فرج الحيدري خلال مؤتمره الصحافي

أخفقت الكتل السياسية العراقية بسبب خلافات حول الفترة والصلاحيات في الاتفاق على تصويت كان مقررًا اليوم على التمديد لمهمة المفوضية العليا للانتخابات لأشهر أخرى في وقت لا تزال فيه قضية اتهام رئيسها فرج الحيدري ومدير الدائرة الانتخابية فيها كريم التميمي واعتقالهما بتهم بتجاوزات مالية تطغى على المشهد السياسي الذي تتجاذبه اتهامات متبادلة حول الهدف من اعتقالهما مؤخرًا.


لم تستطع الكتل السياسية العراقية في جلسة برلمانية اليوم الإتفاق على مشروع قرار معروض عليها للتمديد لعمل المفوضية العليا للانتخابات التي تنتهي مهمتها قانونًا بنهاية الشهر الحالي فأجّلت التصويت الى يوم الخميس المقبل.

وتباينت مواقف الكتل من مسألتين تتعلقان بمدة التمديد حيث كان هناك مقترح بأن يكون لثلاثة أشهر... ثم على صلاحيات المفوضية خلال فترة التمديد هذه وفيما اذا كان يجب ان تختزل هذه الصلاحيات على اعتبار ان رئاسة المفوضية ستكون لسير الاعمال ريثما يتم انتخاب مفوضية جديدة جار العمل حاليا لإنجاز هذه المهمة.

وعلمت quot;إيلافquot; أنه على الضد من موافقة الكتلة العراقية والتحالف الكردستاني على تمديد عمل المفوضية لاشهر اخرى فقد ظهرت خلافات حول الامر بين القوى المؤتلفة في التحالف الوطني.

وأصرت كتلة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي على رفض التمديد لمهمة المفوضية بسبب ما يقول انها مخالفات مالية وادارية متهم بها مسؤوليها فيما أيد التيار الصدري وكتلة المواطن الممثلة للمجلس الاعلى الاسلامي وحزب الفضيلة التمديد مع استمرار عمل المفوضية بكامل الصلاحيات التي تتمتع بها قانونا.

وإثر ذلك، قرر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي تأجيل التصويت على التمديد طالبا من اللجنة المكلفة باختيار اعضاء مجلس المفوضية الجديدة تقديم تقرير الى البرلمان يوضح المدة الزمنية لإنجاز أعمالها واختيار هؤلاء الاعضاء.

وجاء الفشل في التمديد لعمل مفوضية الانتخابات بعد ثلاثة ايام من اطلاق سراح رئيسها فرج الحيدري ومدير الدائرة الانتخابية فيها كريم التميمي بعد اعتقال استمر ثلاثة ايام بتهم تجاوزات مالية الامر الذي اثار موجة انتقادات قاسية لرئيس الوزراء نوري المالكي واتهامه بالوقوف وراء هذا الاعتقال لأهداف سياسية لكنه نفى ذلك بشدة مؤكدا عدم علمه بعملية الاعتقال متهما منتقديه بإعادة ثقافة البعث.

وتم اطلاق سراح الحيدري والتميمي بكفالة مالية قدرها 15 مليون دينار عراقي لكل منهما على ان يمثلا امام القضاء في وقت لاحق للدفاع عن نفسيهما امام الاتهامات الموجهة لهما بصرف مبلغ 500 الف دينار عراقي (حوالى 380 دولارا) بشكل غير قانوني.

يأتي ذلك وسط تصاعد اتهامات للمالكي بالامر باعتقال الحيدري والتميمي انتقاما من موقف المفوضية من نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت في اذار (مارس) عام 2010 والتي خسرها ائتلاف المالكي امام القائمة العراقية ما اضطره إلى التحالف مع قوى شيعية أخرى ليشكل الكتلة الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة ما مكنه من تولي رئاسة الحكومة لأربع سنوات أخرى.

وقد اتهم الحيدري ائتلاف المالكي بالوقوف وراء اعتقاله مؤكدًا أن القضية سياسية تهدف الى تفكيك المفوضية والسيطرة عليها من قبل الائتلاف. وأكد الحيدري (64 عاما) الذي ينتمي الى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني أن توقيفه والتميمي يهدف إلى تسقيط المفوضية والتشكيك في عملها ونزاهتها وتشويه سمعتها. وأوضح أن التوقيف جاء بناءً على اتهامات عضو التحالف الوطني النائب عن ائتلاف دولة القانون حنان الفتلاوي حول تورطهما بقضايا فساد مالي واداري في ما يتعلق بعمل المفوضية .

