مصريون يحرقون العلم الإسرائيلي في القاهرة

أكد خبراء سياسيون أن الإعتذار الإسرائيلي السريع عن مقتل الجنود المصريين في سيناء يؤكد خشية إسرائيل من إقدام مصر على تعديل بنود إتفاقية السلام، مشيرين إلى أنه يدل على قوة مصر بعد الثورة.


ظهرت بوادر على انفراج الإزمة بين القاهرة وتل أبيب إلى حد ما بعد تقديم ايهود بارك وزير الدفاع الاسرائيلي اعتذارًا رسميًا للسلطات المصرية عن مقتل واصابة 7 جنود مصريين على الحدود المصرية الإسرائيلية.

ويرى الخبراء العسكريون والسياسيون أن الإعتذار جاء في وقت مناسب، مؤكدين أن الدور الايجابي للتعامل مع الأزمة من جانب الحكومة والمجلس العسكري والقرارات التي تم اتخاذها أخيرًا بسحب السفير المصري من تل أبيب وإستدعاء السفير الإسرائيلي لدى القاهرة وطلب تقديم الاعتذار الرسمي والتحقيق المشترك في الواقعة كان لها أثر إيجابي على حمل إسرائيل على تقديم الإعتذار.

ويقول محمد بسيوني السفير المصري السابق في تل أبيب لـquot;إيلافquot;إن استجابةإسرائيل لكل المطالب المصرية تجاههذه الأزمةتعدّ أمرًا طبيعيًا نظرًا إلى الموقف الشعبي الغاضب تجاه مقتل الجنود المصريين والموقف الرسمي المصري القوي، والذي يتماشى مع الموقف الشعبي، مشيراً إلى أنه للمرةالأولىيأتي الإعتذار سريعاً قبل اشعال الموقف، ويحسب للسلطات المصرية هذا الإعتذار والذي يؤكد قوة الدور المصري الإقليمي في المنطقة.

وقال بسيوني: quot;بالمقارنة نجد أن تل أبيب رفضت تقديم الإعتذارالرسمي لتركيا بعد مقتل اتراك على متن سفينة الحرية، برغم أن تركيا قد خفضت كثيراً من حجم العلاقات العسكرية والسياسية والاقتصادية واشترطت عودتها إلى المستوى الطبيعي بتقديم الإعتذار الرسمي.

يستبعد بسيوني أن يقوم المجلس العسكري والحكومة بالتصعيد أكثر ضد إسرائيل.وأرجع ذلك إلى كون مصر في حالة من الإنفلات الأمني فى الداخل، فضلاً عن الظروف السيئة الموجودة في سيناء بسبب المعارك بين الجيش وquot;الخارجين عن القانونquot;... كل هذه الظروف تحول دون تصعيد مصر تجاه الأحداث الأخيرة،إلى جانب أن السلطات المصرية تعاملت بحنكة تجاه الإزمة، حسب قوله.

ولفت بسيوني إلى quot;نقطة غاية في الأهميةquot; كانت سبباً في الإعتذار، وهي أن اسرائيل تدرك جيدًا بأنها لا بد وأن تتجاوب مع المطالب المصرية لأن عدم تجاوبها بشكل نهائي هواشارة إلى أن القاهرة فقدت دورها في المنطقة، مما سيترتب عليه زيادة المطالب المصرية التي قد تنتقل من ضرورة المطالبة بالتحقيق الرسمي والإعتذار إلى المطالبة الفعلية بتعديل اتفاقية كامب ديفيد، وتحديدًا النقطة quot;جquot;، وهي المنطقة التي لا توجد فيها قوات للجيش، والتي شهدت الإعتداء على الجنود المصريين، فإسرائيل هي المستفيدة من الحفاظ على اتفاق السلام مع مصر، ولن تجازف بعمل شيء يعطي الفرصة لمصر بطلب التعديل.

توقع اللواء طلعت مسلم الخبير الأمني والإستراتيجي وصول الطرفين المصري والاسرائيلي إلى نوع من التهدئةوعدم التصعيد، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن تقديم تل ابيب الاعتذار في أسرع وقت وعلى أعلى مستوى خطوة جيدة تحسب للثورة المصرية.

