كيف يؤثر موقف الجالية من مغامرات بوش الشرق أوسطية؟
دور عرب الولايات المتحدة في إنتخاباتها الرئاسية

تزايد الشكوك حول إختيار سارة بايلن

تعثر إقرار خطة الإنقاذ المالية يعمل لصالح أوباما

واشنطن: على مدى تاريخ الممارسة السياسية للعرب الأميركيين، انقسم الناخبون العرب تقليديا إلى ثلاثة أقسام، حيث اعتاد ثُـلثـُهم التّـصويت لصالح الحزب الديمقراطي والثُّـلث الآخر لصالح الحزب الجمهوري، والثلث الأخير فضّـلوا التصويت لمرشح مستقل، وخاصة إذا كان من العرب الأميركيين، مثل رالف نادر. ولكن السنوات الثمانِي الأخيرة من مغامرات الرئيس بوش في الشرق الأوسط وأجندة إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بالقوة، التي أقنعه بها المحافظون الجُـدد، وسلسلة ممارسات تقييد الحريات المدنية التي استهدفت العرب والمسلمين بشكل خاص، سرعان ما أحدثت تآكلا تاريخيا في مساندة العرب الأميركيين للحزب الجمهوري.

فقد أكّـد الدكتور جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأميركي أن أحدث استطلاع لآراء العرب الأميركيين أجرته مؤسسة زغبي الدولية لبحوث الرأي العام، أظهر أن التحول في الانتماء الحزبي بين العرب الأميركيين من الحزب الجمهوري إلى الحزب الديمقراطي، في تزايد مستمر.

فبينما كانت نسبة المُـنتمين إلى الحزب الديمقراطي في عام 2000 هي 40% مقابل 38% للحزب الجمهوري، يظهر الاستطلاع الجديد أن نسبة المنتمين إلى الحزب الديمقراطي زادت إلى 46%، بينما تآكل الانتماء إلى الحزب الجمهوري بين العرب الأميركيين إلى 20% فقط.

وقال الدكتور زغبي: quot;إن السياسات التي اتّـبعها الرئيس بوش، محليا ودوليا، وخاصة إزاء الشرق الأوسط والعرب والمسلمين، جعلت العرب الأميركيين يشعرُون بعدم الانتماء إلى الحزب الجمهوري، لدرجة أن الحزب فقَـد هذا العام نصف عدد الناخبين من العرب الأميركيين، الذين كانوا يساندونه في انتخابات عام 2000quot;.

وأظهر الاستطلاع أن شعبية الرئيس بوش، بين العرب الأميركيين عموما، قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها وهو 23% على أدائه العام و19% على سياساته الاقتصادية، كما أظهر الاستطلاع أن أهم القضايا التي تشغل بال الناخب العربي الأميركي في انتخابات الرئاسة القادمة، هي الاقتصاد وفُـرص العمل، ثم الحرب في العراق وقضايا السلام في الشرق الأوسط والسياسة الخارجية عموما.

quot;ليس حبّـًا في زَيد، ولكن نِـكاية في عمروquot;

وقد أظهر استطلاع مؤسسة زغبي الدولية لأبحاث الرأي العام أن غالبية العرب الأميركيين يفضلون انتخاب المرشح الديمقراطي باراك أوباما بفارق 21 نقطة عن منافسه الجمهوري السناتور جون ماكين، حيث أفادت نسبة 54% منهم بأنهم سيُـصوِّتون لصالح أوباما، بينما ذكرت نسبة 33% أنهم سيُـصوِّتون لماكين.

ويرى الدكتور جون زغبي أنه مع هذا الفارق الكبير، فإنه بالمقارنة مع الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2004، يتّـضح أن حملة أوباما الانتخابية لم تقنع كثيرا من العرب الأميركيين بتأييده بشكل أفضل. فقد تمكّـن المرشح الديمقراطي للرئاسة جون كيري في انتخابات عام 2004 من كسب تأييد 71% من الناخبين العرب الأميركيين المستقلين، مقابل 15% فقط لبوش، ولكن الدكتور زغبي يفسِّـر ذلك أيضا بأنهم كانوا يصوِّتون ضدّ بوش، وليس بالضرورة لكيري.

وأظهر الاستطلاع أن 40% من مؤيِّـدي أوباما من العرب الأميركيين يساندونه، نظرا إلى مواقِـفه إزاء قضايا السياسة الداخلية و3% فقط، بسبب مواقفه من قضايا السياسة الخارجية، وأن 20% من العرب الأميركيين سيُـصوِّتون لأوباما بطريقة quot;ليس حبّـًا في زَيد، ولكن نِـكاية في عمروquot;، أي لمجرد اعتراضِـهم على منافسه جون ماكين ولحزبه الجمهوري.

على الجانب الآخر، أظهر الاستطلاع أن 20% من مساندي ماكين من العرب الأميركيين، يفضلونه استنادا إلى مواقِـفه من السياسات الداخلية، بينما أفادت نسبة 20% من مؤيِّـدي ماكين أنهم سيصوِّتون له، تسجيلا لرفضهم لأوباما ولسياسات حزبه الديمقراطي.

