لندن: كانت تحذيرات النظام السوري من انه يواجه خطر حرب طائفية في الداخل وحملة معادية من الخارج تقابل بالاستهجان. ويُنظر الى الرئيس بشار الأسد على انه مجرد دكتاتور آخر يطلق تهديدات فارغة لقمع شعبه المنتفض وإسكات خصومه.

ولكن مراقبين يرون ان لهذه التحذيرات أساسا على أرض الواقع ولو انها لم تكسب الأسد أصدقاء بالمرة. ويشير المراقبون الى توافق دول مجاورة على محاصرة النظام في وقت تنزلق مناطق من سوريا الى نزاع مسلح سافر بين مجموعات مختلفة من أفراد القوات المسلحة.

والمفاجئ ان موقع الصدارة في حملة الجيران تتبوأه تركيا التي كانت حتى هذا العام تؤكد التزامها بسياسة quot;صفر مشاكلquot; مع الجيران. ولكن المنطقة حبلى بالمفاجآت، ومَنْ كان يتوقع من الجامعة العربية ذات الصيت السيئ بعدم فاعليتها، ان تدعم العمل العسكرية ضد دولة عضو هي ليبيا القذافي في آذار/مارس الماضي، كما تقول صحيفة الديلي تلغراف.

والآن يبدو كل شيء جائزا. فالخيارات الدبلوماسية والمالية مطروحة على الطاولة في حين يجري التلويح بخيارات أخرى لا تُعتبر عسكرية لكنها مع ذلك ستنطوي على استخدام قوات وطائرات، بحسب الديلي تلغراف.

ويأتي في مقدمة هذه الخيارات quot;منطقة عازلةquot; يقيمها الجيش التركي داخل الحدود السورية. والنموذج الذي تستوحيه هذه الخطوة هو الملاذ الآمن الذي أُقيم على الحدود التركية للنازحين الكرد الهاربين من صدام حسين عام 1991. والجميع يعرف ما انتهى اليه هذا الملاذ وما آل اليه مصير صدام.

والسؤال الكبير الآن هو قدرة زعماء المنطقة على التعامل مع مثل هذا السيناريو وما إذا كانت لديهم الخبرة لإيجاد مخرج من الأزمة التي اوجدها الأسد والربيع العربي فيما بينهما.

ودأبت تركيا على تحذير الأسد من انه فوت فرصته حتى انها تجد نفسها مضطرة الآن الى تنفيذ تهديداتها. وتلقَّى الموقف التركي دفعة قوية بقرار الجامعة العربية يوم السبت الماضي تعليق عضوية سوريا.

ويرجح المراقبون ان تشهد الأسابيع المقبلة تضييق الخناق على النظام واستمرار مقاومته. وتأمل تركيا والدول العربية ان يؤدي موقفها الحازم الى تذويب المعارضة الروسية والصينية لعقوبات يفرضها مجلس الأمن الدولي، وبذلك انتفاء الحاجة الى تنفيذ تهديداتها.

ولكن لا تلوح في الأفق بوادر على حدوث ذلك ويجري التمهيد لمواجهة لم يُعهد لها نظير. وحين تبدأ لن تكون هناك سابقة سعيدة تُنبئ بمثل هذه النهاية السلمية، على حد تعبير الديلي تلغراف.