في قراءة بين السطور، يرى كثيرون أن زيارة فيلتمان الى لبنان تأتي في سياق الضغط حتى لا تتحوّل الحكومة إلى مساندة النظام في سوريا بشكل مفضوح، كذلك زيارة المسؤول الايراني تأخذ بعدًا اكبر من الاتفاقات الاقتصادية، وهي من أجل اتخاذ موقف أكثر مساندة للنظام السوري.
بيروت: مساء الثلاثاء الماضي وصل إلى لبنان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان، لإجراء مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين، رسميين وغير رسميين. وبالتزامن مع وصول فيلتمان، وصل أيضًا إلى بيروت نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي في زيارة تهدف إلى توقيع بعض الاتفاقيات بين لبنان وإيران.
العناوين المعلنة لهاتين الزيارتين تنحصر في إجراء مباحثات يقوم بها فيلتمان مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وكل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، فضلاً عن قيادات في 14 آذار/مارس، وقد استهل فيلتمان لقاءاته بزيارة النائب وليد جنبلاط، ولم يصدر عن اللقاء أي تصريح أو موقف. بينما تنحصر مهمة رحيمي بتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتربوية وثقافية بين لبنان وإيران. هذا اذا اعتبرنا أن العناوين المعلنة هي الوحيدة لهاتين الزيارتين، إلا أن مثل هذه الزيارات غالبًا ما تكون لها أجندة أخرى معلنة يصار إلى التحرك تحت عناوينها، وأجندة غير معلنة، يجري البحث في عناوينها بعيدًا عن عدسات الإعلام ومتابعة المراقبين. وأغلب الظن أن تزامن هاتين الزيارتين إلى لبنان في هذا التوقيت وعلى هذا المستوى يحمل أكثر من أجندة معلنة، وأكثر من محاولة إما للضغط وإما لشيء آخر.
يعتبر النائب السابق مصطفى علوش ( تيار المستقبل) في حديثه لـquot;إيلافquot; أن زيارة فيلتمان والمسؤول الايراني تحمل أجندة أساسية، وهي التنافس المستمر بين ايران والولايات المتحدة الاميركية في المنطقة على كسب الحلفاء ومد النفوذ، وعمليًا ايران تحتل على الاقل جزءًا من الاراضي اللبنانية والقرار السياسي اللبناني من خلال وجود حزب الله، في المقابل الولايات المتحدة الاميركية لديها نفوذ من خلال صداقات وحلفاء في لبنان، والواقع أن ما يجري اليوم هو شد عصب الاطراف لدعم حلفاء كل واحدة منهما للتأكيد على أن الصراع لا يزال قائمًا، ولكن لا معطيات جديدة، أو احداث تنتظر المنطقة غير استمرار وتصاعد بالوضع القائم.
ويرى علوش أنه بالنسبة لايران تبدو زيارة المسؤول الايراني كمحاولة لإبعاد لبنان عن النأي بالنفس تجاه الاحداث السورية، ولكن تجاه الولايات المتحدة فهي تعرف ظروف لبنان، وتتفهم موقف رئيس الحكومة والجمهورية، لكنّ هناك اصواتاً تتصاعد بشكل دائم ومتكرر، من قبل وزراء وسياسيين في حلف قوى 8 آذار/مارس، تتعلق بقضايا النازحين، فكان هناك نوع من التحذير أن المسألة ليست محلية بل دولية وتحت حماية مواثيق الامم المتحدة.
أما هل كان لبنان خلال هذا الاسبوع بين مطرقة فيلتمان وسندان المسؤول الايراني؟ يؤكد علوش أن لبنان يعيش على مدى وجوده بين مطرقتين على الاقل، وهذا الواقع تحاول قوى 14 آذار/مارس أن تخرج منه، من خلال أن تكون للبنان استقلالية معينة تتعلق بتكوينات شعبه وليس بالاتصالات أو الحلف الذي يتخذه بعض منشعبه مع الشعوب الأخرى، ولكن عمليًا الواقع على الارض يشيرإلىأننا بين عاصفتين ولبنان في الوسط.
