تواجه حكومة تل ابيب انتقادات لاذعة من داخل وخارج الدولة العبرية، وربما عزز من حدة تلك الانتقادات، خروجها من نشطاء يسار الداخل الاسرائيلي، ممثلاً في حركة quot;السلام الآنquot;، ومن تنظيمات يسارية يهودية بالولايات المتحدة، حيث اعرب اللوبي اليهودي الموالي لاسرائيل في واشنطن quot;إيباكquot; عن قلقه من نشاط تلك التنظيمات، ووصفه بأنه يُحرض ضد اسرائيل.

جانب من التظاهرات

تل ابيب: واجهت الحكومة الليكودية في تل ابيب موجة عارمة من الانتقادات، وجهتها العديد من الحركات اليسارية، جاء في مقدمتها quot;حركة السلام الآنquot;، فضلاً عن حركات وتنظيمات مماثلة في الخارج، قادتها منظمة يهودية بالولايات المتحدة. ووفقاً لبيان صادر عن اللوبي اليهودي في واشنطن، تصدرت المنظمة اليهودية اليسارية عشر منظمات اخرى، تدعو الى وقف السياسة الاسرائيلية حيال الفلسطينيين وفي منطقة الشرق الاوسط بشكل عام، واوضح البيان ان المنظمات التي يدور الحديث عنها quot;: تسعى للتحريض ضد اسرائيل وتشويه صورتها امام الراي العام العالميquot;.

وقف الحروب والعنصرية

وقالت مصادر في اللوبي اليهودي الموالي لاسرائيل بواشنطن quot;إيباكquot;، انه توجد عشر تنظيمات يسارية في الولايات المتحدة، تتقدمها منظمة يهودية مسؤولة عن تشويه صورة اسرائيل امام الولايات المتحدة والاسرة الدولية بشكل عام، ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة يديعوت احرونوت العبرية quot;:تعمل تلك التنظيمات على المطالبة بمقاطعة اسرائيل في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وتعتبر المنظمة اليهودية على وجه التحديد اسرائيل دولة quot;التفرقة العنصرية الوحيدة على مستوى العالمquot;. وتنادي تلك المنظمة بوقف مساعدات الولايات المتحدة لاسرائيل.

من بين المنظمات العشر الواردة في قائمة اللوبي اليهودي quot;إيباكquot;، منظمة تطلق على نفسها اسماً طويلاً هو quot;العمل الان من اجل وقف الحروب ووضع حد للعنصريةquot;، وكانت تلك المنظمة قد بادرت الى مظاهرة ضد اسرائيل، شارك فيها ما يربو على 1000 شخص في حزيران/ يونية الماضي بولاية شيكاغو، وقام نشطاء تلك المظاهرة بإضرام النار في العلم الاسرائيلي، وتحطيم عدد من نجمات داود والصلبان المعقوفة. ودعا المتظاهرون الى وقف التمويل الاميركي للعنصرية الاسرائيلية، وكان من بين اللافتات الكبيرة التي لوحوا بها، لافتة كتبوا عليها quot;:تجويع الشعب الفلسطيني ليس من تعاليم اليهوديةquot;.

انتفاضة فلسطينية الكترونية

اما المنظمة الثانية الواردة في قائمة quot;الايباكquot;، فهى منظمة فلسطينية معروفة باسم quot;العودةquot;، وتمارس هذه المنظمة نشاطها في الولايات المتحدة منذ ما يزيد عن الاعوام الثلاثة، وتطالب تلك المنظمة بشن انتفاضة فلسطينية اليكترونية على اسرائيل، وذلك في محاولة لمنع الاسرائيليين من السفر الى الخارج، ويطالب نشطاء هذه المنظمة بمقاطعة اسرائيل، وفرض عقوبات اقتصادية عليها.

