أطلق رجال أعمال وشخصيات سياسية مصرية أبقت هويتها سرية حتى الآن، ومنذ بداية الشهر الجاري، حملة دعم لترشيح جمال مبارك للإنتخابات الرئاسية المقبلة عام2011، وهو النجل الأصغر للرئيس الحالي حسني مبارك، ما أثار أقاويل و بلبلة في الشارع المصري حول هوية هؤلاء ومقاصدهم الفعليّة.

القاهرة: أطلقت شخصيات مجهولة على الساحة السياسية المصرية حملة لدعم ترشيح جمال مبارك لخلافة والده حسني مبارك في رئاسة الجمهورية العام المقبل، ما اثار تساؤلات في مصر عن الذين يقفون وراءها.

بدأت الحملة بإعلان ناشط غير معروف يدعى مجدي الكردي عن تأسيس مجموعة اطلق عليها quot;الحملة الشعبية لدعم جمال مباركquot; ووضع ملصقات في عدد من احياء القاهرة تدعو الى تأييد ترشيح النجل الاصغر للرئيس المصري في انتخابات الرئاسة العام المقبل.

واعلنت بعد ذلك مجموعات متعددة لا تتضمن اي شخصيات معروفة عن تنظيم حملات في بعض المحافظات وبعض احياء القاهرة لجمع توقيعات من المواطنين في المنازل وعلى المقاهي لدعم جمال مبارك (47 عاما). وتحت شعار quot;جمال مبارك .. بداية جديدة لمصرquot; اطلقت مجموعة من الشباب ترتدي قمصانا عليها صورة جمال مبارك حملة لجمع التوقيعات في حي منشية ناصر الشعبي في شرق القاهرة.

ونفت قيادات الحزب الوطني الحاكم في تصريحات للصحف المصرية اي علاقة لها بهذه الحملة التي يبدو انها قررت استعارة اساليب حملة المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي من اجل اصلاح دستوري وديمقراطي في مصر.

يذكر أن أعضاء حملة البرداعي قالوا إن الحملة جمعت حتى أمس الخميس نحو 770 ألف توقيع على مطالب إصلاحية تتضمن الدعوة لإنهاء حالة الطوارئ وتسهيل السماح للمستقلين بالترشح للرئاسة، مع إقامة الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل وفي ظل رقابة محلية ودولية.

وكانت الجبهة الوطنية للتغيير قد بدأت حملة جمع التوقيعات على شبكة الإنترنت، ثم بدأت جمع توقيعات في الشوارع، إلى أن انضمت إليها جماعة الإخوان المسلمين بحملة توقيع إلكترونية، ما جعل عدد الموقعين يزيد خمسة أمثال في غضون شهر ويقترب من العدد المستهدف وهو مليون توقيع. ويتوقع عضو البرلمان عن جماعة الإخوان صابر أبو الفتوح أن تصل الحملة خلال الأسبوع القادم أو الذي يليه إلى مليون توقيع أو أكثر.

ونقلت صحيفة المصري اليوم في وقت سابق هذا الاسبوع عن ناشطة مجهولة تدعي اجلال سالم ان عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني، رجل الاعمال ابراهيم كامل هو ممول هذه الحملة وانه رصد مليوني جنيه مصري لها. غير ان كامل، المقرب من جمال مبارك والذي دعا علنا في تموز/يوليو الماضي الى اختياره مرشحا للحزب في انتخابات الرئاسة المقبلة، نفى تماما في بيان اصدره اي علاقة له بهذه الحملة.

وحتى الان، لم يعلن الرئيس حسني مبارك (82 عاما) او نجله نواياهما بالنسبة إلى الانتخابات المقبلة. ويقول مسؤولو الحزب الوطني ان الوقت ما زال مبكرا لاختيار مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية التي يحين موعدها الصيف المقبل وان تركيزهم منصب حاليا على الاعداد لانتخابات مجلس الشعب المقرر إجراؤها قبل نهاية العام.

غير ان المحللين يرون ان هذه الحملة يقف وراءها على الارجح رجال اعمال مقربون من نجل الرئيس بغرض تعزيز فرص صعوده الى الرئاسة في حياة والده لان غياب مبارك، الذي اجرى في اذار/مارس جراحة في المانيا لاستئصال الحوصلة المرارية وزائدة لحمية في الاثني عشر، يضعف حظوظه.

ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد quot;اعتقد ان هذه الحملة بدأت بمبادرة من بعض رجال الاعمال الذين يخشون من (تدهور) الحالة الصحية للرئيس مبارك ويرون انه من الافضل التعجيل بتولي جمال مبارك الرئاسة في وجود والده لان فرص توليه الرئاسة في حالة غياب والده ستكون محدودة للغايةquot;.

ويضيف ان quot;الحزب الوطني لم يجند قواه خلف هذه الحملة التي تدعي انها شعبية حيث ما زالت هناك وجهات نظر متعددة داخل الحزب حول مرشح انتخابات الرئاسة المقبلة بدليل انه حتى الان لم تشارك في الحملة شخصية واحدة معروفة او تتمتع بثقل لدى الرأي العامquot;.

ويتابع ان quot;رجال الاعمال الذين يدعمون جمال يريدون شخصا يؤيدهم على طول الخط ويرون انه افضل ضامن لمصالحهم الاقتصادية ويخشون ان تتولى الرئاسة شخصية من القوات المسلحة تتبنى سياسيات اقتصادية اكثر اعتدالا ولا تترك لهم كامل الحرية لكي يفعلوا ما يشاؤونquot;.

ويؤكد الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان ان quot;هذه الحملة يقف وراءها على الارجح مجموعة من القيادات الوسطى في الحزب الوطني من بينهم بعض رجال الاعمال ولذلك تبرأت منها كافة القيادات الكبيرة للحزبquot;.

ويعتقد رشوان quot;ان هذه الحملة موجهة بالاساس الى الرئيس مبارك لاقناعه بان جمال مبارك رجل له شعبية ولا خطر من ان يكون مرشحا للرئاسةquot;. ويتابع quot;الغرض من هذه الحملة هو توقي احتمالين: الاحتمال الاول ان يعيد الرئيس ترشيح نفسه والاحتمال الثاني غياب الرئيس فجأة وبالتالي غياب اي فرص لجمال مباركquot; في الصعود الى الرئاسة. ويرى رشوان ان quot;مبارك هو العقبة الرئيسة امام التوريث لانه حتى الان لا يوافق (على ترشح نجله للرئاسة)quot;.

ويضيف ان الرئيس المصري quot;بحكم تركيبته الشخصية رجل حذر وليس انقلابيا وهو اكثر واحد في مصر يعرف معادلة السلطة، لانه جزء من جهاز الدولة ويعرف ان منصب رئيس الجمهورية يخضع لمعادلات داخل مؤسسات الدولة ومن بينها المؤسسة العسكرية التي سيكون لها كلمةquot; في حال حدوث فراغ على رأس السلطة في مصر.