فيما كُشف النّقاب في بغداد اليوم عن نصّ الوثيقة الأميركيّة لتقاسم السلطة بين زعيمي كتلة العراقيّة الفائزة في الانتخابات أياد علاوي وائتلاف دولة القانون الذي حلّ بعدها رئيس الوزراء نوري المالكي، أكّد هذان السياسيّان رفضهما للمشروع الأميركي...في الوقت الذيرفض فيه زعيم التيار الصدري رجل الدين الشاب مقتدى الصدر طلبًا لأقارب قتلى التيّار بتولّي مناصب سياديّة.

أبلغ مصدر في الكتلة العراقيّة quot;إيلافquot; أنّ علاوي قد أبلغ نائب وزيرة الخارجيّة الأميركيّة جيفري فيلتمان الذي حمل الوثيقة الأميركيّة لتقاسم السلطة رفضه لها بشكل تامّ. وأضاف انّ المالكي ناقش مع فيلتمان خلال اجتماع استغرق ساعتين تطورات الازمة العراقية وضرورة منح العراقيّة حقّها الدستوري بتشكيل الحكومة باعتبارها الفائزة في الانتخابات الأخيرة. وتنصّ الوثيقة على تولّي المالكي رئاسة الحكومة مقابل منح علاوي رئاسة مجلس الأمن الوطني بعد تحويله الي مجلس ذي طابع دستوري بصلاحيات دستورية يطلق عليه اسم quot;المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الإستراتيجيةquot;. ومن جهته رفض المالكي المشروع باعتباره يسحب جزءًا من صلاحيات رئيس الوزراء ويمنحها للمجلس، في وقت يتطلّع فيه إلى ولاية ثانية تمكّنه من الاستمرار في رئاسة الحكومة لسنوات أربع مقبلة.

وفي رفض آخر للمشروع الأميركي لتقاسم السلطة، فقد أبلغ رئيس الائتلاف الوطني العراقي عمّار الحكيم فيلتمان بأنّ استقلال العراق وسيادته الوطنيّة تحتّم أن يكون تشكيل الحكومة المقبلة قرارًا وطنيًّا مستقلاًّ عن أيّ تأثيرات أو إملاءات خارجيّة. وقال إنّ الظروف الإستثنائية التي يمرّ بها العراق تستدعي من الجميع الالتزام بمبدأ الشراكة الوطنيّة مجدّدًا موقف المجلس الأعلى الرافض الإشتراك في حكومة يهمّش فيها أي مكوّن سياسي.

من جهته أكّد فيلتمان دعم بلاده للجهود التي تبذلها القوى السياسيّة العراقيّة في سبيل تشكيل حكومة شراكة وطنية quot;مشيدًا بدور المجلس الأعلى في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين للخروج من الأزمة السياسية التي تمرّ بها البلادquot;، كما قال بيان صحافي عن المجلس. وتأتي دعوة الحكيم هذه برفض التدخّلات الخارجيّة في تشكيل الحكومة وسط ضغوط إيرانيّة يتعرّض لها بقبول تولّي المالكي تشكيل الحكومة الجديدة، وهو أمر يرفضه بشدة الإئتلاف الوطني الذي يترأسه.

وفي الإتّجاه نفسه فقد اعتبر هادي العامري، القيادي في الإئتلاف الوطني، أنّالمشروع الأميركيهوالسبب في تأخير العملية السياسية وتشكيل الحكومة، واصفًا إيّاه بالمؤامرة. وقال إنّ المشروع الأميركي لن يكتب له النّجاح بسبب عدم وجود مشتركات بين العراقيّة ودولة القانون، وإذا ما حدث بسبب الضغوط الأميركيّة فإنّه لن يعيش طويلاً.

نصّ الوثيقة الأميركيّة لتقاسم السّلطة
وجاء هذا الموقف إثر نشر نصّ الوثيقة التي أعدّتها واشنطن حول مشروع تقاسم السلطة بين علاوي والمالكي والتي توكل الى quot;المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجيةquot; عددًا من المهام بينها مراجعة القرارات الأمنيّة والعكسرية وحركة قطعات الجيش الى جانب الشؤون الاقتصادية والسياسة الخارجية، من دون أن يتعارض ذلك وصلاحيات الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والنواب. وجاء في الوثيقة التي نشرت نصها صحيفة quot;العالمquot; البغدادية اليوم ان المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية quot;سيكون مسؤولاً عن المراجعة والتنسيق والنصح وتقديم التوصيات بشأن سياسات حكومة العراق الداخلية والخارجية والعسكرية المتعلقة بالأمن الوطني. ونقلت عن مصادر مطلعة قولها ان النقاشات الساخنة التي دارت خلال الفترة الماضية كانت تنصب على منح صفة quot;الإلزامquot; للقرارات التي تصدر عن المجلس الجديد وهو المحور الذي تختلف حوله كتلتا المالكي وعلاوي.

