اكثر من شخص نفسه لكن تم التستر على الامور من قبل السلطات الحاكمة وهذا هو الحرام الحقيقي ان تضيع هذه التضحيات دون جني ثمارها بالحرية والديمقراطية واسقاط صنم اخر.

[email protected]