يقول الناطق باسم الخارجية الأميركية، فيليب كراولي تعليقاً على العملية التي قام بها مسلحون من حركة quot;حماسquot; في الضفة الغربية واودت برجلين وامرأتين من المستوطنين اليهود: كنا نعرف ان ثمة من سيسعون لإعاقة عملية التفاوض، وهذا لن يؤثر على العملية ابداً. إنه يكذب. عملية quot;حماسquot; تؤثر على عملية المفاوضات. ذلك انها تعيد تذكير المتفاوضين ان العملية لو كللت بالنجاح لن تؤدي إلى السلام. ثمة اطراف اخرى ستعالج قضاياها بالحرب.
حركة quot;حماسquot; تعلن ان العملية التي قام بها مجاهدوها هي ضمن سلسلة عمليات متتابعة. وإذا ما سألها سائل عن التوقيت، لن يتردد احد ملتحيها بالقول: نحن عارضنا عملية المفاوضات منذ البداية، ويحق لنا ان نسعى لإفشالها. إذا حشرت في زاوية المنطق سترد بالحجة التي لا تموت: نحن نضرب العدو اينما وكيفما وحالما تسنح لنا الفرصة اللوجستية بذلك. حركة quot;حماسquot; تكذب ايضاً. لقد قرر مجاهدوها تنفيذ العملية، توقيتاً وموقعاً واستهدافاً، بسبب ثقة الحركة ان الرد سيكون على ابو مازن لا على quot;حماسquot;. والأرجح ان الرد الإسرائيلي سيكون موجعاً على طاولة المفاوضات أكثر مما سيكون موجعاً في الميدان.
السلطة الفلسطينية تقول انها لن تخسر شيئاً في حال فشلت المفاوضات. ذلك ان ما لها لها، ولن يأخذه منها أحد، إسرائيل على وجه التحديد والحصر، فإن نجحت المفاوضات في استدرار تنازل إسرائيلي ما، فخيراً، وإن لم تنجح في تحقيق اي تنازل فلا بأس: حنين كان حافياً أصلاً ولم يخسر غير تعب رحلة البحث عن فردة الحذاء. السلطة تكذب أيضاً: حين تنهار المفاوضات ستخسر كثيراً، لأن الراعي سيحمل المسؤولية للطرفين. إسرائيل يمكنها ان تخسر من دون ان تفلس. السلطة على باب الإفلاس الفعلي. ذلك ان قوتها تكمن في علاقاتها الدولية اولاً وأخيراً. ولا يجدر بأحد ان يستهين بمصدر القوة هذه.
المستوطنون الذين قضوا في العملية يكذبون على انفسهم. لا أحد غيرهم يصدق ان العيش كمستوطنين محاطين بشعب يتوق إلى حريته، هو عيش طبيعي. مع ذلك يصرون عليه، ويعتبرونه عيشاً طبيعياً.
نتانياهو من جهته لم يبدأ الكذب هذه اللحظة. بل ربما بدأ يقول الصدق. تصريحاته الاخيرة عن رفضه اي تنازل أمني او جغرافي في هذه المفاوضات، هي تكذيب لما اعلنه في خطبة بار إيلان، في حزيران ndash; يونيو من العام الماضي. جمهور نتانياهو في الليكود واليمين كان يعرف ان الزعيم يكذب في تلك الخطبة. لهذا استمر مسانداً له.
حصيلة الكذب المتبادل واضحة: سترد quot;حماسquot; على منتقديها بأن الحرب سجال مع المحتل، وأن مقاتليها ومجاهديها في حالة حرب. وهذا غير صحيح. ذلك ان نتانياهو سيواجه الرئيس الفلسطيني بالقول: في وسعي ان اعتبر العملية التي حصلت مثابة حادث فردي ومعزول، بشرط ان نتفاهم على كونك لا تستطيع معاقبة الجناة، وفي هذا ما ينتقص من جدارتك ويهدد صداقاتك الدولية التي بنيت على ادعاء المأسسة في الضفة. وبوسعي ان اعتبرها جزءاً من الحرب الدائرة، شرط ان نتفاهم على كونك لا تمثل إلا نفسك. فلو ان هذه العملية جزء من الحرب الدائرة حيث يستخدم فيها الطرفان ما يسعهما استخدامه من أسلحة لكان الجيش الإسرائيلي اليوم يدك غزة بالمدفعية وربما رام الله.
الخلاصة: عملية quot;حماسquot; قتلت مستوطنين اربعة. لكنها أعطت زخماً للموقف الإسرائيلي. العملية كانت موجهة ضد السلطة الفلسطينية في الأساس. السلطة الفلسطينية بعد هذه العملية وفي خضم المفاوضات تحتاج وقتاً لتتعافى. على الأقل يجب ان تثبت أن صداقاتها وجدار الثقة الذي بنته مع العالم العربي والغربي لن تهدمه رشقة رصاص طائش. الرصاص الطائش: يبدو انه اصبح من اختصاص المقاومات.