نص الوثيقة الأميركيّة لتقاسم السّلطة بين المالكي وعلاوي

وتوضح الوثيقة بأنّه quot;يجب ألاّ يفسّر أيّ جزء من هذا المفهوم على أنّه تغيير أو تعطيل للصلاحيّات الدستورية الممنوحة لرئيس الوزراء أو لرئيس الجمهوريّة أو لرئيس مجلس النوابquot; على ان quot;يحلّ المجلس التنسيقي للسياسات الوطنية الاستراتيجية محل المجلس السياسي للأمن الوطنيquot;. وممّا تنصّ عليه صلاحيات المجلس تعيين قادة الفرق العسكرية والألوية والافواج ورؤساء الاجهزة الامنية بشكل مطلق واتخاذ قرارات العمليات العسكرية داخل المدن ورفع حالة الطوارئ المعلنة في البلاد اضافة الى تشكيل الوحدات الجديدة واحالة الضباط والمراتب على التقاعد بالتنسيق مع وزارتي الدفاع والداخلية.

ومن جانبه رفض إئتلاف دولة القانون بزعامة المالكي أي مقترح يقضي بسحب صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة من رئيس الوزراء المقبل وتجزئة ادارة الملف الامني. وشهدت الأسابيع القليلة الماضية مفاوضات مطولة بين ائتلافي العراقية ودولة القانون حول مضامين هذه الوثيقة وصلاحيات المجلس الذي تتحدث عن إنشائه والذي يطرح بوصفه بديلاً عن او معادلاً لـquot;منصب رئيس الوزراءquot;. لكن المفاوضات بين الجانبين لم تسفر عن نتائج في ظل إشارة الوثيقة الى ان الصلاحيات التي يتمتع بها المجلس الجديد غير ملزمة للسلطات الأخرى.

وقالت الوثيقة الأميركية ان صلاحيات وتركيب المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية تعكس quot;المسؤولية المشتركة لكل من الرئيس ومجلس الوزراء ومجلس النواب في مجال الامن الوطني والشؤون الخارجيةquot;. وأوضحت ان سلطات المجلس البديل عن المجلس السياسي للأمن الوطني تتضمن quot;تنسيق السياسات العراقية في الشؤون الداخلية والخارجية والعسكرية المتعلقة بالأمن الوطني بما يشمل الامن المالي والاقتصادي وأمن الطاقةquot;، فضلا عن quot;مراجعة ميزانية القوات الأمنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليهاquot;.

كما تتضمن سلطات المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الإستراتيجية quot;مراجعة القرارات المتعلقة بسياسة التوظيف في القوات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليهاquot; وquot;مراجعة الاتفاقيات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليهاquot;، وquot;مراجعة المشتريات الدفاعية الرئيسةquot; اضافة الى quot;مراجعة الجهود الرئيسة لنشر الجنود والعمليات القتاليةquot;، وquot;مراجعة قضايا المحتجزينquot;. وأشارت الوثيقة الى ان المجلس المذكور يملك حق quot;التوصية بتعيين ضباط برتبة عميد وأعلى والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية على التعيينquot;. وقالت ان عضوية المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية تتكون من الامين العام لشؤون الامن الوطني quot;رئيسًا للمجلسquot; ورئيس الجمهورية quot;رئيسًا مشاركًاquot; ورئيس الوزراء quot;رئيسًا مشاركًاquot; ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس إقليم كردستان إضافة الى وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والنفط.

وعن آلية عمل المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية قالت الوثيقة: quot;يترأس الامين العام لشؤون الأمن الوطني المجلس المذكور ويرشح الأمين العام لشؤون الامن الوطني من قبل رئيس الجمهورية ويصادق مجلس النواب على ترشيحه بغالبية مطلقةquot;. واضافت: quot;يلزم المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية قانونًا بعقد جلسة كل شهر ويمكن ان يلتقي في جلسات أخرى بطلب من رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او الامين العام لشؤون الامن الوطنيquot;.

واضافت الوثيقة: quot;ترسل قرارات المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية التي تتطلب موافقة السلطة التنفيذية الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراءquot;. وختمت الوثيقة بالقول: quot;يحضر جلسات المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجية كلٌّ من مستشار الامن الوطني ومدير جهاز الاستخبارات الوطنية ورئيس اركان الجيش وأي شخص آخر يدعى للحضور من قبل المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجيةquot;.

