يمتاز المجتع العراقي بكونه مجتمع طوائف كبرى، وقوميات كبرى، فهو مجتمع متنوِّع بامتياز، كثير من التاريخ وقليل من الجغرافية كما يقولون، وهذه الخاصية ليست عارضة على المجتمع العراقي، بل هي قديمة، ومن حسن الحظ إن جميع أديانه وطوائفه وقومياته لها دورها المتميز في صناعة التاريخ العراقي، وترسيم معالمه الحضارية الرئيسية.
وليس سرّا إن بعض ما يطبع تاريخ العراق بما في ذلك العراق المعاصر هو الصراع بين هذه القوميات والطوائف، وبسبب هذا التنوع كان آلية صراح دولي أقليمي، خاصة بين الأتراك والفرس عبر أكثر من 300 سنة كانت مقلقة ومؤذية ومدمرة، وهو الأمر الذي أدركه العراقيون مرّة وعبروا عنه بأشعارهم وأدبهم النقدي الساخر أحيانا والجاد أحيانا أخرى. وليس من شك إن السلام والأمان والتقدم في أي جزء من أجزاء العراق يؤثر في العراق كله.
اليوم برزت معالم (التقاسم) الإثني أو التعدد الإثني بوضوح في العراق، فقد تبين إن هذا التعدد وفي سياقات متنوعة من السجال والخوف وعدم الثقة والتنافس على مراكز القرار السياسي والاقتصادي والتنابذ والتناحر السرّي كان مُحْتَقََنا على شكل بؤر إنفجاريَّة.
إن ا لتعد د الإثني بالنسبة للمجتمع العراقي حقيقة لا مناص من الإعتراف بها، وإغفالها يعني مكابرة لا داع لها على الإطلاق، وليس من شك إن سياسة الأنظمة التي توالت على العراق سعّرت من مستويات الخوف المُضمَر بين هذه الأثنيات، سواء كانت تتسم بالانحياز الطائفي أو تتسم بمنهج قومي شوفيني أو شبه شوفيني، وليس من شك أيضا، إن غلبة (الطائفة السنية) على التاريخ السياسي للعراق الحديث والمعاصر، ومجيئ أنظمة حكم قومية ذات توجه شبه شوفيني تقريبا كان لهما الاثر البالغ في تحقين هذا الأثنية، وخزنها في الضمائر والنفوس على شكل خوف وقلق وحذر، وانتظار للحظة شاذة تتيح لهذا الاحتقان أن يتفجر، وكان سقوط نظام صدام حسين هو المعبر الحي عن هذه اللحظة المخيفة والمفرحة في آن واحد.
هناك أربعة عوامل تسا عد على ترسيخ وتوكيد واستمرارية هذه اللحظة بكل تداعيتها ومستحقاتها ومخاطرها، وهي: ـ
الأولى: إنعدام الثقافة الاجتماعية الوطنية المتميزة عبر المناهج المدرسية العراقية ومن خلال نشاط المثقفين العراقيين، ورواد الفكر والشعر والفن في هذا البلد.
الثانية: هيمنة الحس الديني الطقوسي على المجتمع اكثر من هيمنة العقل الديني النقدي والاختياري والبحثي.
الثالث: هناك شبه تطابق بين الجغرافية العراقية وبين التقاسم الإثني، والجغرافية المتداخلة ضئيلة نسبيا.
الرابعة: إ ن المتصدرين للقرار السياسي من الشيعة والسنة كثير منهم كانوا من المغمورين اجتماعيا وسياسيا، وهذه الشرائح تحاول الاستفادة العائلية والشخصية من السلطة بتسخير طوائفها وقومياتها بشكل وأخر، وهي ترى في أي مشروع وطني يتجاوز الطائفية والعنصرية وضع حد لهذه المصالح، ليس حبا بالطائفة او القومية، بل حفاظا على هذه المكاسب الكبيرة.
