في ظل زوبعة الحراك العربي الذي تشهده المنطقة، يشعر المسيحي العربي بخوف الاضطهاد أو الخشية على المصير، خصوصًا أن تجربة مسيحيي العراق تبقى واقعًا مريرًا، فهل خوف المسيحي العربي اليوم في مكانه؟.


بيروت: يقول الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك لـquot;إيلافquot; إن هناك شعورًا طبيعيًا يمتلك المسيحيين الذين يعيشون في هذه المنطقة، كأقليات، شعور الاقلي عندما يرى الاكثري، هناك توجه طبيعي نحو الخوف على المصير، خصوصًا بعد الانسجام التام الذي كان قائمًا بين مختلف الطوائف والمذاهب في المنطقة، انما منذ بداية ما اطلق عليه بالربيع العربي حتى الآن، المخاوف تزايدت باعتبار أن المخاطر تزايدت ايضًا، النظرة الى الاقليات تزايدت، لذلك هنالك خوف حقيقي كأقلية، لكن هذا الامر يمكن أن يُعالج دون النزوح من أماكن المسيحيين التي يقيمون فيها، والخطة الآن لدى البعض على الاقل، هي تهجير المسيحيين كما حدث في العراق، وفي سوريا اليوم، وهناك خيار بين أمرين، إما النزوح واختيار مكان بديل، وهذا أمر ليس سهلاً، وإما البقاء حيث هم، وهناك مخاطر عدة، ليست هناك حلول أفضل من غيرها، في كلتا الحالتين على المسيحيين كأقلية أن يختاروا في هذه المرحلة المصيرية، من هذا المنطلق يمكن أن نفهم الصرخات التي يطلقها بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي، من خوفه على الاقليات في سوريا باعتبار أنها في وجه العاصفة، رغم ذلك ليس هناك من حلول فورية لها بانقضاء معرفة مصير نتائج ما يطلق عليه بالربيع العربي.

اما هل هناك اليوم خوف حقيقي على مسيحيي سوريا؟ فيجيب مالك:quot; هنالك مخاوف، هنا الفرق بين الخوف والمخاوف انه نظرًا لما تتخبط به سوريا من اعمال عسكرية غير دقيقة، وكذلك معلومات عن بعض المسلحين الذين هم من قطّاع الطرق الذين استغلوا الفرصة الحالية للضغط على بعض الاطراف، بغض النظر عن طوائفهم ومذاهبهم، المخاوف موجودة وقائمة، ما حدث في العراق يجعل هذه المخاوف خوفًا حقيقيًا، لذلك، نعم من منطلق الخوف الطبيعي هذه الاقلية ليس لديها من خيار إلا التوجه الى جوار سوريا يعني لبنان، الاردن وربما البعض قرر الذهاب الى تركيا.

كيف ينعكس وضع المسيحيين في الدول العربية على وضع المسيحيين في لبنان؟ يجيب مالك:quot; وضع المسيحيين في لبنان يختلف، رغم كل الاشكاليات القائمة، هناك مكان للمسيحيين في لبنان، من مقارنة مع ما يجري في الدول العربية، لبنان يعتبر quot;جنّةquot; بالنسبة للمسيحيين والطوائف الاخرى، هناك اشكالات سياسية في لبنان، لكن في تقديري المتواضع، لا شيء يحمل نوعًا من المخاطر المصيرية على المسيحيين في لبنان، هناك طبعًا مخاوف عن quot;اضطهاد سياسيquot; فاتفاق الطائف جرد رئيس الجمهورية بعضًا من صلاحياته، ولكن لا اتصور من خلال معرفتي بالوضع اللبناني أن هناك مخاطر فعلية وحقيقية ماثلة امام المسيحيين في لبنان.

عن نمو ظاهرة الاسلام السياسي في المنطقة ومدى خطره على المسيحيين وحريتهم، يقول مالك:quot; بصراحة متناهية لا خوف على الاطلاق من الاسلام ايًا كان نوعه، الخوف من لجوء البعض الى تقديم اجتهادات معينة، منسوبة الى اسلام بتصرف، لكن ليس هذا هو الاسلام الحقيقي، لنفرِّق بين أمرين:quot; الاسلام الفعلي، الذي يتسع لكل الطوائف، انما تسييس الاسلام ومحاولة تقديم اجتهادات خاطئة هذا يهدد ليس فقط المسيحيين بل المسلمين ايضًا، من هذا المنطلق نرى العديد من الاصوات المعتدلة التي ترفع شعار الاسلام المعتدل وتحاول أن تجد لها موقعًا الآن، وسط هذه الاعاصير من التطرف المذهبي والديني الذي أخذ المنطقة الى اماكن بالغة الخطورة.

كيف يمكن اليوم ازالة الخوف المسيحي في المنطقة العربية؟ يجيب مالك:quot; هذه القضية تحتاج الى وقت طويل، ليس بامكاننا أن نقول لهذا الفريق لا تقلق، بل يجب وضعه في اجواء نرفع عنه القلق، هذه القضية ليست لها حلول سريعة أو سحرية، الامر سيأخذ بعض الوقت، اتحدث عن سنوات لانتظار ومعرفة ما سيؤدي اليه الربيع العربي، هل فعلاً كله ايجابيات، اما أن التجارب التي جرت حتى الآن تظهر الكثير من السلبيات، خلال هذه الفترة الانتقالية، من سياسة القمع التي عانى منها المواطن العربي، الى سياسة الانفتاح الى حد الفلتان التي يعيشها اليوم، كانت فترة انتقالية بالغة الصعوبة لدى الدول التي عاشت الربيع العربي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، بدءًا بتونسمروراً بمصروصولاً الى دول عربية أخرى، الربيع العربي فيه امور ايجابية لكن فيه الكثير من الاشياء السلبية، هذا أمر بالغ الخطورة، وعلى الذين يحرصون على الربيع العربي كمكاسب وانجازات أن يبعدوا المخاوف عن الاقليات.