أحد الأحياء المتضررة في مدينة حمص

دفع الصراع القائم في سوريا بين الثوار والحكومة، بالمسيحيين إلى التفكير بترك البلاد نهائياً، وسط مخاوف مضاعفة من سقوط الحكومة الحالية ونشوء حكومة اسلامية قد لا تكون متسامحة بمنح الأقليات حقوقهم، على غرار ما حدث في بعض الدول العربية.


القاهرة: في وقت مازال يُعَرِّض فيه الصراع العنيف بين الثوار والحكومة السورية حياة المدنيين هناك للخطر، بدأ يتردد أن الكثير من المسيحيين يفكرون حالياً في مغادرة البلاد، التي كانت تعتبر من قبل ملاذاً آمناً للمواطنين المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط.

ويواجه المسيحيون السوريون الأخطار على جبهتين، فبقاؤهم في البلاد من ناحية قد يجعلهم في مرمى النيران بين الثوار والقوات الحكومية. ومن ناحية أخرى، في حالة تفوق الثوار وانهيار النظام، ستنشأ حكومة إسلامية، وهو ما سيُصَعِّب عليهم الحياة بشكل أكبر، وذلك وفقاً لما قاله عصام بشارة، المدير الإقليمي للبنان وسوريا ومصر لدى مؤسسة الإغاثة الكاثوليكية للشرق الأدنى المعروفة اختصاراً بـ (CNEWA).

وأفادت صحيفة quot;كريستيان بوستquot; بأن السوريين لا يلوذون فحسب بالفرار من مناطق العنف، مثل مدينة حمص، بل الأكثر من ذلك هو أنهم يفكرون في مغادرة البلاد نهائياً. وهو ما فسره بشارة بأنه نابع من تخوفهم القائم على حقيقةبأن الكثير من الأمور قد تغيّرتفي البلدان التي ازدهرت فيها موجة الربيع العربي، كتحول الحياة السياسية لتكون أكثر تعصباً وأقل تسامحاً بشأن الاعتراف بمنح حقوق متساوية للمسيحيين.

وأضاف بشارة: quot;كما تحولت تونس، التي كان يرتكز فيها النظام السابق على عرف ونهج علماني تام لأكثر من 50 عاماً، إلى حكومة يطغى عليها الطابع الإسلامي، وبالأمس فقط، اندلعت هناك مظاهرات كبرى تطالب بإقامة دولة إسلامية كاملةquot;.

وهو ما جعلمعظمالسوريين يشعرون بأنه لا توجد أمامهم أي خيارات سوى مغادرة البلاد. وتابع بشارة حديثه بالقول: quot; إنالكثير من الأسر المسيحية بدأت تبحث عن خطط طوارئ قوامها إيجاد مكان آمن لأفرادها في حال تصاعدت الانتفاضة ومعها الأحداث العسكرية في جميع أنحاء سوريا، بالسيناريو نفسهالذي وقع في حمص. والأسر التي قررت البقاء في حمص معرضة للخطر الآن وتعيش في خوف وفقر. وليس بمقدور معظمهم الخروج من الأماكن التي يقيمون فيها خشية طلقات القناصة، وبالطبع لا يوجد لأي منهم أي نوع من أنواع الدخل؛ والسبب الوحيد وراء بقائهم هناك هو رغبتهم في الاحتفاظ بممتلكاتهم ولعدم وجود مكان آخر يذهبون إليهquot;.

وقال أحد عمال الإغاثة:quot;غادر معظم المسيحيين المنطقة، وبالنسبة للأعداد الصغيرة التي بقيت هناك، فمن الصعب عليهم أن يخرجوا من منازلهم حتى من أجل الحصول على خبز أو دواءquot;. كما أخبر رجال الدين المحليون الذين غادروا البلاد المنظمة الكاثوليكية بما تعرضوا له في ظل هذه الاضطرابات التي تشهدها البلاد من دون انقطاع.

وأشار مندوب مؤسسة الإغاثة الكاثوليكية للشرق الأدنى في حواره مع الصحيفة إلى أن الإرهاب لا يزال يشكل مصدراً للقلق، بالإضافة إلى العنف المستمر بشأن الانتفاضة.

وعاود بشارة ليقول:quot;وبالإضافة إلى ذلك، بدأ يتدهور موقف الأسر التي فقدت منازلها وأجبرت على إيجاد ملاذ لها في أماكن أخرىquot;. وبالاتساق مع ذلك، بدأ كثير من المراقبين المسيحيين يعربون عن تخوفهم من أن يقود سقوط الأسد إلى ظهور حكومة إسلامية يتوقع أن تتعامل بشكل أقل تسامحاً مع الأقليات غير المسلمة في تلك الدولة التي تقطنها أغلبية مسلمة، على غرار ما حدث في مصر أو العراق، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي مليون مسيحي قد لاذوا بالفرار من هناك منذ العام 2003 بسبب فرط العنف وضعف الظروف الاقتصادية وعدم وجود حماية حكومية.

وقال ايدين كلاي، من منظمة القلق المسيحي الدولي: quot;يخشى المسيحيون في سوريامن أن ينجم عن الاطاحة بالأسد:اضطهاد مباشر ضد الأقلية المسيحية ونزوح جماعي للمسيحيين من البلاد، كما حدث في العراق ويحدث الآن في مصرquot;.