وزيرة المال في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن |
أثار كلام وزيرة المال في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن عن احتمال عدم تمكّن الدولة من دفع النفقات من رواتب الى معاشات تقاعد ومصاريف للموظفين نهاية الشهر المقبل، نتيجة لاضطراب الوضع السياسي وتدني واردات الخزينة، حالة من الذعر في الأوساط الشعبية وجملة من التساؤلات لدى الأوساط السياسية والمالية التي تفاوتت آراؤها بين متفهّم لموقفها وحامل عليه، كما جاء على لسان زميلها في الحكومة وزير الاتصالات شربل نحاس الذي وصفه بـ quot;العمل التخريبيquot;.
استطلعت quot;إيلافquot; آراء عدد من الوزراء الحاليين والسابقين في ما قالته وزيرة المال في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن عن احتمال عدم تمكّن الدولة من دفع النفقات من رواتب الى معاشات تقاعد ومصاريف للموظفين نهاية الشهر المقبل، وما إذا كان هناك تخوف بالفعل من الوصول الى مرحلة يتعذر فيها دفع رواتب للموظفين، فجاءت إجاباتهم على النحو التالي:
* وزير الدولة جان أوغاسبيان الذي استهل كلامه بالإشارة الى أنه غير ضليع في الأمور المالية، لفت الى أنه سبق لوزيرة المال ريا الحسن أن أبلغت مجلس الوزراء قبل ثلاثة أشهر من استقالة الحكومة أن الاحتياط الموجود لدى المالية بدأ ينفذ، ويتمنى بالتالي اتخاذ قرارات سريعة لتدارك الموقف. وأكد أوغاسبيان أن الهدف مما أعلنته الوزيرة الحسن ليس إحداث بلبلة، بل إطلاق جرس إنذار علّ المعنيين في الأزمة السياسية الحاصلة يسارعون الى معالجتها، على الرّغم من طمأنة حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة الى استقرار وضع الليرة ومتانة القطاع المصرفي.
الهيئات الاقتصادية بحثت اوضاع لبنان في ضوء الأزمة السياسية |
* وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة، رأى في كلام وزيرة المال تحذيرًا واضحًا من بلوغ الوضع المالي مرحلة صعبة مع استمرار التعثر الحاصل في تشكيل حكومة جديدة، وفي ظل تراجع الواردات الناجم عن الانخفاض الملحوظ في حركة التجارة والسياحة، وكل ما يؤمن من مداخيل خاصة. ومن هنا جاءت صرختها لتعبر عمّا وصلت إليه الأمور من تدهور في كافة القطاعات ولتتدارك مسبقًا أزمة سيولة في مالية الدولة بدأت تطل برأسها.
* وزير المال السابق الدكتور الياس سابا انتقد بشدة تلويح وزيرة المال الحالية ريا الحسن بعدم دفع رواتب الموظفين،معبترًا أن مثل هذا الكلام يقع تحت طائلة المسؤولية الجزائية من منطلق أن كل من يقوم بعمل أو ينشر كلامًا من شأنه المس بسمعة الدولة المالية، يعاقب بالحبس.
وقال سابا: لو افترضنا جدلاً أن ما ذكرته الوزيرة الحسن صحيحًا، فهذا يرتب عليها مسؤولية quot;الابتكارquot; وابتداع الحلول للقيام بموجبات الدولة المالية لا الاكتفاء بالصراخ والشكوى. وأبدى سابا اعتراضه على ما أفيد عن عجز الخزينة وتعذر دفع الرواتب، مشيرًا الى أن لدى الخزينة في حسابها المودع في مصرف لبنان أكثر من عشرة آلاف مليار ليرة لبنانية ناجمة عن إصدار سندات خزينة وبيعها للمصارف التي تجني الأرباح من ورائها.
* وزير المال السابق جهاد أزعور ينظر الى ما طرحه الحسن من زاوية مختلفة تماماً عن رؤية نظيره الوزير السابق الياس سابا، إذ يؤيد مبادرة وزيرة المال الى quot;دق ناقوس الخطرquot; بعد حالة التراجع الاقتصادي الذي شهدته البلاد على مدى أشهر، وحتى الآن، لافتاً الى أنه من الأفضل عدم الدخول في سجال عقيم والتوقف عند موضوع عدم دفع الرواتب وغيره، والتركيز على كيفية معالجة الوضع القائم والخروج من الأزمة السياسية التي تتخبط فيها، لا في الوقت الراهن فحسب، بل حتى أثناء وجود حكومة الاتحاد الوطني برئاسة سعد الحريري والتي تعرضت لعمليات تعطيل شبه متواصلة.
وقال أزعور إن كل المسؤولين والزعماء والقيادات أن يدركوا أن لبنان يعيش أزمة سياسية حقيقية لا يمكن فصلها عما تشهده المنطقة من quot;عواصفquot; ومتغيرات، والسؤال المركزي الذي يجب أن يشغل الجميع هو: كيف العمل لمواجهتها؟ وما هي الإجراءات الواجب اتخاذها؟ وكيف السبيل الى تشكيل حكومة تنهض بالوضع المتردي الذي ينعكس سلبًا على حياة الناس؟ وعلى الرغم من الصورة القاتمة التي رسمها أزعور للوضع الراهن، إلا أنه أبدى تفاؤلاً بإمكانية التغلب عليه، خصوصًا أنه سبق للبنان أن مرّ بظروف أصعب تمكّن من تجاوزها والعبور الى الافضل.
* هذا وكان وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي وفي حديث سابق لـ quot;إيلافquot; أبدى استياءه من تجاهل المسؤولين التحذير الذي أطلقته وزيرة المال ريا الحسن لجهة التعذر عن دفع رواتب الموظفين، إذا ما استمر الوضعان السياسي والمالي على ما هما عليه، مناشدًا الجميع التحرك لتدارك الخطر القادم إلينا على حد قوله، والذي يستدعي التنازل عن المصالح والأنانيات التي تحول دون تأليف الحكومة العتيدة.
وكان وزير الاتصالات شربل نحاس قد ردّ على كلام وزيرة المال ريا الحسن عن quot;أن مالية الدولة تستطيع أن تحتمل شهرًا واحدًا بعد، إذا لم تشكل الحكومةquot;، حيث وصف هذا الكلام بأنه أشبه بتسونامي لنحو 200 ألف موظف و 100 ألف موظف متقاعد و40 % من العائلات، وأضاف: quot;نشكر الله على أحدكم لم يصدقه، وإلا لكانت قيامة الناس قد قامت. فهذا الكلام فيه من الخفة ما يوازي العمل التخريبيquot;.
وفي هذا الإطار لوحظ أمس أن محطة quot;أن.بي.أنquot; التلفزيونية التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري شنّت هجومًا على وزيرة المال ريا الحسن ووصفت كلامها عن عدم دفع رواتب الموظفين بأنه غير واقعي وأكدت أن المال متوفر في الخزينة لهذا الغرض.
التعليقات