يشار الى ان المجلس السياسي للأمن الوطني الذي تقترح الوثيقة الأميركية إستبداله بإطار تنظيمي جديد كان قد تأسس عام 2006 بالتزامن مع تشكيل حكومة المالكي، لكنه عومل بوصفه هيئة غير دستورية بسبب عدم مصادقة البرلمان على نظامه الداخلي. ويتكوّن المجلس السياسي للأمن الوطني من رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه ورئيس مجلس النواب ونائبيه وممثلي الكتل السياسية في مجلس النواب اضافة الى ممثل لرئيس إقليم كردستان العراق.

الهاشمي : المحاصصة الطائفيّة والعرقيّة دمّرت العراق
ومن جهته قال القيادي في العراقية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ان الذين ينازعون العراقية حقها المشروع في تشكيل الحكومة قد وضعوا عصيَّهم في عجلة العملية السياسية وعطلوا مسيرة الحياة السياسية.

واضاف في تصريح صحافي وزعه مكتبه الاعلامي اليوم ان اوضاع الشعب ليست بمستوى التطلعات وذلك بسبب عدم تشكيل الحكومة حتى هذه اللحظة quot;لكن انا واثق انه في نهاية المطاف لا يصحّ الا الصحيح وسوف تتجه بوصلة تشكيل الحكومة الى كتلة العراقية وهي قادرة على بناء دولة المؤسسات تستوعب الجميعquot;. وشدد على quot;ان العراق لا ينبغي ان يعيش في اطار نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والمذهبية التي دمرته وانا شخصيًّا ليس لدي استعداد على الاطلاق ان اكون طرفًا في محاصصة تعمل على تدمير ذوي الطاقات والخبرات وترفع شخصيات غير مؤهلة وغير لائقة لمجرد انتمائهم المذهبي والعرقي والطائفي وينبغي اليوم اعتماد المعيار السياسي المهني وليس السياسي الطائفي لمن يوسد له امر الوظيفة العامةquot;.

واشار الى ان السنوات الاربع الماضية شهدت اضطرابًا في العلاقات بين مجلس الرئاسة ورئاسة مجلس الوزراء الأمر الّذيأدّى الى ضياع فرص تقدم كثيرة لأنّ مجلس الرئاسة من المشاركة حرم من رسم السياسات الامنية والاقتصادية والخارجية. واوضح ان النظام البرلماني لم يكن عاصمًا من استقطاب السلطة وعودة عقارب الساعة الى الوراء حيث كان هناك استقطابلافت للنظر في ما يتعلق بكل موارد الدولة وهذا لا ينبغي ان يحصل في ظل نظام برلماني منتخب ديمقراطيًّا.

الصدر يرفض مطالب عائلات قتلى تيّاره بمناصب سياديّة
رفض رجل الدين الشيعي الشاب زعيم التيار الصدري مطالب اشقاء وافراد عائلات قتلى جيش المهدي التابع للتيار بمنحهم مناصب وزارية وسيادية.

جاء ذلك ردًّا على رسالة وجّهها الى الصدر اقارب قتلى تياره في المواجهات مع القوات العراقية والاميركية والذين وصفوهم بالشهداء بضرورة منحهم مناصب سيادية موضحين انهم وقفوا مع التيار واوصلوا مرشحيه الى مجلس النواب بالتصويت لصالحهم خلال الانتخابات الاخيرة التيتمّت في آذار - مارس الماضي. وقال الصدر في ردّه: quot;أخو الشهيد ليس معناه ان يتسلّم المقاعد السيادية والاعمال السياسية وهو ما ارفضه ما لم يكن صاحب علم وإلمام بالسياسة أو من اصحاب الاختصاصquot;.

يذكر ان للتيار الصدري وهو احد قوى الائتلاف الوطني العراقي 40 نائبًا في مجلس النواب العراقي من بين 70 مقعدًا حصل عليها الائتلاف الامر الذي وضعه في مقدّم القوى التي تشكل الائتلاف. ومن هنا يأتي موقفه القوى في معارضة التجديد لولاية المالكي الذي يتهمه التيار الصدري بنقضه لوعوده بإطلاق سراح اكثر من ألف عنصر للتيار معتقلين او يقضون احكامًا مختلفة بينها الاعدام.

وكانت الانتخابات قد افرزت فوز اربع كتل رئيسة هي ائتلاف العراقية بزعامة اياد علاوي (91 مقعدًا) وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي (89 مقعدًا) وائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم ( 70 مقعدًا) والذي يضم التيار الصدري الذي يملك الكلمة العليا فيه والمجلس الأعلى الاسلامي وحزب الفضيلة، ثم ائتلاف القوى الكردستانية (57 مقعدًا) والذي يضم التحالف الكردستاني وعدة احزاب كردية اخرى وهو ما يفرض تحالف عدة اطراف لضمان الغالبية اللازمة، في مجلس النواب الذي يضم 325 مقعدًا لتشكيل الحكومة.