لقد افرزت الأنتخابات البلدية الأخيرة (2009)حقيقة مرّة، تلك هي رسوخ ا لمعادلة الأثنية الطائفية والقومية سياسيا واجتماعيا بل وحتى فكريا بشكل صارخ وموجع، وكل ما قيل عن تجاوز هذه الحالة لمزعجة مبالغ فيه، ويبدو إن الحا لة مرشّحة للدوام والاستمرار، ويمكن وصف المعادلة العراقية في هذا المجال إنها حالة وسطى بين اللبننة والصوملة. ولعل بقاء الأمن بحماية الدبابات والحرس الوطني العلني والجدر الكونكوريتية من علائم هذه الحقيقة.
إن السلام الاجتماعي في ظل معادلة كهذه ليس له طريق سوى توازن القوى الداخلية، فإن لعبة التوازن هي السبيل الوحيد لمنع نشوب الحراب والاقتتال الطائفي والقومي في العراق، ولعبة التوازن الداخلي تستوجب قوة كل الطوائف وتمكنها من حقوقها السياسية والاقتصادية والتربوية والفكرية والدينية، وبدون طوائف وقوميات متكافئة بالقوة والحقوق لا سلام حقيقي، ولا أمن مدني، ومن ثم، لا تنمية ولا أزدهار ولا تطور في هذا البلد.
إن التعويل على إيجاد تيار عراقي عريض جدا عابر لمعضلة التخندق الطائفي والقومي يكاد أن يكون مؤجلا، وينتظر جهودا كبيرة وطويلة الأمد، تتضطلع بيه عقول مثقفة وإمكانات سياسية متقدمة، تسبح ضد هذا التيار المزعج لأزمان ليست بالقصيرة.
إن لعبة توازن القوى ليست لعبة خارجية وحسب، بل هي لعبة تاريخية، ولها تطبيقاتها الطبيعية والسياقية في كثير من الأنظمة والمؤسسات الا جتماعية، فقد نجد لها تطبيقا في الشركات الكبيرة و الفرق الرياضية المشهورة وفي الدوائر المهمة في صنع القرار السياسي الوطني والاقليمي والعالمي، وليس بدعا في أن تجد طريقها الى العراق كمشروع حل، ولو مؤقت، وليس من شك إن الاستراتيجية الامريكية في العراق اختطت في المرحلة الاخيرة بعض معالم هذه الاستراتيجية، بدليل إتصالها بالجمعات المسلحة وإغرائها بالاشتراك بالعملية السياسية وبالتعاون مع الحكومة العراقية، وتأسيسها لمشروع الصحوات، وضغطها على الحكومة العراقية باتجاه التساهل مع مشروع عودة ضباط الجيش العراقي السابق، فإن الحصيلة لهذه المواقف هي فكرة توازن القوى، أي الطوائف والقوميات بالدرجة الالى، ويبدو إن الاستراتيجية الامريكية مستمرة بالعمل وفق قواعد هذه اللعبة وفنونها المتجددة والمتغيرة حسب تجدد الظروف وتغيرها.
إن البلد الذي تتقاسمه الكيانات الاثنية الدينية والطائفية والقومية لا مناص له من نظرية التوازن الداخلي، وإن ضعف كل مكون هو ضعف للبلد كله، تعريض له لحرب اهلية سواء عاجلا أم آجلا ويبقى في نهاية المطاف قدرة الحكومة وصناع القرار السياسي على تحقيق لعبة التوازن هذه بدقة ومن خلال الحوار والتفاهم.
إن الخلاص من ظاهرة الرسخ الطائفي والمذهبي والقومي شي جميل، وأمنية كل عراقي مثقف مؤمن بتراب هذا الوطن الجميل، ولكن ليس بالتمني تتحقق الآمال، وما لا يدرك كله لا يترك جله، وعلى صناع القرار السياسي العراقي تفهم هذا الواقع الصعب، وأن لا يخدعوا شعبهم وطوائفهم بشعارات لا رصيد له من الحقيقة، بل يجب مواجهة الحقيقة بشكل صارخ ومؤثر وفاعل، فتلك بداية الحل، وإلا سيكون الطوفان.
