واشنطن: بعد فوز باراك أوباما الساحق بالرئاسة الاميركية، يجد البيت الابيض نفسه للمرة الاولى وهو يحاول ان ينفي تلقي الرئيس اول ضربة يوجهها له الجمهوريون. وفي اول اختبار لوعد أوباما بانقاذ سياسة واشنطن من الحزبية ومشاعر المرارة التي سادت بين الحزبين خلال العقدين الماضيين، ناشد الرئيس الجمهوريين دعم خطته الضخمة لتحفيز الاقتصاد. واغدق الرئيس الديموقراطي على القادة الجمهوريين حفلات الكوكتيل ووجه اليهم دعوات لحضور حفلة السوبر بول التي تقام في البيت الابيض حتى انه قام بزيارة رئاسية سريعة الى الكونغرس لاستقطاب الحزب الاخر.

لكن عندما طرحت خطة تحفيز الاقتصاد بقيمة 819 مليار دولار في مجلس النواب الاسبوع الماضي، فانها لم تحصل على اي صوت جمهوري. وهذا الاسبوع، سيتاح لمجلس الشيوخ التصويت على هذه الخطة، وسيسعى ايضا الى الحصول على اصوات الجمهوريين. وقال أوباما للاميركيين في كلمته الاذاعية الاسبوعية السبت quot;ساواصل العمل مع الحزبين حتى تتم المصادقة على اقوى مشروع قرارquot;.

واضاف quot;نظرا للارتفاع الكبير في المخاطر، ليس لدينا مجال لخوض السجالات الحزبية السابقة في واشنطن. لقد حان الوقت للتحرك في اتجاه جديدquot;. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ان هناك اسبابا كافية تدفع أوباما الى الامل في تعامل الاعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ بشكل افضل مع مشروع القرار مقارنة مع نظرائهم في مجلس النواب؟، وهل سيؤدي فشل تعاون الحزبين الى تقويض الرئاسة؟.

يقول البروفسور ستيفن سميث، الخبير في شؤون الكونغرس في جامعة واشنطن في سان لويس، ان محاولة أوباما التقرب من الحزب الاخر في حد ذاتها، ولو من دون كسب دعم الجمهوريين، قد تبعث الرضا في نفوس الناخبين الاميركيين المتعبين من المناورات الحزبية التي شهدتها واشنطن. ويضيف سميث ان أوباما quot;قد يكسب مديح الاميركيين على استراتيجيته بمد اليد الى الجمهوريين -- وان عدم استجابة الجمهوريين له باعطائه بعض الاصوات لم تحد من جهودهquot;.

ولدى الجمهوريين عدة اسباب سياسية مشروعة للسير وراء قيادتهم والتصويت ضد خطة تحفيز الاقتصاد. فالجمهوريون يشكون من ان رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والنواب الديموقراطيين لم يتسلموا مذكرة أوباما بشان التعاون الحزبي، ويزعمون انه تم منعهم من طرح مشروع قرار يقولون انه يوضح الانفاق غير الضروري وخفض الضرائب غير الكافي.

واذا اثبتت خطة أوباما لتحفيز الاقتصاد فعاليتها وانعشت الاقتصاد المتهاوي، فانه من غير المرجح ان يحصلوا على اي اشادة بجهودهم حتى ولو صوتوا لصالح الخطة. اما اذا عارضوها، فانهم، في حال لم يصوتوا، سيحصلون على الاقل على مكاسب سياسية اذا فشلت الخطة. ومعروف عن اعضاء مجلس الشيوخ انهم اقل تشددا من النواب حيث ان ولايتهم التي تستمر ست سنوات تحميهم من رد فعل الناخبين، ولذلك بامكان أوباما ان يتوقع تقبلا اكبر لخطته في مجلس الشيوخ.

كما انه قد يكسب ود الجمهوريين من الولايات التي حقق فيها نصرا في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر. ففي حال عارض هؤلاء الرئيس الذي يحظى بشعبية، فقد يخسرون تاييد ناخبيهم. وقال احد هؤلاء الشيوخ وهو جد غريغ من نيوهامبشير الجمعة انه من بين المرشحين لشغل منصب وزير الاقتصاد في ادارة أوباما --وهذا عرض سخي يوفر عليه عناء ترشيح نفسه في الانتخابات مرة اخرى العام 2010.

لكن باستثناء بعض اعضاء مجلس الشيوخ المترددين، لا يوجد امل كبير في ان تحصل خطة أوباما على 80 صوتا في المجلس المؤلف من 100 مقعد. وقال الرئيس في معرض ترحيبه بمصادقة مجلس النواب على خطة تحفيز الاقتصاد، انه مستعد quot;لتحسينquot; الخطة، في اشارة الى ادخال بعض التعديلات التي يمكن ان تستقطب بعض الجمهوريين عندما يتم اعادة النسخة النهائية من مشروع القرار الى مجلس النواب.

ومن المرجح ان يواصل أوباما محاولاته للتوصل الى تسويات ترضي الحزبين وذلك لتخفيف اعتماده على العناصر المتشددة في الحزب الديموقراطي في مجلس النواب، وكذلك للحصول على اصوات الجمهوريين بشان عناصر مهمة في اجندته. لكن وعلى الرغم من ان محاولاته قد تلطف الجو في واشنطن، الا ان خروج اعداد كبيرة من النواب عن سياسة الحزب امر بعيد المنال.