المالكي مجتمعاً مع العربي في بغداد

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي تصميم الجامعة على عقد قمتها المقبلة في بغداد، في حين شدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على استعداد بلاده لاستقبالها. وأعلن وزير الخارجية العراقي زيباري عن اتصالات بين حكومته والسلطات والمعارضة في سوريا.


لندن: أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي على تصميم الجامعة على عقد القمة العربية المقبلة في بغداد، بينما شدد رئيس الوزراء نوري المالكي على أن بلاده مستعدة لاستضافتها، داعيًا إلى تحقيق أهداف الشعوب من دون عنف أو حروب، في إشارة إلى الأوضاع السورية. في حين أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن اتصالات تجريها حكومته مع السلطات والمعارضة في سوريا لعقد حوار وتنفيذ المبادرة العربية.

مباحثات المالكي والعربي

وخلال اجتماع في بغداد مع العربي، بعد ساعات من وصوله إلى بغداد اليوم، أكد المالكي إستعداد العراق وجاهزيته لإستضافة القمة العربية المقبلة في بغداد في آذار (مارس) المقبل. وشدد على وقوف العراق إلى جانب حق الشعوب في المطالبة بحريتها وتحقيق كرامتها، في إشارة إلى انتفاضة الشعب السوري، داعيًا إلى اتباع أساليب تحقق أهداف الشعوب من دون اللجوء إلى الحروب والعنف.

من جهته قال الأمين العام لجامعة الدول العربية quot;نحن مصممون على عقد القمة العربية المقبلة في بغداد، وسنقوم بزيارة أخرى للبحث في تفاصيل إقامتها بشكل دقيقquot;.

وأكد دعمه لرؤية العراق وتأييده لتحقيق التغيير المطلوب عربيًا في إطار سلمي. وبحث المالكي والعربي خلال الاجتماع التطورات الجارية في بعض البلدان العربية، حيث قدم الأمين العام لجامعة الدول العربية quot;عرضًا لما تعانيه بعض الدول العربية من أوضاع غير مستقرةquot;.

زيباري يعلن عن إجراء اتصالات مع الحكومة السورية والمعارضة لإجراء حوار

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع العربي، أعلن زيباري أن العراق يجري اتصالات مع الحكومة والمعارضة السورية من أجل الجلوس على مائدة حوار وتنفيذ المبادرة العربية. وقال إن القرار العراقي ينبع من أجل مصلحة الشعب السوري ووقف القتل والتشتت، موضحًا أنه يستند إلى سيادة واستقلالية المواقف العراقية.

وأضاف إنه بحث مع العربي قضايا القمة العربية وسوريا وفلسطين والانتفاضات العربية، التي تشهدها دول عربية عدة، مؤكدًا دعم العراق للمبادرة العربية بخصوص الأوضاع في سوريا، حيث يدعو إلى تنفيذها درءًا لتدخل أجنبي في شؤونها، ولتجنيب الشعب السوري القتل والتشرذم.

حيث سيقوم العراق ببذل جهوده لتطبيق المبادرة من خلال اتصالات مع الحكومة والمعارضة في سوريا، إضافة إلى إجراء حوار بين الطرفين. وأكد وقوف العراق مع حريات الشعوب العربية ورغبتها في التغيير، ولذلك فإن العراق فتح اتصالات مع المعارضة السورية، كما إن له اتصالات جيدة مع الحكومة السورية للقيام بدور مسؤول لتنفيذ المبادرة وعقد لقاء حوار بين الطرفين حقنًا للدماء.

وأوضح زيباري أن العراق تحفظ على قرارات الجامعة بفرض عقوبات على سوريا، بسبب الموقع الجغرافي للبلدين الجارين والعلاقات الاقتصادية الواسعة بينهما، ووجود جالية عراقية كبيرة في سوريا.

وأكد عدم تأثر القرار العراقي في هذا الصدد بأي ضغوط إيرانية، مشددًا على استقلالية القرار العراقي. وحول إغلاق معسكر أشرف التابع لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في شمال بغداد، أوضح زيباري أن هناك اتصالات بين العراق والأمم المتحدة حول هذا الموضوع، مؤكدًا أن القرار العراقي بإغلاق المعسكر في نهاية الشهر الحالي ما زال قائمًا مع حرص العراق على الالتزام بحقوق الإنسان في نقل سكان المعسكر، البالغ عددهم 3400 فردًا، إلى دول أخرى.

من جانبه، أشار العربي خلال المؤتمر الصحافي إلى أنه يعود إلى بغداد الآن بعدما درس في جامعاتها خلال فترة الستينات، موضحًا أن زيارته اليوم تهدف إلى التشاور مع المسؤولين العراقيين حول ما يحدث في الوطن العربي، الذي تشهد بعض دوله نهضة، تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية، معبّرًا عن الأمل في استجابة الحكومات لهذه المطالب.