وليس سرّا إن بعض ما يطبع تاريخ العراق بما في ذلك العراق المعاصر هو الصراع بين هذه القوميات والطوائف، وبسبب هذا التنوع كان آلية صراح دولي أقليمي، خاصة بين الأتراك والفرس عبر أكثر من 300 سنة كانت مقلقة ومؤذية ومدمرة، وهو الأمر الذي أدركه العراقيون مرّة وعبروا عنه بأشعارهم وأدبهم النقدي الساخر أحيانا والجاد أحيانا أخرى. وليس من شك إن السلام والأمان والتقدم في أي جزء من أجزاء العراق يؤثر في العراق كله.
اليوم برزت معالم (التقاسم) الإثني أو التعدد الإثني بوضوح في العراق، فقد تبين إن هذا التعدد وفي سياقات متنوعة من السجال والخوف وعدم الثقة والتنافس على مراكز القرار السياسي والاقتصادي والتنابذ والتناحر السرّي كان مُحْتَقََنا على شكل بؤر إنفجاريَّة.
إن ا لتعد د الإثني بالنسبة للمجتمع العراقي حقيقة لا مناص من الإعتراف بها، وإغفالها يعني مكابرة لا داع لها على الإطلاق، وليس من شك إن سياسة الأنظمة التي توالت على العراق سعّرت من مستويات الخوف المُضمَر بين هذه الأثنيات، سواء كانت تتسم بالانحياز الطائفي أو تتسم بمنهج قومي شوفيني أو شبه شوفيني، وليس من شك أيضا، إن غلبة (الطائفة السنية) على التاريخ السياسي للعراق الحديث والمعاصر، ومجيئ أنظمة حكم قومية ذات توجه شبه شوفيني تقريبا كان لهما الاثر البالغ في تحقين هذا الأثنية، وخزنها في الضمائر والنفوس على شكل خوف وقلق وحذر، وانتظار للحظة شاذة تتيح لهذا الاحتقان أن يتفجر، وكان سقوط نظام صدام حسين هو المعبر الحي عن هذه اللحظة المخيفة والمفرحة في آن واحد.
هناك أربعة عوامل تسا عد على ترسيخ وتوكيد واستمرارية هذه اللحظة بكل تداعيتها ومستحقاتها ومخاطرها، وهي: ـ
الأولى: إنعدام الثقافة الاجتماعية الوطنية المتميزة عبر المناهج المدرسية العراقية ومن خلال نشاط المثقفين العراقيين، ورواد الفكر والشعر والفن في هذا البلد.
الثانية: هيمنة الحس الديني الطقوسي على المجتمع اكثر من هيمنة العقل الديني النقدي والاختياري والبحثي.
الثالث: هناك شبه تطابق بين الجغرافية العراقية وبين التقاسم الإثني، والجغرافية المتداخلة ضئيلة نسبيا.
الرابعة: إ ن المتصدرين للقرار السياسي من الشيعة والسنة كثير منهم كانوا من المغمورين اجتماعيا وسياسيا، وهذه الشرائح تحاول الاستفادة العائلية والشخصية من السلطة بتسخير طوائفها وقومياتها بشكل وأخر، وهي ترى في أي مشروع وطني يتجاوز الطائفية والعنصرية وضع حد لهذه المصالح، ليس حبا بالطائفة او القومية، بل حفاظا على هذه المكاسب الكبيرة.