واعتبر مراقبون توقيف الحيدري احدى مراحل الازمة السياسية الدائرة بين المالكي ومعارضيه الذين باتوا يتهمونه صراحة بالديكتاتورية والانقلاب على العملية السياسية. ويعتبر الحيدري الذي يترأس مفوضية الانتخابات منذ عام 2007، احد خصوم قائمة دولة القانون النيابية التي يقودها المالكي كونه رفض خلال انتخابات 2010 التشريعية اعادة فرز الاصوات في جميع انحاء البلاد كما كان يطالب المالكي. وفازت قائمة quot;العراقيةquot; بقيادة اياد علاوي الخصم السياسي الابرز للمالكي ب91 مقعدا من اصل 325 في الانتخابات في مقابل 89 لدولة القانون.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد اتهم المالكي بالوقوف وراء اعتقال فرج الحيدري وذلك بهدف quot;تأجيل او الغاء الانتخابات المحليةquot;. وقال الصدر في بيان quot;الذي امر بهذا الاعتقال هو الاخ نوري المالكي بالتحديدquot;. واضاف quot;لعل الاعتقال يصب في مصلحة الاخ رئيس الوزراء حسب ظني لانه يسعى الى تأجيل او الغاء الانتخابات فاحذرواquot;. ورأى أن quot;سبب الاعتقال يحتاج الى دليلquot; مؤكدا ان quot;اعتقال الحيدري يجب ان يكون تحت طائلة القانون لا تحت نير الديكتاتوريةquot;.

ومن جهتها قالت رئاسة اقليم كردستان quot;ان إقدام السلطات في بغداد على إصدار قرار التوقيف بحق كل من السيدين فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات و كريم التميمي عضو مجلس المفوضين، يُعد إنتهاكاً صارخاً ومساساً خطيراً بالعملية السياسية وبالتالي تفريغها من المحتوى الديمقراطي وتقويض المسيرة الديمقراطية في البلادquot;.

وأكدت quot;ان قرارًا كهذا إنما يستهدف استقلالية هيئة الإنتخابات، ويُراد منه إجهاض العملية الديمقراطية من خلال إحكام السيطرة على مؤسسة مستقلة تعنى بتسيير العملية الإنتخابية في البلاد، وبالتالي قيام من يقفون وراء هذه الألاعيب المغرضة والمكشوفة بتمرير ما تبقى لديهم من نوايا وأهواءquot;.

اما القائمة العراقية بزعامة علاوي فقد اعتبرت الحيدري quot;ضربةquot; للعملية الديمقراطية وعقوبة للمفوضية من قبل المالكي quot;على عدم تزويرها نتائج الانتخاباتquot; فيما طالبت مجلس النواب باتخاذ موقف حاسم وواضح من القضاء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة.

وقال المتحدث باسم القائمة حيدر الملا إن quot;اعتقال الحيدري يعني أن مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية اصبحا، اليوم، مكاتب تعمل لدى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكيquot; معتبرا هذا quot;الامر يمثل عقوبة للمفوضية العليا من قبل المالكي لعدم تزويرها نتائج الانتخابات وجعله في المرتبة الاولىquot;.

وفشل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بحجب الثقة عن مفوضية الانتخابات في تموز (يوليو الماضي) حيث منحها مجلس النواب الثقة مجددا بعد عدة جلسات استجواب تمت بطلب من عضو الائتلاف حنان الفتلاوي. ووصفت بعض الكتل السياسية إلى جانب مفوضية الانتخابات آلية الاستجواب وطريقته بأنها quot;مسيسةquot; على اعتباره لم يتطرق إلى أساس عمل المفوضية بل اختص بالجوانب الإدارية والمالية.

ومفوضية الانتخابات من الهيئات العراقية المستقلة وتتبع مجلس النواب مباشرة وهو الذي اختار أعضاء مجلس المفوضين الحالي عام 2007. وتشكلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي يترأسها فرج الحيدري بعد انتهاء الانتخابات التي جرت عام 2005 بعد انتهاء عمل المجلس السابق. وأشرفت المفوضية الحالية على ثلاث عمليات انتخابية الأولى لمجالس المحافظات والثانية للانتخابات النيابية والثالثة انتخابات برلمان إقليم كردستان وحصلت على إشادة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولة أخرى.

وكان المالكي أرسل في 22 حزيران (يونيو) الماضي خطابا إلى مفوضية الانتخابات يتضمن إيقاف عملها لكنها ردت في اليوم التالي برفضها الأمر مؤكدة أن السلطة التنفيذية لا علاقة لها بعملها . وتتصاعد التوترات السياسية في العراق منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما اتخذ المالكي اجراءات ضد سياسيين بارزين في اعقاب انسحاب القوات الاميركية ويخشى مراقبون من ظهور ميول سلطوية في بعض تصرفاته وينظرون بريبة الى سيطرته على الوزارات الامنية الرئيسة.