واخيرا ستدور اليوم واحدة من أصعب و أعقد المعارك و المواجهات السياسية التي سيخوض غمارها النظام الايراني، ومن هذا اليوم الذي يصادف الجمعة 14 حزيران، سيکون للنظام الايراني شأن آخر تماما و ستختلف قواعد و تتخذ أصولا و مبادئ جديدة بالکامل، ذلك أن الانتخابات الرئاسية التي تجري اليوم رحاها في إيران و التي نجح النظام الايراني ومنذ عهد رفسنجاني و مرورا بخاتمي و أحمدي نجاد، في إستخدامها و توظيفها بالصورة و الاسلوب الذي يصب في مصلحته و يساعده على إستغلال عامل الزمن أفضل إستغلال من أجل تحقيق أهدافه و مشاريعه المتباينة.

إنتخابات اليوم، هي غير کافة الانتخابات الرئاسية الماضية خلال العقود الثلاثة الماضية، إنها لعبة تقرير مصير بالمعنى الحرفي للکلمة، خصوصا بعدما قرر النظام الايراني الاستمرار قدما في سياسة الانکماش و الانطواء على نفسه و أطاح برفسنجانيquot;أحد أعمدة النظام النظام الرئيسيةquot;، وکذلك بمرشح نجاد مشائي و صمم على جعل دائرة اللعبة مغلقة و محددة و مرسومة بالشکل و المضمون الذي يريده جناح المرشد و من لف لفهم، والذي سيتوضح للعالم من خلال آخر عملية إنتخابات رئاسية في ظل هذا النظام، ان رصاصة الرحمة ستطلق على مسرحيات الاصلاح و التغيير المفتعلة نفسها و سقود الجناح المتشدد بنفسه عمليات التفاوض و الاتفاق مع المجتمع الدولي، وعلى الارجح سيقدم بعضا من التنازلات الملوسةquot;غير الحيويةquot;للمفاوض الغربي من أجل أن يتيح له ذلك الوقوف على قدميه لفترة أطول حتى يصل الى الهدف الاهم بإنتاج القنبلة الذرية، وعندها ستختلف الامور کلها رأسا على عقب.

هذا النظام الذي تمکن مصادرة و تجيير واحدة من أعظم ثورات القرن العشرين لصالح أهدافه و أجندته الضيقة، وجعل من إيران بسبب من ذلك دائرة محاصرة بالنار من کل جانب و الغيوم الملبدة مخيمة على سمائها ليل نهار، يجد اليوم نفسه اليوم وجها لوجه أمام المسائلة داخليا و إقليميا و دوليا، والذي يلفت النظر أن خيارات النظام و مساحات تحرکه على الاصعدة الثلاثة المشارة إليها آنفا، محددة و محجمة تماما، ومن هنا فإنه لسنا نهول الامر او نضخمه إعلاميا لو قلنا بأن النظام الايراني قد بات فعلا في منطقة الخطر المؤکد، لأن الخيارات المضادة هي صاحبة الحظ الاوفر.

في عام 2005، عندما حضرت اول مهرجان للتضامن مع الشعب الايراني و المقاومة الايرانية في العاصمة الفرنسية باريس، إنتقدني الکثير من الزملاء و اوساطا إعلامية و أکدوا بأنني إخترت طريقا ذو إتجاه واحد لارجعة فيه، واننيquot;أحفر في جدار المستحيلquot;، بل وان البعض منهم قد ذهب أبعد من ذلك عندما أجزموا بأنني سأعاني من مطاردة قانونية لأنني أساند تنظيم سياسي هو ضمن قائمة الارهاب، أتذکر جيدا يومها أنني صارحت الاخ الدکتور سنابرق زاهدي مسؤول لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بکل هذه الامور، وأتذکر جيدا بأنني طلبت منه يومها أن يوضح لي ماهي الخيارات المتاحة أمامهم لکي يحققوا شيئا على أرض الواقع، يومها قال لي الدکتور زاهدي و بهدوئه المعهود: الشعب الايراني الايراني أسقط الشاه بقبضات الغضب الملوحة و منظمتناquot;منظمة مجاهدي خلقquot; التي کانت تشکل قاعدة و اساس الثورة، کان أعضائها يلوحون بأياديهم ضد نظام الشاه حتى اسقطوه، و تأکد بأننا سنقوم بإسقاط هذا النظام بقبضات الشعب الايراني مضافا إليه قبضاتنا، نحن منتصرون لامحال لأننا رسل و دعاة للحرية!

