قامت قوات التحالف الدولي بضرب الدفاعات الأرضية للقوات الموالية للرئيس الليبي، وما تبعه من فرض حظر جوي على الأجواء الليبية لمساعدة الثوار، لكن هل يلعب التدخل الأجنبي دوراً في إضعاف الثورات العربية إذا سقط القذافي من خلال مساعدة فرنسا وأميركا.
دبي: بعدما قامت قوات التحالف الدولي بضرب الدفاعات الأرضية للقوات الموالية للرئيس الليبي العقيد معمّر القذافي، وما تبعه من فرض حظر جوي على الأجواء الليبية لمساعدة الثوار الليبيين على إنجاح ثورتهم ضد القذافي الذي يحكمهم منذ قرابة 42 عاماً.. تتساءل صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية عما سيحدث اذا سقط القذافي من خلال مساعدة فرنسا والولايات المتحدة الأميركية في تسليم الأسلحة للثوار وفرض حظر الطيران، وتجيب بأن ذلك من شأنه إضعاف الثورات العربية عبر إقحام عنصر أجنبي.
وعن إمكانية تشجيع التدخل الغربي والأميركي في ليبيا لبقية الشعوب التي تتوقع الدعم العسكري الأميركي، قالت الصحيفة إن ذلك محتمل، لكنها تساءلت عن احتمالية وقوع كارثة إذا طالب الشعب السوري السلاح والدعم الخارجي للقضاء على نظام الرئيس السوري بشارالأسد.
وتشير الصحيفة الى أن حملة القذافي العنيفة لإنقاذ نفسه قد أوقفت تقدم قوات الثوار،الأمر الذي يبين أن عدوى إراقة الدماء ستعم المنطقة حال تمكن القذافي من البقاء، وهو ما يبدو قد حدث بالفعل بحسب الصحيفة، التي لفتت الى أنه في مصر نشبت أعمال عنف خطرة مثل المواجهات الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، وفي اليمن قامت قوات الأمن بمهاجمة الحشود بالذخيرة الحية في العاصمة صنعاء، كما استمرت المصادمات بين قوات الأمن والمحتجين في البحرين. من ناحية أخرى تبين الصحيفة أن الهدوء عمّفي الجزائر والمغرب، في حين لم يلق الإعلان عن quot;جمعة الغضبquot; إقبالاً في السعودية.
وتبين الصحيفة أن الثورات العربية التي شهدتها تونس ومصر بعد قيام محمد بوعزيزي بإشعال النيران في نفسه منذ ثلاثة أشهر تقريباً قد أثارت حركة علمانية في تونس تحت راية الديمقراطية الليبرالية وهو ما تتبعته مصر. مضيفة أن جيوش تونس ومصر والبحرين لم تقرر إطلاق النيران على شعوبها للحفاظ على سلطة المستبدين، وهو ما عزز مبدأ عدم العنف الذي تنادي به الولايات المتحدة الاميركية.
وترى الصحيفة أن القوى الليبرالية في مصر لا تزال قوية بدليل الإطاحة بأحمد شفيق رئيس الوزراء الموالي للرئيس السابق حسني مبارك والقضاء على أمن الدولة، لافتة الى أن تنافس عمرو موسى ومحمد البرادعي سيؤدي الى قيام منافسة شريفة على مقعد الرئاسة في الانتخابات المقبلة.
رغم ذلك تبين الصحيفة أن بعض المصريين يشعرون باقتراب الانهيار وعدم إمكانية الوصول إلى الانتخابات الرئاسية حيث توقف الاقتصاد، ولن تستطيع الحكومة دفع الرواتب. ويقلق المصريون أيضا مما يمكن أن يقوم به بقايا النظام السابق في حالة شيوع التوتر في الدولة. مضيفة أن رئيس الوزراء المصري عصام شرف حذر من وجود قوى منظمة معادية للثورة.
أساطير القذافي
في سياق متصل أوضحت الصحيفة أن هناك خمس أساطير تحيط بالعقيد معمر القذافي، لافتة الى أن التمرد العنيف الذي قام به الشعب الليبي قابله القذافي بوحشيته المعهودة بعد فشل التظاهرات الشعبية في الإطاحة به على غرار تلك التي حدثت قبلها في مصر وتونس.
وترى الصحيفة أن تلك الخرافات المحيطة بالقذافي (الزئبقي) على حد قولها تحتوي على عدة أمور أهمها:
1- أن القذافي مجنون بالنظر إلى quot;هجماته القاتلة على شعبه والكتاب الأخضر وخطابه الذي هاجم فيه العالم لمدة 90 دقيقة في الأمم المتحدة وقوات حرسه الأمنية المكونة من النساء وخيمته البدوية التي يقيمها في الدول التي يزورها، مما يجعلنا نؤمن بأننا أمام شخص مجنون.. إلا أنه لا يمكن أن يبقى في السلطة لهذه الفترة الطويلة دون أن يكون سياسياً ماهراًquot;.
وتشير الصحيفة من ناحية أخرى الى أن الثروات النفطية ساعدت القذافي على شراء الولاء، وأنه عندما لم يتمكن من شراء الولاء استخدم العنف والتهديد مثل قمع الطلاب الإسلاميين عام 1990. وتلفت الى أن القذافي كان بارعاً في إزالة أعدائه وتخويف المتطرفين والقبائل حتى أنه منع أبناءه من أن يصبحوا أقوياء.
2- أن القذافي سيقاتل حتى الموت، وعلى الرغم من صعوبة استسلام رجل تعهد بمقاومة التمرد الليبي حتى آخر قطرة دم مثله، إلا أن ماضيه يوضح أنه قادر على التراجع عن الهاوية، بدليل تراجعه عن برنامجه النووي بعد غزو الولايات المتحدة الاميركية للعراق في عام 2003، هذا فضلا عن قيامه بدفع تعويضات لأسر ضحايا تفجير لوكيربي لإنهاء العقوبات التجارية.
3- ان المرتزقة يحافظون على بقاء القذافي في السلطة، وهو الأمر غير الواضح، حيث إن الدعم الأساسي يأتي من الدوائر المحلية التي تشمل قوات خاصة بقيادة أبنائه، علاوة على أبناء قبيلته. وتضيف الصحيفة أن الأجانب من تشاد والنيجر ومالي أقاموا في ليبيا لمدة طويلة للإنضمام إلى الفيلق الإسلامي حتى أصبحوا مواطنين ليبيين.
4- ان الحظر الجوي سيقضي على القذافي، ولكن القضاء على القوات الجوية الليبية ستكون له تكاليفه، وأضافت الصحيفة أن معظم هجمات النظام كانت عبر القوات البرية والمروحيات القادرة على مراوغة حظر الطيران.
5- القضاء على القذافي سيحل مشاكل ليبيا، إلا أن الحقيقة هي أن رحيله سيترك فراغا سياسيا كبيرا في ليبيا بعدما قضى القذافي على معارضيه، كما إن الميزة الوحيدة لحكمه هي الحفاظ على تماسك دولة منقسمة. وترى الصحيفة أن هناك صعوبة في بناء حركة قومية وسط مجتمع منقسم مثل ليبيا في حالة نجاح الثوار في معركتهم.
التعليقات