كردستان مصرة على الإنتخابات بموعدها والمفوضية تشكك
الجنائية العراقية تبدأ محاكمات متهمي مرحلة ما بعد السقوط

أسامة مهدي من لندن: تدشن المحكمة الجنائية العراقية العليا التي عرفت بمحاكمة رموز النظام السابق الشهر المقبل مرحلة محاكمات متهمين في quot;جرائمquot; إرتكبت خلال الفترة التي اعقبت سقوط ذلك النظام عام 2003، وذلك بمحاكمتين تتعلقان بجرائم حرب وتطهير عراقي وطائفي.. فيما بعثت رئاسة اقليم كردستان بنص قانون انتخابات الاقليم بعد المصادقة عليه الى المفوضية العليا للانتخابات العراقية في بغداد طالبة الاشراف على عمليات التصويت هناك على الرغم من تشكيك المفوضية بامكانية اجراء الانتخابات في موعدها المقرر في التاسع عشر من أيار (مايو) المقبل. وابلغ مصدر في المحكمة الجنائية العليا quot;ايلافquot; انه تم تشكيل محكمة جنائية ثالثة برئاسة القاضي نزار الموسوي وستبدأ جلساتها في التاسع والعشرين من الشهر المقبل. وأوضح ان متهمين عراقيين اثنين سيمثلان امام هذه المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب اثر اسرهما لجنديين بريطانيين في اذار (مارس) عام 2003 بعد دخول القوات البريطانية إلى الأراضي العراقية لإسقاط النظام السابق.

وظلت القوات البريطانية تعتقل هذين المتهمين حتى نهاية العام الماضي ثم سلمتهما الى السلطات العراقية قبل يوم واحد من اعلان استلام هذه السلطات للسيادة على بلدها في الأول من العام الحالي. وقد تم تسليم المتهمين على الرغم مناعتراض المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي اصدرت توصية بضرورة تجميد إجراءات تسليم فيصل السعدون البالغ من من العمر 56 سنة، وخلف المفدي إبن الثامنة والخمسين. وهذان المواطنان العراقيان متهمان بقتل اثنين من أفراد القوات البريطانية في العراق وهما سايمون كلنوورث ولوك آلسوب في آذار عام 2003.

وقال وزير الدفاع البريطاني بوب إينزورث إن القرار السليم قد اتخذ لكنه أعرب عن خشيته أن يُحكم على المتهمين بالإعدام. وتعليقًا على قرار المحكمة الأوروبية، قال إينزورث quot;لقد وجدنا أنفسنا في موقف غير مسبوق، لقد كانوا يسألوننا عمليًا القيام بشيء غير قانوني. لأنه ليس في مقدورنا من الناحية الإبقاء عليهما رهن الحجز وهذا ما أكدته المحكمة العليا في بريطانيا.quot; وكان مسؤول قضائي بريطانيا قد اعتبر في العام 2006 أن الجنديين البريطانيين قتلا ظلمًا وعدوانًا من قبل عناصر في جهاز الاستخبارات العراقية السابقة.

واضاف المصدر انه تم ايضا تشكيل المحكمة الجنائية الرابعة برئاسة القاضي محمود صالح حيث ستبدأ في الثامن من الشهر المقبل بمحاكمة مجموعة من المتهمين المتورطين بتطهير عرقي وطائفي وجرائم قتل. وشهد العراق خلال عامي 2005 و2006 عمليات عنف طائفية غير مسبوقة راح ضحيتها الالاف من العراقيين نتيجة تطاحن مجموعات مسلحة ومهاجمتها لمواطنين وقتلهم وتهجيرهم على الهوية. ولم يعرف بعد عدد المتهمين في هذه القضية وفيما اذا كان هناك منهمون جدد سيحالون الى محاكمات اخرى حول جرائم ارتكبت بعد عام 2003.

وستجري هاتان المحاكمتان في وقت انتهت المحكمة الجنائية العراقية من التحقيق في قضايا جرائم ارتكبت في زمن النظام السابق، حيث اصدرت احكامها في عدد منها، فيما لا تزال محاكمات اخرى جاريةحتّى الان بانتظار النطق بالاحكام ضد المتهمين فيها. فقد اصدرت المحكمة احكامها في قضايا اعدام 148 مواطنًا من ابناء بلدة الدجيل شمال بغداد عام 1981 وجرائم الانفال ضد ابناء الشعب الكردي خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي واعدام 42 تاجرًا عام 1992 وانتفاضة الجنوب العراقي عام 1991 وانتفاضة مدينة الصدر عام 1999 فيما لا تزال المحكمة تنظر في قضية تهجير وقتل الاكراد الفيلية خلال حقبة الثمانينات واعدام العشرات من البرزانين بشمال العراق الكردي وقصف مدينة حلبجة الكردية بالاسلحة الكيماوية عام 1988.

