أول دفعة من نساء البحرية الإيرانيات

بين المواد التي تجتذب أعدادًا كبيرة من متصفحي الـ laquo;يوتيوبraquo; شريط موجّه من إيرانيات إلى النساء في تونس ومصر، يحذرهن من الانتباه إلى حقوقهن في ظل الإسلاميين الموعودين فيهما في الحكم والسلطة. ويسند الشريط الرسالة بتجربة مرئية ومقروءة ومسموعة للمرأة الإيرانية قبل الثورة وبعدها.


لندن: وقت كتابة هذا الخبر، كان الذين شاهدوا هذا الكليب على laquo;يوتيوبraquo; عشرات الآلاف، وبرقم يصعب تحديده، لتصاعده بالمئات كلما جدد الزائر الصفحة. والشريط المعنون laquo;رسالة من إيرانيات إلى التونسيات والمصرياتraquo; عبارة عن laquo;سلايد شوraquo; لصور فوتوغرافية عدة، التقطت قبل الثورة الإسلامية الإيرانية وبعدها، على أنغام أغنية في الخلفية.

العرض يبدأ عام 1963، ونرى في أوله صورة تذكارية بالأبيض والأسود لأول دفعة من ضابطات البحرية الإيرانيات، تعقبها أخرى لطالبات، بينهن من يجرين تجربة في مختبر للعلوم.

ننتقل إلى عام 1972 لنشاهد نخبة من صور أخرى، تُظهر مجموعة مختلطة من الشبان والشابات.. كل هذا بمختلف الأزياء الغربية السائدة في معظم مدن العالم، ولا حجاب بالطبع أو برقع يرمز إلى تسخير المرأة.

تأكيدًا على هذا، تأتي الصورة التالية لغلاف مجلة، تظهر فيها ثلاث إيرانيات ببنطلون laquo;الشارلستونraquo;، الذي كان laquo;الموضة الشبابيةraquo; في ذلك الوقت، والقميص والبلوزة والصديري، وهن في لحظة مرح واضح، وكأنهن laquo;موديلاتraquo; يعرضن هذه الأزياء.

هكذا تمضي الصور، التي تظهر فيها الإيرانيات بالأزياء الغربية، ونقرأ بين الفينة والأخرى تعليقًا، مثل laquo;طهران - إيران - قبل ثورة 1979raquo;. ثم نشاهد لقطة تذكارية تاريخها 1987 لمجموعة من ثلاث شابات وثلاثة شبان في صورة تذكارية، يبدو أنها التقطت في حرم جامعة طهران، وأخرى لمجموعة من النساء،في ما يبدو أنه غلاف مجلة وكلمة laquo;انتخابraquo; تظهر تحتها.

نبلغ ذروة هذا العرض لفترة ما قبل الثورة الإسلامية بلقطة نشاهد فيها ثلاث فتيات وشاب يجلسون على الأرض حول أكلهم وشربهم، والفتيات بتنورة laquo;الميني جيبraquo; المعلق بحمّالات تترك الذراعين عاريتين بالكامل.

عندما نصل إلى الثورة على الشاه، نشاهد مشاركة العنصر النسائي كاملة في المظاهرات. ثم نتصفح مظاهر الفرحة بالنصر والأمل في عهد جديد، يلفظ سلبيات ما مضى، ويبني على الإيجابي منه دولة توزّع الكعكة على سائر الإيرانيين، وليس فقط بيت محمد رضا بهلوي وآله وحاشيته وزبانيته الغلاظ في السافاك وغيره.

ثم يأتي الخميني!

ويقول لنا الشريط إن مارس/آذار 1979 شهد دستورًا جديدًا وlaquo;حقوقًا جديدةraquo;. لكن مع وضوح الصورة يظهر أن بين هذا laquo;الحق في فرض الحجاب على النساءraquo;. ويتبع هذا اختفاء حريات أخرى شيئًا فشيئًا. وعندها يبدأ الاحتجاج المنظّم، الذي يشارك فيه سائر الفئوية، بمن فيها المحافظات، ولكن بعد فوات الأوان.

ونشاهد خلال ذلك مشاهد من مظاهرات الاحتجاج، ونسوة وضعن كمّامات على أفواهن قبل أن نقرأ laquo;يصرخن ويعارضن، ولكن بدون جدوى. الزمن يعلمك الاعتياد على الأشياء، يصبح المرء معتادًا حتى على الافتقار إلى أبسط الحقوق الإنسانيةraquo;.

يعقب هذا مشاهدة الوجه المعاكس لتلك الصور، التي رأيناها قبل الثورة، المحجبات من طالبات المدارس إلى النسوة في الطريق ورجال المخابرات والشرطة يوقفوهن في قارعة الطريق، لأنهن خرجن بشعر حاسر.

ثم ينقلنا هذا الشريط 30 عامًا إلى الأمام، ويتحدث عن laquo;ثورة جديدةraquo;، تشتبك فيها النساء مع رجال الأمن والمخابرات، ويرفعن لافتات كتبن عليها laquo;الحريةraquo; وlaquo;النساء مَن يقررن مصيرهن، وليست الدولةraquo; وlaquo;النساء يُعلّقن على المشانق في إيران الإسلاميةraquo;، ولكن بعد فوات الأوان، كما يذكّرنا الشريط، لأن الدولة أحكمت سيطرتها بالكامل على نساء البلاد.

ثم يأتي نص الرسالة من الإيرانيات إلى إخواتهن العرب: laquo;من أجل تلافي هذا السيناريو، وسط أطفالنا وأحفادنا، علينا الحرص والسعي إلى مجتمع متسامح، للأجيال المقبلةraquo;.

اختارت الجهة، التي حمّلت هذا الشريط، أغنية بالانكليزية معاكسة في معانيها لنوع الألم، الذي تعبّر عنه قصة الصور، سعيًا في ما يبدو إلى تكثيف معنى الرسالة، ويرد في مقاطعها:

تحية لك / لم يسعني إلا أن ألاحظ البسمة الواسعة الناصعة على وجهك / أرجو ألا تمانع في محادثة قصيرة بيننا.

تبدو سعيدًا / لا بد من سبب / وأنا أيضًا أريد أن أكون سعيدًا / فإذا أطلعتني على السرّ / أعدك بأن احتفظ به هنا.. بيني وبينك.

الشمس تسطع / والقمر الشاحب يعلو / والنجوم تجلس عاليًا في السماء / الولائد / والنساء العواجيز / وكل الأغاني التي تبكيك.

إنها رحلة في الطريق البري / في وقت متأخر من الليل / الأرياف / ومصابيح المدن / ونكهة أكلتك المفضلة.

كل شخص يحب أن يفعل شيئًا ما / فما الذي يحدو بالأرض للدوران من أجلك؟ / ربما كان علينا اكتشافه معًا.