أوغلو ومبارك يبحثان مواجهة الوضع العراقي السوري

نبيل شرف الدين من القاهرة: في ختام اللقاء الذي جمع أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي بالرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة، قال أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري إن هذا اللقاء شهد استعراضا لتقرير وشرح موسع من قبل الوزير التركي بشأن جهود بلاده في معالجة الوضع الأخير المأزوم بين العراق وسوريا. ومضى أبو الغيط ـ الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي ـ قائلاً إن اللقاء تطرق إلى مجمل قضايا الوضع الإقليمي، وفي مقدمتها قضايا لبنان في ظل تعثر عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة حتى الآن، وكيفية معالجة هذا الوضع، كما تم استعراض تطورات جهود السلام في ضوء ما يمكن أن يصدر عن الإدارة الأميركية الحالية في ما يتعلق بدفع عملية السلام وحشد الجهود لتحقيق بدء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ورداً على سؤال حول وجهة نظر مصر إزاء ما يتردد عن اجتماع قمة ثلاثي مرتقب يضم الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال أبو الغيط quot;إن رئيس السلطة الفلسطينية سوف يأتي لمصر خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيتحدث مع الرئيس مبارك بشأن هذا اللقاء المحتملquot;.

وأوضح أبو الغيط أن الرؤية المصرية في هذا الصدد تتمثل في أن مثل هذه اللقاءات يجب أن تتم على أساس توافر أرضية مناسبة وتفاهم واضح حول كيفية التحرك نحو المفاوضات.. ونحن نعلم أن الجانب الفلسطيني والجانب العربي إنما يصمم على ضرورة صدور إعلان إسرائيلي مفهوم ومرضي دولياً عن وقف الاستيطان الكامل بما في ذلك القدس الشرقية.. وإذا تحقق ذلك فإن هذا الأمر يفتح الطريق للقاءات.. ثم يفتح الطريق أيضا لبدء مفاوضات مرة أخرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. ونحن ننتظر الطرح الأميركي، ويتردد أنه سيأتي خلال الشهر الحالي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومضى وزير الخارجية المصري قائلاً: quot;إنه ومن خلال الطرح الأميركي، والإعلان الإسرائيلي عن الالتزام بوقف الاستيطان بشكل ممتد، فإننا نتوقع أن يكون ذلك اللقاء الثلاثي المحتمل للاتفاق على كيفية إطلاق المفاوضات بشكل عاجلquot;، على حد تعبيره.

رؤية تركية

المالكي وأوغلو

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إنه أطلع الرئيس مبارك على رؤية تركيا إزاء القضايا المهمة في المنطقة وحرصها على التشاور مع مصر بشكل مستمر حول كيفية التعامل مع تلك القضايا، معتبرا أن التعاون المصري يشكل مسألة إستراتيجية لتحقيق الاستقرار في منطقتنا، وهو أمر تعتزم تركيا مواصلته لخدمة مصالح البلدين خاصة، ومصالح دول المنطقة بصفة عامة.

وأشار إلى أنه تطرق خلال اللقاء لرؤية بلاده تجاه قضايا الوضع الأخير بين العراق وسوريا وجهود المصالحة الفلسطينية والقضية اللبنانية،إضافة إلى الإطلاع على رؤية مبارك وكذلك بشأن نتائج زيارته الأخيرة لواشنطن في ضوء التوقعات المتزايدة في منطقتنا تجاه فرص التوصل لسلام شامل وفي ضوء ضرورة تضافر الجهود من جانب القوى الدولية والقوى الإقليمية حتى يمكن الوصول لهذا السلام الشامل.

وأكد وزير الخارجية التركي في هذا الخصوص أن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى تركيا هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كما أكد استعداد بلاده للتعاون مع مصر من أجل الوصول لهذه الغاية.
وردا على سؤال حول دور تركيا في الوساطة بين العراق وسوريا حاليا ، قال أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي quot;إنه ليس وسيطا بين العراق وسورية ببساطة لأنه لا يرى أن سوريا والعراق هما quot;طرفانquot; بل هما ونحن طرف واحد وأشقاء.. وهما ليسا عدوين.. كما أن بينهما علاقات دبلوماسية قائمة ، وبالتالي فإن كل دوري هو مساعدة الجانبين على تجاوز الموقف الراهن ، خاصة وأن أي مشكلة في المنطقة إنما تؤثرفي الآخرين بحكم الجوار الشديد بين دولنا.. وبالتالي فلا يمكننا أن نجلس مكتوفي الأيدي إزاء أي مشكلة قد تنشب بين اثنين من أشقائنا.