عزم على اجراء انتخابات كردستان على الرغم من إعتراض مفوضية الانتخابات

بعثت سلطات اقليم كردستان نسخة من قانون الانتخابات في الاقليم الى المفوضية العراقية العليا للانتخابات لاتخاذ الاجراءات اللازمة للاشراف على هذه الانتخابات، على الرغم من تأكيد هذه الاخيرة صعوبة اجرائها في التاسع عشر من ايار (مايو) المقبل كما هو مقرر مطالبة بمنحها ثلاثة اشهر على الاقل للاعداد للانتخابات الهادفة لانتخاب اعضاء برلمان الاقليم البالغ عددهم 111 نائبًا. وينص القانون على تغيير اسم quot;المجلس الوطني لكردستان العراقquot; الى quot;برلمان كردستان العراقquot; وتخفيض سن المرشحين لعضوية المجلس الى 25 عامًا وسن الناخبين الى عشرين عامًا.

ويشير القانون انه يحق لكل كيان سياسي في الاقليم تقديم قائمة خاصة به تتضمن أسماء مرشحيه على نطاق كوردستان على ان تحتوي على نسبة لا تقل عن (30%) من النساء ويتم ترتيب أسماء المرشحين بالشكل الذي يضمن تمثيل النسبة المذكورة للنساء في البرلمان على ألا يقل عدد المرشحين في كل قائمة انتخابية عن ثلاثة.

كما يؤكد القانون على ان يعقد البرلمان جلسته الأولى خلال عشرة أيام بعد صدور المرسوم الاقليمي بدعوته للانعقاد وفي حالة عدم صدور الدعوة اليه يجتمع تلقائياً في اليوم التالي لانتهاء المدة المذكورة وان يحدد المجلس في الجلسة الاولى مواعيد دورات انعقاده على ان لا تقل عن دورتين في السنة. وينص على ان تحل المفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات محل الهيئة العليا لانتخابات برلمان كردستان للاشراف على انتخابات الاقليم وان تطبق المفوضية الانظمة والتعليمات الخاصة بها على انتخابات برلمان كردستان كما تتولى النظر في الخلافات والاعتراضات الواقعة خلال اعداد وتنفيذ اجراءات الانتخابات.

ويقضي القانون بتشكيل هيئة قضائية في محكمة تمييز اقليم كردستان من ثلاثة قضاة غير متفرغين للنظر في الطعون المحالة اليها من قبل هيئة الانتخابات او الافراد او الكيانات المتضررة من جراء قرارات المفوضية وتكون قراراتها باتة. وعن المقاعد المخصصة للاقليات في كردستان فقد خصص القانون خمسة مقاعد للكلدان السريان الآشوريين وخمسة اخرى للتركمان ومقعد واحد للارمن يتنافس عليها مرشحو هذه المكونات بحيث يجري انتخاب مرشحي كل مكون من قبل الناخبين في هذه المكونات.

واجاز لمواطني اقليم كردستان المقيمين خارجه حق المشاركة في انتخابات برلمان الاقليم. ويقضي القانون باجراء عملية اقتراع منتسبـي قوى الامن الداخلي وحرس الاقليم (الثيشمةرطة) والجيش والعاملين في المستشفيات والسجون ونزلائهما في مراكز اقتراع خاصة تحددها هيئة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالتنسيق مع الوزارات المختصة على ان تجرى قبل 48 ساعة من موعد اجراء الانتخابات.

وقد ارسل برلمان كردستان هذا القانون الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في بغداد للبدء بالتحضيرات اللازمة لاجراء الانتخابات في الموعد الذي دعا اليه البرلمان وهو التاسع عشر من ايار المقبل. لكن رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري اكد صعوبة إجراء هذه الانتخابات في الموعد المقرر لأن المفوضية لم تتسلم حتى الآن الموافقة على الموازنة الخاصة بالانتخابات موضحا الى انها تحتاج إلى 90 يوميا كحد أقصى لإجراء الانتخابات. واشار الى أن مفوضية الانتخابات تحتاج إلى 90 يومًا كحد أقصى لإجراء الانتخابات في إقليم كردستان بعد أن تتسلم قانون الانتخابات من برلمان الإقليم وتحصل الموافقة على الميزانية المخصصة لذلك من مجلس الوزراء.

وتعد الانتخابات البرلمانية المقبلة الثالثة من نوعها في الاقليم منذ انفصاله ادارياً عن الحكومة المركزية بعد الانتخابات الثانية في 2005 والأولى في 1992. يذكر ان الحزبين الكرديين الرئيسين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني قد اتفقا في وقت سابق على تمديد فترة ولاية الحزب الديمقراطي لرئاسة الحكومة والاتحاد الوطني لرئاسة البرلمان على ان يكون من حق الاتحاد الوطني رئاسة حكومة الإقليم لمدة اربع سنوات بعد اجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في العراق اواخر العام الحالي.

وكان برلمان إقليم كردستان العراق قد تأسس في أعقاب قرار النظام السابق عام 1991 سحب الإدارات التشريعية والحكومية من المنطقة. وانتخب سكان الإقليم في أيار (مايو) عام 1992 أول دورة للبرلمان فيما انتخبت الدورة الحالية في عام 2005 وهي تتألف من 111 نائبًا هم اعضاء البرلمان الحالي.