مشيداً بالموقف المصري، الذي إبتعد عناستعمال لهجة ضعيفة، وصدور بيانات لجذب تعاطف الشارع فقط، فكان التعامل بعقلانية كبيرة وارسال رسالة إلى تل أبيب قوية مفادها بأن التصادم مع مصر ليس من مصلحتهاالآن.

وشدد مسلم على أنه لم يكن مطلوب من الحكومة والمجلس العسكري في ظل الظروف التي تمر بها البلاد من الداخل اتخاذ أكثرمن هذا، والذي يعتبر موقفًا ايجابيًا لم يستطيع النظام السابق اتخاذه من قبل رغم قتل جنود مصريين على الحدود.

ووفقاً لحديث السفير صلاح فهمي مساعد وزير الخارجية السابق لـ quot;إيلافquot; فإن اعتذار ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي جاء للحدّ من حدوث تطورات خطرة بشأن الأزمة بين مصر واسرائيل، وتحديدًا من الطرف المصري عن طريق الضغوط الشعبية في حالة عدم تقديم الإعتذار والتحقيق في الواقعة.

معتبرًا أن ما قيل عن وجود أغراض إسرائيليةفي سيناءباحتلال 7 كيلو بحجة تأمين حدودها من الإرهاب في سيناءهو درب من المستحيل، مؤكداً أن الجيش المصري على درجة كبيرة من الوعي والتدريب، وتفكير اسرائيل بضرب مصر يمثل انتحارًا سياسيًا وعسكريًا،معتقدا أن ضرب الجنود المصريين كان خطأ بالفعل.

حيث إنه من غير المتوقع تكرار إطلاق النار الاسرائيلي على الحدود المصرية، معتبرًا أن مصرهي التي اعطت لتل ابيب الفرصة بالتدخل لحماية حدودها بعد ترك الجيش حالة الفوضى الامنية في سيناء على مدار الـ4 اشهر الماضية، كما إن حالة الضعف والتخبط التي تعيشها البلادحاليًاساعدت اسرائيل على ضرب الحدود المصرية والتحجج بالخطأ.

وحسب وجهة نظر فهمي، فإن السلطات المصرية للمرة الأولى تتعامل بحرفيةشديدة تجاة الأزمة، مشيراً إلى أن تقديم الإعتذار يؤكد إلى استمرار الدور المصري في المنطقة والحكمة في التعامل مع الحدث برفض النداءات المطالبة بإعلان قطع العلاقات وطرد السفير الإسرائيلي في القاهرة.

من جانبه، دعا الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان السلطات المصرية والشارع إلى التهدئة، خاصة بعد تقديم تل ابيب اعتذارًا مضمونًا وشكلاً، بالإعتراف بوقوع الحادث بشكل خطأ، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن الأزمة لا بد أن تدار هذه المرة باحترافية من الجانب المصري.

ولفت عودة إلى وجود خلاف شديد بين الأجهزة الأمنيةوالحكومة الاسرائيلية، بدليل خروج بنيامين نتايناهو رئيس الوزراء الاسرائيلي باتهام مصر بأنها وراء العملية التي قتل فيها سبعة إسرائيليين في حين خرجت قيادات امنية ومخابراتية تنفي علاقة مصر بالواقعة، وتنسبها إلى جهات فلسطينية، مما يشير إلى عدم التنسيق بين الأجهزة هناك.

منوهاً إلى ضرورة أنتلعب مصر على هذه النقطة من أجل الضغط بإسقاط حكومة نتنياهووكشف الخلافات للظهور على الساحة، معتبراً أن حصار السفارة الاسرائيلية في القاهرة سوف يصبّ في مصلحة حكومة تل أبيب وتماسك الشعب الإسرائيلي بها. كما رفض فكرة سحب السفير لأن وجوده هو من الأساس عمل سياسي، وسحبه لن يحلّ الأزمة.