شاشة quot;المستقبلquot; تعود بلا ضمانات والحزب يراقب

وسائل إعلام تيّار المستقبل تعاود البث اليوم رغم استمرار التهديدات
الملا: الكلمة في مواجهة السلاح

خير الله خير الله: عادت اليوم صحيفة quot;المستقبلquot; الى الصدور بعد غياب قسري استمر أربعة أيام فرضته ميليشيا quot;حزب اللهquot; التي اقتحمت مكاتبها في العاصمة اللبنانية يوم الجمعة الماضي وأحرقت احدى الطبقات وحطمت المكاتب. وجاءت افتتاحية الزميل هاني حمّود رئيس تحرير quot;المستقبلquot; في عدد quot;المستقبلquot; الصادر اليوم لتلقي الضوء على كثير من النقاط التي كانت بحاجة الى توضيح. وبين النقاط موقف سعد الحريري من السلاح والفتنة الشيعية - السنية والأسباب التي تدفع شخصا مثل زعيم تيّار المستقبل والأكثرية النيابية في لبنان الى رفض أي نوع من العنف وعقلية الميليشيات واللجوء ألى التسلّح والسلاح... وفاء لإرث والده رفيق الحريري الذي رفض دائما الدم والعنف.

يلقي هاني حمود في الافتتاحية الضوء على خلفيات استباحة بيروت فيشير الى أن quot;القرار الإقليمي الخارجيquot; باجتياح المدينة quot;بعيد جدّا عن لبنان ولأسباب لا علاقة لها به ولا بحكومته وقراراتها. اتخذ منذ زمن بعيد بدليل حجم العملية العسكرية وسرعتها الصاعقة وسعة أهدافهاquot;. وفي ما يأتي نص الإفتتاحية التي كتبها هاني حمّود في quot;المستقبلquot; بمناسبة عودتها الى الصدور:

quot;صراحة الروح، حقيقة الدم

بقلم هاني حمود

في كل مرة كان يلتقي بها أهل بيروت أو أي منطقة من لبنان سعد الحريري، وكانوا يهتفون له: بالروح بالدم نفديك، كان يجيبهم: أنا، بروحي وبدمي، أفديكم.
هذا الكلام لم يكن في الهواء.
ثلاث سنوات وهو يكرر لجمهوره، ولمن يريد أن يسمع: نحن لسنا ميليشيا. لا نحمل السلاح. لم يحملنا رفيق الحريري لا الرشاش ولا الصاروخ. حملنا قلما، وشهادات. مشروعنا الدولة، والشرعية. والجيش هو من يحمي المواطنين.

حسنا،

اتخذ القرار الاقليمي، الخارجي، بعيدا جدا عن لبنان، ولاسباب لا علاقة لها به، ولا بحكومته ولا بقراراتها. اتخذ منذ زمن بعيد، بدليل حجم العملية العسكرية وسرعتها الصاعقة وسعة أهدافها. وحددت له ساعة الصفر: 7 أيار. وبدليل أن الحل الذي عرضه سعد الحريري قبل بدايتها على السيد حسن نصر الله مباشرة على الهواء، وضع القرارين في عهدة الجيش، رفض، ليتم القبول به بعد استكمال اجتياح بيروت. الهدف إذن، اجتياح بيروت.

بدأ الهجوم، ولم يتمكن الجيش من حماية المواطنين الآمنين. أراد، ولم يتمكن. لأسبابه، لأسباب تناقش حاليا داخله، وربما معه لاحقا. النتيجة واحدة. لم يتمكن. بدأت صرخات الاستغاثة ترد إلى سعد الحريري من أحياء بيروت الشهيدة، ومن المناطق: سلحنا، مدنا بالذخيرة والعتاد، بالحد الأدنى اعطنا تعليمات للمقاومة بالوسائل المتوفرة: بالمسدس الفردي، بالعصا، بسكين المطبخ!

كان جواب سعد الحريري حاسما: لن أكون شريك أحد في حرب سنية شيعية، والعراق ماثل أمام عيني. لن أكون شريك أحد في حرب أهلية تلتهم كل لبنان، لأنني إذا تحركت، قد تتحرك معي كل المناطق والحلفاء. والأهم، لن أعرض بيروت وأهلها إلى مجزرة محتمة، وهم الأمانة الأغلى التي تركها والدي الشهيد في عنقي.
كان جوابه حاسما: أنا سعد رفيق الحريري. لم يكن على أيدينا دم في يوم من الأيام. ولن يكون. يريدون الوصول إلي؟ افتحوا لهم الطريق. فلتكن مشكلتهم معي أنا شخصيا، وليس معكم. فليصلوا إلى منزلي، كي لا تذبح بيروت. أنا بروحي وبدمي أفديكم. الكلام ليس في الهواء.