في 22 حزيران الجاري، سيعقد في باريس مهرجان التضامن السنوي العاشر للتضامن مع الشعب و المقاومة الايرانية، والذي سيکون مهرجانا استثنائيا لأنه سيقام في ظل ظروف و اوضاع غير عادية يمر بها النظام الايراني بشکل خاص و المنطقة بشکل عام، والاهم و الاکثر حساسية من ذلك انه يقام متزامنا الى حد ما مع مصيدة الملالي و السراب الذي يخدعون به المجتمع الدولي تحت يافطةquot;إنتخابات الرئاسةquot;، هذا المهرجان الذي هو إمتداد لسلسلة مهرجانات متتالية منذ عشرة أعوام، يعقد في ظل متغيرات غير عادية بإمکاننا الاشارة الى أهمها:
ـ نظام ولاية الفقيه قد وصل الى آخر مطافه و مشواره و باتت الازمات و المشاکل التي يعاني منها ثقيلة جدا الى الحد الذي لم يعد بوسع کاهله تحمل وطأتها.
ـ الشعب الايراني بات يقظا و أکثر وعيا و نباهة من بداية الثورة التي إستغل خميني و رهطه من رجال الدين جهد الشعب و الدماء المراقة في سبيل مشروع مشبوه.

ـ منظمة مجاهدي خلق، التي کانت حاملة مشعل و لواء الکفاح و المقاومة و التصدي ضد تيار الاستبداد الذي تجلى في نظام ولاية الفقيه، عادت بعد أعوام طويلة من الحصار و الطوق الذي کان مفروضا عليها بفضل البترودولار المبذوخ من قبل نظام الملالي، لتحمل من جديد مشعل و لواء الکفاح و المقاومة من أجل الحرية تماما کما فعلت في عهد الشاه، لکنها وفي ظل المهرجان السنوي العاشر للتضامن الکبير ولتصبح في دائرة الضوء بعد أن تجاوزت و ببراعة قائمة الارهاب التي وضعت فيها إرضائا و مسايرة لنظام يأخذ من دون أن يعطي.

ـ الانتخابات الرئاسية التي ستجري اليوم و من المرجح أن تستمر لأيام قادمة، تتزامن من سوء حظ الملالي مع عقد المهرجان السنوي للتضامن مع الشعب الايراني و المقاومة الايراني الذي سيعقد في 22 حزيران الجاري، وهو أشبه مايکون بوضع الشعب الايراني و المنطقة و العالم أمام خيارين لاثالث لهما، اما إبقاء نظام الارهاب و الفتن و افتعال المشاکل و الازمات، أو التوجه صوب ذلك الطرف الذي يؤمن بالحرية و الديمقراطية و حقوق الانسان و إيران و منطقة خالية من الاسلحة النووية و يؤمن بمبدأ التعايش السلمي بين الشعوب و عدم التدخل في شؤون الاخرين و التعددية و غيرها من المبادئ و الطروحات التي من شأنها أن تطرح إيرانا جديدا هي غير إيران الشاه و الشاهات المعممين.

14 حزيران هو في واقع أمره إيران اليوم، إيران الازمات و المشاکل، إيران المحاصرة بدائرة النار، إيران الرازخة تحت نير عقوبات قاسية يئن الشعب من جرائها، إيران الکلمة الاولى و الاخيرة فيها لرجل معمم يدعي بأنه نائب الامام المهدي و خليفة الله على الارض، وهو أمر لم تعد شعوب المنطقة بما فيها الشعب الايراني في مقدمتها، لاتتقبله جملة و تفصيلا.

22 حزيران، ليس مجرد مهرجان تضامن سنوي عادي، وانما هو في الحقيقة بمثابة المکان الاهم الذي يتم من على أرضه تحديد مستقبل إيران السياسي و غدها السياسي الافضل عندما ستعلن المقاومة الايرانية کلمتها و کلمة الشعب الايرانيquot;الفصلquot; و تحدد الموقف من کل هذه المهزلة الجارية في ظل نظام قمعي لايؤمن بأي شئ سوى أهدافه و مصالحه!