ينضم الى هاتين المنظمتين منظمة اخرى تطلق على نفسها quot;مجلس العلاقات الاسلامية الاميركيةquot;، وينادي رئيسها بالعمل على وضع حد للعمليات التدميرية والعنصرية التي يقوم بها الصهاينة ضد المسلمين، بحسب يديعوت احرونوت. اضافة الى ذلك هناك منظمة quot;اصدقاء سابيل في اميركا الشماليةquot;، وتعتبر هذه المنظمة موفداً الى الولايات المتحدة من قبل منظمة عربية مسيحية ndash; مقدسية.

الى جانب كل ذلك هناك منظمة quot;ماذا يعلم الاميركيونquot;، وتزعم تلك المنظمة ndash; على حد وصف الصحيفة العبرية، ان الصحافة الاميركية تميل الى نشر تقارير صحافية مساندة لسياسة اسرائيل. كما توجد منظمة quot;حركة التضامن الدوليquot;، ويداوم اعضاء هذه المنظمة على القيام بزيارات شبه دائمة لاسرائيل، كما اسس اعضائها حركة اخرى معروفة باسم quot;حركة تحرير غزةquot;، وهى الحركة ذاتها التي تعاونت مع منظمة IHH التركية، لتسيير قافلة مساعدات الى قطاع غزة في شهر آيار/ مايو الماضي.

ومن بين تلك المنظمات الاميركية المناهضة لاسرائيل، منظمة quot;المجتمع الاسلامي الاميركيquot;، التي تعتبر من اكبر التنظيمات الاسلامية على مستوى الولايات المتحدة، ويسود الاعتقاد لدى اللوبي اليهودي في واشنطن، ان تلك المنظمة مسؤولة بشكل مباشر عن النشاط المعادي لاسرائيل في الولايات المتحدة.

الى ذلك توجد منظمة quot;طلبة من اجل العدل لفلسطينquot; وتضم هذه المنظمة ما يزيد عن 75 مجموعة في مختلف الجامعات الاميركية.

وقف المساعدات الاميركية

وتأتي في مقدمة هذه التنظيمات منظمة يسارية اخرى في الولايات المتحدة، تطلق على نفسها اسم quot;الحملة الاميركية لانهاء الاحتلال الاسرائيليquot;، وتتخذ هذه المنظمة من مدينة واشنطن مقراً رئيسياً لها، وتتجمع حولها 200 منظمة اخرى مناهضة لاسرائيل، ويرتكز نشاط هذه المنظمة والمنظمات التابعة لها على اقناع اعضاء الكونغرس الاميركي بضرورة وقف المساعدات الاميركية لاسرائيل، بحسب يديعوت احرونوت.

بالاضافة الى تلك التنظيمات، يأتي دور المنظمة اليهودية اليسارية، التي يُطلق عليها quot;صوت يهودي من اجل السلامquot;، ووفقاً لبيان اللوبي اليهودي في واشنطن، بدأت هذه المنظمة في ممارسة نشاطها المعادي لاسرائيل منذ عام 1996 بولاية كاليفورنيا، وتستثمر جل جهدها في محاولات وقف المساعدات الاميركية لاسرائيل، ويصف عناصرها حكومات تل ابيب بـ quot;رعاة العنصريةquot;، كما تؤيد تلك المنظمة الدعوات الرامية الى مقاطعة مختلف السلع والمنتجات الاسرائيلية، وتمارس ايضا ضغوطات مستميتة على العديد من الشركات الاميركية لقطع علاقاتها باسرائيل.

اذا كانت قتامة المشهد الانتقادي الموجه لاسرائيل من الخارج بهذه الصورة، فلا يختلف الحال كثيراً في الداخل الاسرائيلي، حيث نظمت الحركات اليسارية الاسرائيلية مظاهرات حاشدة مساء أمس في مدينة تل ابيب، احتجاجاً على تعديل قانون الجنسية، الذي صادقت عليه حكومة بنيامين نتانياهو قبل ايام، ورفع المتظاهرون الذين قُدر عددهم بـ 6000 متظاهر لافتات، كتبوا عليها quot;الصوت هو صوت افيغدور ليبرمان، بينما التنفيذ فبأيدي نتانياهوquot;، وقالت لافتة اخرى quot;الفاشية تعيش ابهى عصورها في اسرائيل، والتطهير الاثني يزهو بنفسهquot;، كما لوح المتظاهرون بأعلام اسرائيل الى جانب اعلام حمراء، ورددوا هتافات قالوا فيها quot;:ليبرمان ليبرمان يا فاشي يا عنصريquot; بحسب تقارير نشرتها صحيفة يديعوت احرونوت.