فتحت الطريق، واندلعت الحرب الأهلية من جانب واحد: مسلحون مدججون، قوة تفوق قوة الجيش اللبناني، تتقدم في شوارع مقفرة، تطلق النار على جدران صامتة وعزل آمنين، تقتحم أبنية فارغة وتحرر. تحرر ماذا؟ مستوصفات طبية؟ مكاتب عمل اجتماعي؟ صحف؟ إذاعات؟ محطات تفلزة؟

سيطروا على بيروت؟ استيقظ أحدهم في منتصف الليل وذبح زوجته وأولاده جميعا وصرخ: سيطرت على بيتي. يا للرجولة التي ما بعدها رجولة. يا للشجاعة التي ما بعدها شجاعة.

حوصر سعد الحريري وبقي يقول لجمهوره. مشكلتنا ليست مع الأخ المغرر به في شوارع بيروت، يرسلونه إلى بيوت الآمنين، يدهمها ويفتشها، بحثا عن ماذا؟ فتشوا كل بيروت ولم يجدوا فيها مزارع شبعا! ليست مع المستفيد من منح مؤسسة رفيق الحريري الذي جاء يحرقها، ومن طبابة مستوصفات رفيق الحريري الذي جاء يخرب معداتها، ومن خدمات مؤسسات رفيق الحريري الاجتماعية الذي جاء ينهبها. إنه ضحيتهم الأولى. أرسلوه، إلى بيروت، وقبلها إلى مار مخايل وقالوا له: إذهب، بروحك وبدمك تفدينا. يا للرجولة. يا للشجاعة.

حوصر سعد الحريري، وبدأت الحقيقة تتكشف. أرادوا اسكات صوت بيروت، صوت رفيق الحريري، بالاعتداء على الاعلام، فاصبح صوت بيروت ورفيق الحريري على كل الشاشات. أرادوا اقتلاع صورة بيروت وصورة رفيق الحريري ليزرعوا مكانها صور قاتله. أرادوا اقتلاع العلم اللبناني ليزرعوا مكانه علم أسيادهم. فكانت النتيجة أن هذه الصورة انتقلت إلى كل بيت فزادت بيروت وعلمها الوحيد، علم رفيق الحريري الوحيد، علم لبنان، انغراسا في كل قلب وكل بيت من بيوت لبنان وكل العالم العربي والاسلامي.

قالوا لأهل بيروت، ومعهم لغالبية اللبنانيين: أنتم عملاء اسرائيل. فقامت اسرائيل تهنئ نفسها علنا بما يفعلونه. رئيس دولتها يقول بلسانه: لا داعي لتضخيم ما حدث. كنا على علم منذ وقت طويل، لسنا قلقين.
ليسوا قلقين. طبعا. لأن مصدري القلق العسكريين لاسرائيل في لبنان، المقاومة والجيش زجا في نفق لا يعرف أحد أين ينتهي. المقاومة كانت لا تريد لسلاحها أن يكون على طاولة حوار، فرمت به في محرقة الفتنة. صارت وظيفته اقتحام دار الأيتام الاسلامية في بيروت، وهو لو اجتاح كريات شمونة لكان بلا شك تفادى التعرض لدار الأيتام اليهودية فيها! أما الجيش، فبدأت اسرائيل تستغل عدم قدرته، ونكرر، قدرته لا إرادته، على فعل شيء، لتصفه بالتابع لحزب الله، ولضرب سنتين من جهود سعد الحريري لمصلحة تسليحه وتجهيزه ومساعدته في كل العواصم العربية والعالمية، بينما تعرضت صورته وشرعيته لدى المواطنين الوادعين الآمنين إلى هزة لن تتمكن السياسة من معالجة آثارها إلا بمعجزة.

ترى من هو العميل؟

جراح بليغة فتحت. مذهبية، وطنية، قومية، اسلامية. بيروت لا تخاف على نفسها. هي دفنت كل ما افتعل بها، عبر التاريخ تحت اسفلت حضارتها.

جراح لا يقفلها إلا رفيق الحريري. فالرحمة على روحه. ولتكن صلاة الجمعة في كل مساجد لبنان، الشيعية قبل السنية، على روح شهيد لبنان، وليكن قداس الأحد في كل كنائس لبنان، على روح شهيد لبنان، رفيق الحريري.

أما سعد رفيق الحريري، فهو باق. باق مع بيروت، باق مع لبنان، بالروح، بالدم، يفديكمquot;.