وقال quot;سياستنا هي ضرورة أن نعمل على احتواء مثل هذه المواقفquot;.. مضيفا أنه لمس توجها إيجابيا وبناء للغاية في كل من العراق وسورية وأشار إلى أنه اطلع على ما لدى البلدين من معلومات بخصوص الوضع الحالي ، وقد نقل ذلك للجانبين وردا على سؤال حول ما إذا كان الانخراط التركي في قضايا الشرق الأوسط يرتبط بسعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، قال وزير الخارجية التركي إن بلاده جزء أصيل من هذه المنطقة ويربطها تاريخ مشترك مع هذه المنطقة، فضلا عن الكثير من الروابط مع شعوب المنطقة، وبالتالي فإن اهتمام تركيا بالمساهمة في تعزيز جهود تحقيق السلام هو أمر طبيعي ولاسيما أن هذا السلام إنما يصب في نهاية المطاف في مصلحة تركيا ومصلحة كافة دول المنطقة.

وقال quot;إننا نعتقد أن السلام في هذه المنطقة لا يمكن أن ينبع إلا من أبناء المنطقة أنفسهم سواء على مستوى الشعوب أو القيادات السياسية وبالتالي أي حديث عن دور تركي متزايد لا يرتبط بأي قضايا أخرى سواء يتعلق الأمر بالحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي رغم أن ذلك يعد هدفا استراتيجيا لتركيا.

الخلاف السوري ـ العراقي

أما في ما يتعلق بالوضع المأزوم بين بغداد ودمشق فقد رحب وزير الخارجية المصري بالجهود التركية في هذا الصدد قائلاً quot;إنها جزء من الإقليم ولها جوار وحدود مشتركة مع كل من العراق وسورية، وبالتالي فإن الاهتمام التركي يعد أمراً طبيعيا ومنطقيا، ونأمل في مصر أن ينتهي هذا الوضع سريعا إلى تسوية مقبولة للطرفين لا تؤدي إلى التصعيد أكثر من ذلكquot;، على حد تعبيره. وأضاف quot;نأمل كذلك أن ننجح في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الثامن من سبتمبر الجاري في مساعدة الطرفين السوري والعراقي لتحقيق تسوية تؤدي إلى إنهاء هذا الوضع وإغلاق هذه النافذة التي يمكن أن يأتينا منها الكثير من عدم الاستقرارquot;.

وحول رؤية مصر إزاء الخلاف السوري العراقي الأخير، قال أبوالغيط إن مصر معنية باستقرار الأوضاع في العراق ، وفي هذا السياق فقد قررت مصر إيفاد سفير وفتح سفارة لها في العراق ، وهو ما تجري التحضيرات بشأنه حاليا على قدم وساق ، كما أن هناك وفودا مصرية تتحرك باتجاه العراق من أجل تعزيز العلاقات وإقامة علاقات طبيعية ومتنامية في المجالات المختلفة.

وأشار إلى أن النية المصرية العراقية كانت تتجه لعقد اجتماع للجنة مشتركة عليا في القاهرة في الشهر الجاري، غير أن تفجيرات بغداد الأخيرة فرضت تأجيل هذه اللجنة لاعتبارات لوجستية تتعلق بالجانب العراقي، والتداعيات المباشرة لهذه التفجيرات الأخيرة. وأكد أبو الغيط أن علاقات سورية بالعراق هي علاقات مطلوبة وكان هناك اتجاه قوي لبناء وتطوير هذه العلاقات من خلال زيارة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي لدمشق قبيل الانفجارات ونثق في أن الجهد التركي سيساعد الطرفين وكذلك مواقف مصر ودول الإقليم ستساعد من أجل السيطرة على هذا الوضع وعدم إتاحة الفرصة لأي توتر في العلاقة السورية العراقية ونأمل أن يكون للاجتماع الوزاري للجامعة العربية مساهمة واضحة في هذا الشأن.

أما في الشأن الفلسطيني ـ الإسرائيلي فأشار أبو الغيط إلى فترة وقف الاستيطان الإسرائيلي قائلاً إنه ينبغي أن يكون واضحا أن مصر ترى أنه يجب أن يكون هناك تلازم بين وقف الاستيطان والمفاوضات، بمعنى أنه إذا كان هناك إعلان إسرائيلي عن تجميد الاستيطان لمدة 6 أشهر مثلا فيجب أن تنتهي المفاوضات خلال 6 أشهر وأن نرى نتائج ملموسة على أرض الواقع أما إذا كان الأمر هو وقف للاستيطان 6 أشهر والمفاوضات ممتدة لمدة غير معروفة، فهذا أمر لا تقبله مصر حيث تصر على ضرورة تلازم واقتران المدى الزمني لوقف الاستيطان والمفاوضات لحفز الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على تحقيق نتائج ملموسة وسريعة على أرض الواقع.