لقد افرزت الأنتخابات البلدية الأخيرة (2009)حقيقة مرّة، تلك هي رسوخ ا لمعادلة الأثنية الطائفية والقومية سياسيا واجتماعيا بل وحتى فكريا بشكل صارخ وموجع، وكل ما قيل عن تجاوز هذه الحالة لمزعجة مبالغ فيه، ويبدو إن الحا لة مرشّحة للدوام والاستمرار، ويمكن وصف المعادلة العراقية في هذا المجال إنها حالة وسطى بين اللبننة والصوملة. ولعل بقاء الأمن بحماية الدبابات والحرس الوطني العلني والجدر الكونكوريتية من علائم هذه الحقيقة.
إن السلام الاجتماعي في ظل معادلة كهذه ليس له طريق سوى توازن القوى الداخلية، فإن لعبة التوازن هي السبيل الوحيد لمنع نشوب الحراب والاقتتال الطائفي والقومي في العراق، ولعبة التوازن الداخلي تستوجب قوة كل الطوائف وتمكنها من حقوقها السياسية والاقتصادية والتربوية والفكرية والدينية، وبدون طوائف وقوميات متكافئة بالقوة والحقوق لا سلام حقيقي، ولا أمن مدني، ومن ثم، لا تنمية ولا أزدهار ولا تطور في هذا البلد.
إن التعويل على إيجاد تيار عراقي عريض جدا عابر لمعضلة التخندق الطائفي والقومي يكاد أن يكون مؤجلا، وينتظر جهودا كبيرة وطويلة الأمد، تتضطلع بيه عقول مثقفة وإمكانات سياسية متقدمة، تسبح ضد هذا التيار المزعج لأزمان ليست بالقصيرة.
إن لعبة توازن القوى ليست لعبة خارجية وحسب، بل هي لعبة تاريخية، ولها تطبيقاتها الطبيعية والسياقية في كثير من الأنظمة والمؤسسات الا جتماعية، فقد نجد لها تطبيقا في الشركات الكبيرة و الفرق الرياضية المشهورة وفي الدوائر المهمة في صنع القرار السياسي الوطني والاقليمي والعالمي، وليس بدعا في أن تجد طريقها الى العراق كمشروع حل، ولو مؤقت، وليس من شك إن الاستراتيجية الامريكية في العراق اختطت في المرحلة الاخيرة بعض معالم هذه الاستراتيجية، بدليل إتصالها بالجمعات المسلحة وإغرائها بالاشتراك بالعملية السياسية وبالتعاون مع الحكومة العراقية، وتأسيسها لمشروع الصحوات، وضغطها على الحكومة العراقية باتجاه التساهل مع مشروع عودة ضباط الجيش العراقي السابق، فإن الحصيلة لهذه المواقف هي فكرة توازن القوى، أي الطوائف والقوميات بالدرجة الالى، ويبدو إن الاستراتيجية الامريكية مستمرة بالعمل وفق قواعد هذه اللعبة وفنونها المتجددة والمتغيرة حسب تجدد الظروف وتغيرها.
إن البلد الذي تتقاسمه الكيانات الاثنية الدينية والطائفية والقومية لا مناص له من نظرية التوازن الداخلي، وإن ضعف كل مكون هو ضعف للبلد كله، تعريض له لحرب اهلية سواء عاجلا أم آجلا ويبقى في نهاية المطاف قدرة الحكومة وصناع القرار السياسي على تحقيق لعبة التوازن هذه بدقة ومن خلال الحوار والتفاهم.
إن الخلاص من ظاهرة الرسخ الطائفي والمذهبي والقومي شي جميل، وأمنية كل عراقي مثقف مؤمن بتراب هذا الوطن الجميل، ولكن ليس بالتمني تتحقق الآمال، وما لا يدرك كله لا يترك جله، وعلى صناع القرار السياسي العراقي تفهم هذا الواقع الصعب، وأن لا يخدعوا شعبهم وطوائفهم بشعارات لا رصيد له من الحقيقة، بل يجب مواجهة الحقيقة بشكل صارخ ومؤثر وفاعل، فتلك بداية الحل، وإلا سيكون الطوفان.
التعليقات