الفريق الآخر
يرى النائب قاسم هاشم ( عضو كتلة التنمية والتحرير) في حديثه لـquot;إيلافquot; أن زيارة نائب الرئيس الايراني كانت مقررة سابقًا ولم تكن مستجدة أو طارئة، على عكس زيارة فيلتمان، التي يبدو أنه اراد أن تكون متزامنة مع زيارة المسؤول الايراني، لأسبابه الخاصة التي اعتدنا عليها وللتشويش، وطبعًا، ليكون حاضرًا على مستوى الازمة في سوريا، ومتابعة هذه القضية من الزاوية اللبنانية، بخاصة وأن ما جاء على لسانه كان واضحًا وهو كان يعمل للتحريض من خلال الكلام الواضح مع هذه المسألة والقضية، وطبعًا، لا يجب أن ننسى أن زيارته جاءت متناسقة مع زيارة ليبرمان، وعلاقة هذا الاخير وافكاره الصهيونية، وهو يعتبر المدافع الاول عن الكيان الصهيوني بشكل واضح ولا يحتاج الى تدقيق، وفيلتمان كعادته امام كل أزمة، يأتي بشكل سريع، ليس ليستطلع كما حاول البعض وضع زيارتهفي هذا الاطار، لكن اعتدنا عليه بأن يقوم بتلك الصولات والجولات، في اللحظات السياسية الحرجة، ليعطي رأيه وتوجيهاته، وفق ما يتوافق مع السياسة الاميركية، وهذا دأبه منذ أن كان سفيرًا في لبنان.
ويضيف:quot; ونعتقد أن ما تم تسريبه عن الحديث الانتخابي وضرورة أن يكون لبنان ودول المنطقة اكثر حضورًا ودعمًا لما يسمى بالمعارضة السورية، هذا لا يدل على جولة استطلاع بل على تدخل مباشر بشكل سافر في قضايا لبنانية، وهذا ليس بجديد على فيلتمان وغيره من الادارة الاميركية.
ويرى هاشم أن زيارة فيلتمان بالاضافة الى تعاطيها مع الشأن السوري، ارادت بعث الروح بفريقه السياسي، أي 14 آذار/مارس، حيث كان حريصًا أن يلتقي الجميع ومع الروحية ذاتها بالتعاطي، حيث كانت اطلالته على الانتخابات والازمة السورية محاولة منه للملمة الصفوف واعطاء زخم، للفريق الذي اعتاد أن يعمل بإملاءاته وتوجيهاته.
ويعتبر هاشم أن فيلتمان كان واضحًا من خلال ما صرّح به وما لم يصرح به، واهم النقاط التي حاول أن يثيرها ويستفيد منها الا وهي النأي عن مساعدة سوريا، لانه كما كان في لبنان طوال المرحلة السابقة ملهمًا لفريق سياسي، يحاول اليوم أن ينتقل الى أبعد من حدود لبنان، الى سوريا لدعمه اللامحدود لما يسمى بالمعارضة السورية.
على عكس نائب الرئيس الايراني فقد كانت زيارته منسّقة بشكل سابق ومعدة وسابقة لكل تلك الظروف وتحمل أجندة خاصة بتوقيع معاهدات اقتصادية بين لبنان وايران، ولا علاقة لها بالتدخل في قضية من هنا وهناك.
ويرى هاشم أن السؤال اليوم ما هو دور لبنان في الملف النووي، هل يملك لبنان القدرة النووية، كان واضحًا كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري حول المعايير المزدوجة لدى العالم في الادارة الاميركية وغيرها، وهي أن اسرائيل تملك الكثير من الرؤوس النووية، وكيف يتم التعاطي مع الملفات الاخرى من ايران وغيرها، والكثير من الدول العربية تسعى الى امتلاك الطاقة النووية، وما شابه، ولكن العالم يتعاطى بمعايير مزدوجة في ما خص هذا الموضوع.
التعليقات