وقال إنه تحدث مع المالكيعن الربيع العربيوقضايا فلسطين والقمة وسوريا والمبادرة العربية حولها، موضحًا أن المبادرة تهدف إلى وقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين وإجراء إصلاحات سياسية تلبّي طموحات الشعب السوري.

وأكد العربي على أن القمة العربية ستعقد في بغداد في أواخر الشهر المقبل. وأشار إلى أنه اتفق مع المسؤولين العراقيين على آليات من شأنها إنجاح القمة. ولفت إلى أن مباحثاته حول سوريا تنطلق من قدرة العراق على إقناع الحكومة السورية بالقبول بالمبادرة العربية وإرسال مبعوثين عراقيين إلى دمشق لهذا الغرض.

وأوضح أنه استلم ردًا جديدًا من سوريا اليوم، تقترح فيه توقيع بروتوكول المبادرة في مكان ثالث غير دمشق والقاهرة، مقر الجامعة، وقبول مراقبين عرب، موضحًا أن هذا الأمر سيعرض على اجتماع قريب لوزراء الخارجية العرب، الذين وافقوا على قرار العقوبات ضد سوريا.

وعبّر العربي عن اعتقاده بأن ما يحدث في سوريا لم يصل إلى مرحلة الحرب الأهلية. وقال: quot;لذلك تريد الجامعة إرسال مراقبين لمعرفة حقيقة الوضع على الأرض، والسعي إلى وقف العنفquot;.

وأكد أن الجامعة لم تتصرف بانتقائية تجاه ما يحدث في البحرين واليمن وسوريا، موضحًا أنها عبّرت عن قلقها لما يحدث في البحرين، حيث قبلت حكومتها قيام لجنة عليا للتحقيق في ما يجري هناك، وأصدرت تقريرًا يؤكد وجود انتهاكات لحقوق الإنسان. وأعلنت البحرين التزامها بتجاوزها وإجراء إصلاحات.

أما بالنسبة إلى اليمن فأوضح أن الجامعة العربية لم تتدخل في موضوعها بطلب من مجلس التعاون الخليجي نظرًا إلى أنه طرح مباردة للحل، وقد نجحت في تشكيل حكومة وفاق وطني. بالنسبة إلى سوريا فإن وزراء الخارجية العرب طالبوها بوقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين، لكنها لم تنفذ ذلك، فتم اتخاذ قرار العقوبات، منوهًا إلى أن هذه العقوبات سترفععندما توقع السلطات السورية على المبادرة العربية وتنفذها.

مباحثات العربي مع قادة الكتل السياسية العراقية

وفي وقت سابق اليوم، وصل العربي لإجراء مباحثات مع كبار المسؤولين العراقيين، تتعلق باستضافة بلدهم للقمة العربية المقبلة، والموقف العراقي المعارض لقرارات الجامعة بفرض عقوبات على سوريا.

ومن المنتظر أن يجتمع العربي بعد لقائه المالكي مع قادة الكتل السياسية العراقية ومع رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، إضافة إلى نائبي الرئيس العراقي كل من طارق الهاشمي وخضير الخزاعي، للتشاور حول الترتيبات الخاصة بالقمة العربية المقبلة، المقرر عقدها في بغداد خلال آذار المقبل، والأوضاع على الساحتين العراقية والعربية بشكل عام كما قال.

واستضاف العراق القمة العربية لمرتين، الأولى بدورتها التاسعة عام 1978، والتي تقرر خلالها مقاطعة الشركات والمؤسسات العاملة في مصر، التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل، وعدم الموافقة على اتفاقية كامب ديفيد، والثانية بدورتها الثانية عشرة عام 1990، والتي شهدت خلافات كبيرة بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة، وتبعها احتلال العراق للكويت، واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991. فيما ستكون هذه القمة العربية الثالثة والعشرين في حال انعقادها.

وتهدف الحكومة العراقية، من خلال إصرارها على استضافة القمة في آذار المقبل بعدما تأجل انعقادها في بغداد في أيار (مايو) الماضي بسبب الأوضاع العربية، إلى إيصال رسالة، تؤكد انتماء العراق إلى الأمّة العربية.

وأكد المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ أن بلاده متمسكة بعقد القمة العربية في بغداد، quot;ولن نتنازل عنها كجزء من حقنا في التواصل مع محيطنا العربي وأشقائنا العربquot;. ودعا كل الدول العربية إلى تحمّل المسؤولية، والمشاركة في القمة المقبلة، لنقل رسالة إلى الشعب العراقي، تؤكد أنه جزء من الأمة العربية.