حكومةمتطرفة

في الصفوف الاولى للمظاهرة، تقدم عدد من اعضاء الكنيست من بينهم quot;دُب حنينquot;، و quot;محمد بركهquot;، وعضو الكنيست السابق quot;موسي رازquot;، بالاضافة الى سكرتير عام حركة السلام الان اليسارية quot;ياريف اوبنهايمر، الذي قال في حديث مع يديعوت احرونوت quot;: اننا هنا اليوم للاحتجاج مع الشارع الاسرائيلي على السياسة الخطيرة التي تنتهجها حكومة اسرائيل، ونحن على ثقة بأن وزراء حزب العمل قد ايدوا هذه السياسةquot;. بينما قال عضو الكنيست محمد بركة quot;:ستنتصر الديمقراطية، وستُهزم العنصرية، ليس هناك مكان لألاعيب نتانياهو وليبرمان في ميدان السلام، ان رغبتنا ومصلحتنا الوحيدة هى ان تكون هناك دولتين للشعبين، وسياسة الترحيل لن يُعمل بهاquot;.

من جانبها قالت quot;ميراف ميخائيليquot;، إحدى ناشطات حركة السلام الان اليسارية quot;:لدينا حكومة لا يمكن وصفها الا بـ quot;منظمة متطرفة بشعةquot;، تهدد كيان المجتمع العربي واليهودي في اسرائيل، وتسعى الى تدمير القيم والمبادئ الديمقراطية، لدينا رئيس حكومة ووزراء يستخفون بالخطر الذي يداهمنا، ونحن نذكر مقولة نتانياهو الشهيرة، التي اشار فيها الى اننا جبناء ونخاف، ولكننا نقول له اليوم نحن لا نخاف، وكفاك تخويفاً لناquot;.

اما الاديب الاسرائيلي quot;سافي ريخلفيسكيquot;، الذي كان هو الاخر من بين المشاركين في المظاهرة فقال quot;:ان تلك المظاهرة تدلل على حالة السخط التي وصل لها نشطاء السلام في اسرائيل من سياسة الحكومة، وتحاشت آلة الاعلام الاسرائيلية تغطيتها بالشكل اللائق، حتى لا تعكس الصورة الحقيقية داخل اسرائيل، فهناك جماهير اسرائيلية غفيرة تطالب بارساء دعائم الديمقراطية، وترفض السياسة التي تمارسها حكومة الليكود، انني سعيد للغاية من توقيع عدد كبير من مشاركي التظاهرة على وثيقة quot;التحرر من الفاشيةquot;، وتحض هذه الوثيقة على النضال من اجل المساواة في الحقوق بين كافة شرائح المجتمع الاسرائيليquot;.

تجدر الاشارة الى ان عدداً كبيراً من عناصر الشرطة الاسرائيلية، قامت بتأمين المظاهرة، بينما حلقت اعداداً من المروحيات العسكرية في سماء تل ابيب لمراقبتها، في الوقت الذي وضع فيه عدد من المتظاهرين لفافات من القماش كتموا بها افواههم، بعد ان كتبوا عليها quot;:انهم يغلقوان افواهناquot;. وواصل المتظاهرون طريقهم من حديقة quot;مئيرquot;، وحتى منطقة quot;شاروناquot;، الواقعة قبالة وزارة الدفاع الاسرائيلية، واقاموا هناك خيمة اعتصام.