تتهيأالساحة الإعلاميَّة البريطانيَّة للإنتخابات المزمع عقدها في السادس من الشهر الجاري، وتعلن ولاءاتها الحزبيَّة في محاولة لإقناع قرائها بالتصويت للحزب الذي تعتقد أنه الأجدر.

لندن: شهد السبت حدثين إعلاميين مهمين في بريطانيا التي تتهيأ لخوض انتخاباتها العامة في السادس من الشهر. فقد أعلنت صحيفتان laquo;رصينتانraquo;، هما laquo;غارديانraquo; وlaquo;تايمزraquo;، ولاءاتهما الحزبية في محاولة من كل منهما لإقناع قرائها بالتصويت للحزب الذي تعتقد أنه الأجدر بالفوز في تلك الانتخابات.

صحيفة laquo;غارديانraquo;، وهي تقليديا يسارية موالية لحزب العمال، بدلت جلدها هذه المرة معلنة أنها تقف خلف الليبراليين الديمقراطيين، قائلة إن أحد أسباب ذلك هو الأداء الضعيف الذي أتى به الزعيم العمالي غوردون براون في المناظرات التلفزيرنية بين زعماء الأحزاب الرئيسية الثلاثة، وخصوصا في الأخيرة التي تمحورت حول الاقتصاد. وكانت في هذا إشارة الى أنه أخفق حيث يجب أن ينجح باعتباره laquo;مهندسraquo; سنوات الازدهار التي تمتعت بها البلاد قبل الأزمة المالية العالمية ومترتباتها العنيفة على الأحوال البريطانية.

وفي افتتاحية طويلة بعنوان laquo;آن وقت الليبراليينraquo;، قالت الصحيفة: laquo;إذا كان لغارديان صوت في هذه الانتخابات، فستمنحه للحزب الليبرالي الديمقراطيraquo;. ومضت تقول: laquo;قبل سنة من الآن، دعت غارديان حزب العمال لإقناع زعيمه بالتنحي من أجل صالح الحزب والصالح العام. لكن الحزب أصر على التمسك به على الرغم من حصوله على 17.5 في المائة فقط من عدد الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي، وأيضا على الرغم من أن أربعة من وزرائه الرئيسيين تخلوا عن مناصبهم. كان ذلك قرارا خاطئا وقتها مثلما هو الآن خاصة بعد زلة لسانه المهينة في روشديلraquo; (في إشارة لحادثة وصف فيها براون سيدة مسنة بأنها laquo;متعصبةraquo; فقط لأنها وجهت اليه سؤالين لم يرقا له).

واختتمتالصحيفة افتتاحيتها بالهجوم على النظام الانتخابي محذرة من أن السبيل الوحيد أمام قرائها من الناخبين في ما يسمى laquo;الدوائر الهامشيةraquo; المهمة (الموالية تقليديا لأحد الحزبين الكبيرين وخوصوصا المحافظين) هي أن يصوتوا للعّمال فقط من أجل إقصاء المحافظين.

ومن جهتها دعت laquo;تايمزraquo; قراءها للتصويت للمحافظين، في تبدل رئيسي في ولاءها لصالحهم للمرة الأولى منذ العام 1992. ويذكر أنها وشقيقتها laquo;صنraquo; أدتا دورا كبيرا في فوز توني بلير على رأس العمال في انتصارهما الباهر بانتخابات 1997. وفي افتتاحية بعنوان laquo;صوت ثقةraquo; كتبت الصحيفة أن المحافظين laquo;يقدمون رؤية متفائلة لإنعاش بريطانيا وتجديدهاraquo;. وقالت إن الناخبين يتطلعون الى التغيير ويستحقون أن يحصلوا عليه. ومضت تقول إن توني بلير laquo;قدم الوعد بالحداثة، لكن غوردون براون بدد النعمةraquo;. واختتمت تحذر من أن laquo;الاقتصاد في خطر، وغوردون براون هو مصدر ذلك الخطرraquo;.

وكان الزعيم المحاظ ديفيد كامرون قد وجد سندا قويا آخر الخميس حين أعلنت مجلة laquo;ايكونوميستraquo; تأييدها له في انتخابات السادس من الشهر. ويذكر أن هذه المجلة، ذات النفوذ الكبير وسط المثقفين، قد أيدت العمال في الانتخابات الماضية. وقالت إن السبب في تبدل موقفها هذا هو قلقها إزاء laquo;حجم الدولةraquo; في بريطانيا.

وقالت المجلة في معرض إعلانها وقوفها خلف المحافظين: laquo;ليس لايكونوميست أي ولاء إقطاعي موروث لأي جهة كانت. وبفضل هذا فقذ ظلت على الدوام من قلاع الليبرالية. ولكن، في هذه الانتخابات فإن ثمة أهمية عظمى تلحق بإصلاح القطاع العام. والقلق لا يتصل فقط بأن العجز المخيف في الميزانية يبلغ حاليا 11.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي - بما يعني حتمية زيادة الضرائب وخفض الإنفاق العام. لكنه يتصل أيضا بأن الحكومة تسيطر الآن على أكثر من 50 في المائة من مؤسسات الاقتصاد في انجلترا واسكتلندا وويلز، و70 في المائة منها في آيرلندا الشماليةraquo;.

وتمضي قائلة: laquo;إذا كنا نسعى لازدهار بريطانيا، فيجب وقف هذا الوحش من التهام الليبرالية (الاقتصادية). والمحافظون، برغم نواقصهم العديدة، يسعون حقيقة الى هذا الهدف، ولذا فإن ايكونوميست تقدم صوتها لهمraquo;. أما غوردون براون، على حد قولها، laquo;فقد خاض حملة انتخابية انصرف فيها بالكامل عن مهمة الدفاع عن سجله الى إخافة الناخبين من خطط المحافظينraquo;.

ويذكر أن ايكونوميست دعمت توني بلير في انتخابات 2005 قائلة إنه laquo;يقدم الحكومة ذات المصداقية والأقضل لبريطانيا على مدى السنوات الخمس المقبلةraquo;. بل أنها دعمت براون أيضا عقب خلافته بلير مشيدة بنهجه الاقتصادي الذي حرر فيه laquo;بنك انجلتراraquo; من قبضة الحكومة وسيطرته على الإنفاق العام والضرائب. ولكن... لكل حادث حديث ودأب الأزمان التغيّر.