من جهته، قال مصدر رسمي عراقي إن اللجان المشرفة على تحضيرات القمة العربية قطعت أشواطًا متقدمة في مهماتها، وأشار إلى أن هذه اللجان الثلاث المنبثقة من اللجنة العليا، وهي الأمنية والخدماتية والإعمارية، قد حققت نتائج متقدمة، وأنجزت الكثير من الأعمال المناطة بها، كما ابلغ quot;إيلافquot;. وأشار إلى أن الحكومة قد خصصت مبلغ 300 مليون دولار لإعادة تأهيل أكبر ستة فنادق في بغداد استعدادًا للقمة.

واللجنة الأمنية العليا، التي شكلها مجلس الوزراء العراقي، والمنبثقة من قيادة عمليات بغداد، والمكلفة وضع ومتابعة التدابير الأمنية، التي سيجري تنفيذها خلال انعقاد القمة في بغداد، أنجزت حتى الآن تنفيذ خطط أمنية واسعة. وأوضح أن وزارة الداخلية تقوم حاليًا بنصب 200 كاميرا مراقبة للحيلولة دون وقوع أي أعمال تخريبية، من شأنها أن تعكر أجواء انعقاد القمة.

وكان مندوب العراق في الجامعة العربية السفير قيس العزاوي قد أكد في حديث لـquot;إيلافquot;أخيرًا أن بلاده متمسكة بحقها في استضافة القمة، التي قال إنها تشكل تحديًا للعراق، وإعلانًا جديدًا بأن هذا البلد quot;يقف على قدميهquot;.

من جهته قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في وقت سابق إن العراق مصمم على استضافة القمة، وأشار إلى أن بلاده بدأت استعدادات مبكرة فيكل المجالات لاستضافة قمة عربية ناجحة.

وكانت القمة العربية الأخيرة، التي انعقدت في ليبيا في آذار عام 2010، قد اتخذت قرارًا بعقد القمة التالية في العراق، على الرغم من أن البروتوكول المعمول به في الجامعة العربية يقرّ باستضافة مؤتمرات القمة بحسب الترتيب الابجدي، حيث كان من المفترض عقد تلك القمة في بغداد طبقًا لهذه القاعدة، إلا أنها عقدت في مدينة سرت الليبية بسبب المخاوف الأمنية في العراق، الذي تنازل عن استضافتها لليبيا.

أما بالنسبة إلى مباحثات العربي مع المسؤولين العراقيين حول الأوضاع في سوريا فهي تتناول الانتفاضة الشعبية، التي تشهدها منذ آذار الماضي، وموقف العراق الرافض لقرارات الجامعة بفرض عقوبات إقتصادية وسياسية على النظام السوري.

ودخلت العقوبات الإقتصادية العربية على سوريا حيز التنفيذ اعتباراً من الإثنين الماضي، حيث إن المقاطعة الاقتصادية تقرَّرت بقرار من الإجتماع الوزاري العربي وهي سارية، ولم تتوقف.

وقال العربي في تصريحات اليوم قبيل مغادرته القاهرة متوجّهًا إلى بغداد quot;إن المفهوم العام للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تعتبر بطبيعتها مؤقتةquot;. وأضاف quot;إن هذه العقوبات ستتوقف بعد توقيع سوريا على البروتوكول الخاص ببعثة المراقبينquot;، لافتاً إلى أنه وجّه أمس رسالة إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم رداً على رسالته الأخيرة.

وأوضح أن رسالته جاءت عقب سلسلة من المشاورات، أجراها مع رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العربية المعنية بحل الأزمة السورية، ومع عدد من وزارء الخارجية العرب، للرد على رسالة الوزير المعلم quot;التى تضمنت استعداد سوريا للتوقيع على بروتوكول مهمة بعثة مراقبي جامعة الدول العربية لسوريا وفق شروط محددةquot;.

تأتي هذه الزيارة إثر تحذيرات أطلقها المالكي الأحد الماضي من أن مقتل الرئيس السوري بشار الأسد قد يتسبب في حرب أهلية، وأبدى استعدادَه للوساطة بين المعارضة والنظام.

وقال إن quot;الوضع في سوريا شديد الخطورة، ما يستدعي التعامل معه بوسائل مناسبة، بما لا يسمح بتحوّل ربيع سوريا إلى شتاءquot;.

من جانبه، اعتبر الرئيس العراقي جلال طالباني في الأسبوع الماضي أن أي تدخل أجنبي في سوريا سيكون أمرًا مرعبًا، وأكد تخوف بلاده من بديل متطرف، يخلف نظام الرئيس بشار الأسد، وأشار إلى أن مبادرة الجامعة العربية يمكن أن تكون حلاً مناسبًا للأوضاع هناك.