الايرانيون يشعرون أن الحرب قد تكون كارثية

يعيش الإيرانيون حالة قلق من المرحلة المقبلة، إذ لا تشير البوادر إلى هدوء في إيران، ما دفع بالبعض منهم إلى اتخاذ تدابير وقائية أولها الهجرة.


بيروت: في ظل التهديدات والتحذيرات الاسرائيلية بشن هجمات ضد منشآت ايران النووية، يرد الزعماء الايرانيون بتبجح وتحدي، فرجال الدين الشيعة الذين يحكمون الجمهورية الإسلامية الايرانية يثنون على القوات المسلحة الايرانية، فيما يهدد القادة العسكريين ان بلادهم يمكن ان تطلق أكثر من 150 ألف صاروخ على إسرائيل، في حال سقطت قنبلة اسرائيلية واحدة على الاراضي الايرانية.

لكن الشعب الايراني لا يشاطر الزعماء شعور التحدي والقوة، إذ يشعر الايرانيون بالقلق على نحو متزايد من أن الحرب قد تكون كارثية، ويناقشون هذا الإحتمال الذي يلاحقهم في كل تفاصيل حياتهم، من المترو، إلى الشوارع وفي التجمعات الخاصة.

مع ارتفاع حدة التوتر، بدأ العديد من الايرانيين باتخاذ تدابير وقائية لحماية أنفسهم وعائلاتهم، فيعمل البعض على تخزين السلع الأساسية، فيما يتجه البعض الآخر إلى نقل أموالهم أو تحويلها إلى العملات الأجنبية، أو الحصول على تأشيرات للهجرة.

في هذا السياق، تحدثت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; مع مجموعة من المواطنين الايرانين، الذين يستشعرون قرع طبول الحرب، مشيرة إلى أن القلق دفع بهم إلى اتخاذ تدابير حماية ووضع مخططات للتعامل مع الحرب المقبلة.

يقول أراش، مهندس ديكور داخلي، إنه اشترى مؤخراً أكياساً من الأرز، وملأ الثلاجة بالدجاج واللحوم، استعداداً لنشوب حرب قريبة، مضيفاً: quot;أشعر بأننا سوف نشهد مرحلة عدم استقرار كبير، إما عن طريق الحرب أو انهيار السلطة، وأنا أعد نفسيquot;.

مثل الكثيرين من سكان العاصمة، قال آراش إنه يتخذ الإحتياطات الرئيسية وتدابير السلامة البسيطة، لكنه اتخذ خطوة إضافية بالتقدم بطلب للحصول على البطاقة الخضراء في الولايات المتحدة.

واضاف: quot;بعد 30 عاماً من العيش في ظل الضغوط الخارجية، اعتاد الإيرانيون على إبقاء خياراتهم مفتوحة، وأنا أريد أن أكون مستعداًquot;.

واشارت الصحيفة إلى أن نسبة المخاوف من أن شيئاً ما سيحدث قريباً، ارتفعت في ايران في الآونة الأخيرة، إذ قال وزير الدفاع الاسرائيلي هذا الشهر ان بلاده قد لا تملك خياراً سوى توجيه ضربة عسكرية لوقف البرنامج النووي الايراني، فيما أكدت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة في التعامل مع ايران.

وفي حين أن القادة الايرانيين يقولون أن طموحات دولتهم النووية سلمية بحتة، يعتقد معظم القادة في الغرب أن طهران تسعى لصنع اسلحة نووية.

وتزايدت المخاوف بين الإيرانيين بسبب الأحداث الأخيرة في البلاد، من ضمنها الانفجار الغامض في قاعدة للصواريخ بالقرب من طهران الشهر الماضي، والذي دفع الكثيرين الى الاعتقاد بأن ايران تتعرض لهجوم عسكري. بعد مضي أسابيع على هذا الحادث، غادر الدبلوماسيون البريطانيون إيران بعد هجوم على سفارتهم في طهران. وفي الأيام الأخيرة، أعلنت وكالة المخابرات المركزية أنها تمكنت من إسقاط طائرة متطورة بدون طيار، كانت تستخدمها أميركا للتجسس على ايران، ما يشير إلى أن البلد يتجه نحو الصراع.

ويقول مهرداد، مهندس كمبيوتر: quot;نحن الايرانيون يمكن أن نكون مثل الدجاج الذي قطعت رؤوسه، فلا يمكنا معرفة ما يجري بشكل مباشر، ويستغرق منا بعض الوقت لندرك ما حدثquot;، مشيراً إلى أن الناس بدأوا الآن في الاعتقاد بأن الحرب أصبحت أمراً لا مفر منه.

وقالت مهناز مهجوري، معالجة نفسية، أن الايرانيين اعتادوا على العيش تحت الضغط، مضيفة: quot;تعاملت مع ناس عاشوا حرباً مدمرة استمرت لثماني سنوات ضد العراق خلال الثمانينات، لم يستشرني أحد من مرضاي بشأن مخاوف من اندلاع حرب. لكن أنا وأصدقائي نتحدث جميعاً عن هذا الاحتمل ونشعر بالقلق مما ستحمله لنا الأيام المقبلةquot;.

وأدت الجولات الأخيرة من العقوبات الدولية ضد طهران إلى تغذية مخاوف الايرانيين، ففي حين يقول مسؤولون ايرانيون ان البلاد يمكنها التغلب على القيود المتزايدة، تواجه الطبقة المتوسطة في ايران صعوبات اقتصادية مع ارتفاع الاسعار وتراجع سعر صرف عملتها (الريال) التي فقدت 48% من قيمتها مقابل الدولار منذ عام 2008.

يعتمد صمود الاقتصاد الايراني اليوم على قوة الإيرادات النفطية، لكن معظم الناس يشعرون أن العقوبات ستزداد، ولو ببطء، لكن ذلك بالتأكيد سيؤثر على قدرة إيران على بيع النفط.

ويقول مواطنون ايرانيون من الطبقة الوسطى انهم يشعرون بحصار وكأنهم بين مطرقة سلوك التحدي الذي يمارسه حكامهم وسندان الضغوط التي تمارس عليهم من قبل الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة.

يقول كثيرون انهم يشعرون باليأس ولا يرون أية حلول لمشاكلهم، كما يقول بعضهم انهم سيرحبون بأي شيء من شأنه إحداث تغيير في إيران، حتى لو كان تغييراً صاخباً.