وعلى العكس من النسبة الضئيلة التي ستصوت لأوباما بسبب مواقفه من السياسة الخارجية، أظهر الاستطلاع أن نسبة 16% ممن سيصوتون لماكين من العرب الأميركيين،يحبّون سياساته الخارجية.

أين ستظهر قوة العرب الأميركيين؟

يُجيـب الدكتور جيمس زغبي قائلا: quot;أعتقد أن انتخابات الرئاسة القادمة ستكون متقاربة إلى حدٍّ كبير، خاصة في ما يُـسمَّـى بالولايات المتأرجِـحة، بين تأييد الحزب الجمهوري وتأييد الحزب الديمقراطي، وبالتالي، فإن أصوات العرب الأميركيين في ولاية مثل ولاية ميشيغان، والتي تصل إلى 5% من أصوات الناخبين المسجّـلين في الولاية، يُـمكنها حسم انتخابات الرئاسة في ميشيغان لصالح باراك أوباماquot;.

ويضيف quot;كما يعتقد العديد من خبراء شؤون انتخابات الرئاسة، أن المرشح الديمقراطي لن يستطيع تحقيق الفوز في نوفمبر القادم، دون الفوز بولاية ميشيغان، كما سيمكن للعرب الأميركيين ترجيح كفّـة أوباما في ولاية فيرجينيا، مثلما كانوا قادرين في انتخابات التجديد النِّـصفي لمجلس الشيوخ قبل عامين، من ترجيح كفّـة المرشح الديمقراطي جيم ويب على منافسه الجمهوري جورج آلان، كما سيتكرر السيناريو في ولايات أخرى، تبلغ نسبة الناخبين العرب الأميركيين فيها 2% تقريبا، مثل أوهايو وفلوريدا وبنسلفانياquot;.

كذلك أكدت نادين وهاب، مديرة الشؤون العامة في المعهد العربي الأميركي أن العرب الأميركيين من أنشط المجموعات العِـرقية، سياسيا، في الولايات المتحدة وقالت: quot;يزيد معدّل تسجيل الناخبين بين العرب الأميركيين على المعدّل القومي الأميركي، حيث تبلغ نسبة العرب المسجّـلين في قوائم الانتخابات أكثر من 80% ممّـن يحِـق لهم التصويت، ويحتل العرب الأميركيون المركز الثالث من حيث نسبة المشاركة في الانتخابات، بعد اليهود الأميركيين والأميركيين من أصول إفريقيةquot;.

وأوضحت نادين وهّـاب أن الإحصاء القومي للسكان في عام 2000، يشير إلى أن عدد العرب الأميركيين يصِـل إلى ثلاثة ملايين ونصف مليون عربي، تتنوّع أصولهم بين 39% من أصول لبنانية و12% من أصول مصرية وسورية، و6% من أصل فلسطيني و3% من أصول مغربية وعراقية ويمنية.

كما أن ثُـلثي العرب الأميركيين يتركّـزون في ولايات كاليفورنيا ونيويورك وميشيغان، وتُـعدّ لوس آنجلس وديترويت ونيويورك وشيكاغو والعاصمة واشنطن، أعلى خمس مدن يتركّـز فيها الوجود السكاني للعرب الأميركيين.

ويقود المعهد العربي الأميركي منذ أكثر من عشرين عاما حملات لتنشيط العمل السياسي للعرب الأميركيين من خلال حملته المشهورة quot;Yalla Votequot; ، والتي تدعو العرب الأميركيين إلى تنظيم صفوفهم وتسجيل أنفسهم في قوائم الناخبين والمشاركة في الانتخابات المحلية والعامة ومناقشة المرشحين من الحزبين، فيما يسمى ليالي المرشحين التي ينظمها المعهد العربي الأميركي، خاصة في الولايات المتأرجحة بين الحزبين.

وأعرب النائب الديمقراطي جيم موران، الذي تمكن العرب الأميركيون من ترجيح كفّـته في انتخابات مجلس النواب أكثر من مرّة في مواجهة منافسة شرسة من مرشحين يساندهم اللّـوبي الإسرائيلي في واشنطن، عن ترحيبه بزيادة المشاركة السياسية للعرب الأميركيين، وقال لسويس إنفو:

quot;من الأهمية بمكان أن يكون مجتمع بحجم مجتمع العرب الأميركيين جزءًا من العملية السياسية الديمقراطية في الولايات المتحدة، فمن دون المشاركة لن يُـمكن للعرب الأميركيين ممارسة أي تأثير على التوجّـهات السياسية للمرشحين، ولكن إذا تمكن العرب الأميركيون من ترجيح كفّـة مرشح للرئاسة في ولاية ما، فيجب أن يُـسارع زعماء العرب الأميركيين إلى توضيح تلك الحقيقة لذلك المرشح، والسعي لحشد تفهّـمه لقضاياهم وما يثير قلقهم، سواء في السياسة الخارجية أو الحريات العامة أو القضايا الداخليةquot;.