لو لم أكن أؤمن بان السيد أياد علاوي رئيس وزراء العراق الاسبق يملك قاعدته الشعبية في العراق، ولو لم أكن أؤمن بانّه يملك خطابا سياسيا جيدا، ولو لم أكن أؤمن بأنّه شخصية مثابرة ومصرَّة، ولو لم أكن أؤمن بأنه يعمل من أجل العراق، وأنّ له حضورا لدى أكثر من دولة عربية، وحاكم عربي، لو لم أكن أؤمن بأن السيد أياد هاشم علاوي يملك كل هذه المواصفات وغيرها لما أكتب ( لو أن أياد علاوي... )!

نعم!
لو أن السيد أياد علاوي يحضر كما هو المطلوب وظيفيا وموضوعيا مجلس النواب وبانتظام، وفي مجلس النواب يناقش مشاريع الحكومة، وينقد بدقة وعلمية خطاب الحكومة وأدائها السياسي والعسكري والاقتصادي، ولو أنَّه يضع يده بيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ليس على نحو الاتفاق الكامل بطبيعة الحال، وإنما على نحو النقد والحوار وطرح المشاكل التي يعاني منها العراق وكيفية الخروج منها، وذلك رغم ما يؤاخذه علاوي على المالكي، لأنَّ هناك ما هو أكبر من اختلافهما وصراعهما، أقصد العراق، ولو أن السيد علاوي يقبل مؤقتا الصفة التشريعية الارشادية للمجلس السياسي الاعلى، ويعمل من خلال ذلك بشفافية ونشاط وحضور متميز، ولو أنَّه يخرج بين فترة وأخرى على الشعب العراقي يقدم أفكاره وتصوراته عن الاوضاع في العراق،وكيفية إدارة الدولة وترميم النواقص والثغرات، ولو أنّه ينأى عن اسلوب التصغير والتهميش والتغافل في خطابه وحواراته الأعلامية، ويمتنع عن الاساءة الى احزاب لها تاريخ، ولها شرف مقارعة الديكتاتورية والظلم، ولا يتعدى بنقده لهذا الشخص أو ذاك إلى عناوين عراقية شعبية مشهود لها بما قدمت في سبيل العراق والعراقيين، ولو أنَّه يعمل جهده وهو قادر على ذلك لأقناع بعض دول الجوار للانفتاح على العراق، ولم يخلط بين موقفه من الحكومة من جهة والعراق وطنا وشعبا ومصيرا من جهة ثانية، ولو أن السيد علاوي يكون واسطة عقد بين الحكومة العراقية وأهل الخبرة و الاختصاص لما يملكه من علاقات قوية ومتينة مع هذه النخب في بريطانيا وأمريكا، يكمل ذلك بتشجيع شركات الاستثمار للتوافد على العراق، ولو أن السيد علاوي يتحرر من مرض فقدان الاصدقاء والمؤيدين، بل وأقربهم إليه وإلى فكره، ولو أنّه ينضم إلى حقوق الشهداء، شهداء العراق الذين تلطخت أيدي نظام صدام بدمائهم الزكية، ينضم خطابا وتشريعا ودعما وتاهيلا، ولو أنه يشجب كل ألوان التدخل في شؤون الوطن الجريح ليس من هذه الدولة أو تلك، وإنما من كل دولة تمارس هذا الاعتداء الآثم على تراب العراق...
السيد أياد علاوي مدعو لكل ذلك وأكثر، وفيما يستمر السيد أياد علاوي على نهجه الاستعلائي، المقاطع، السلبي، النرجسي أحيانا كثيرة، المغالي، المتسامح ـ وإنْ عن رحمة وخلق ـ مع منْ لا يستحق التسامح أبدا... فهذا مما لا يصب في مصلحته ولا مصلحة كتلته، ولا مصلحة العراق قبل كل شيء...
لقد صرّح السيد علاوي مرّة بل أكثر من مرَّة إن الجميع مسؤول عن هذا البؤس العراقي بما فيهم هو، وهذا موقف نبيل يُحسب له، وقد وقف بكل جرأة وشجاعة بمواجهة تدخل نظام مجاور في الشأن العراقي، وهو موقف آخر يُحمد عليه، ولكنه يصمت من سلوك مشابه لأنظمة أخرى، ولم يكن موفقا في الايام الاخيرة في خطابه السياسي، إذ دخل مرحلة الاجترار والاعادة المملة، ومن الواضح أن كتلته تعرضت وتتعرض للتفتت والتشظي...
فهل كل ذلك إلّا لأخفاق في التفكير السياسي، وعطب في تشخيص الحقائق، وكسل في تجاوز العاطفة؟
البداية هي التفاهم مع الغريم، والغريم هو المالكي بلا فاصل، التفاهم وإنْ مع تنازلات جوهرية، رغم ما سجلتُه وما زلت أسجله على المالكي من نهج يفتقد إلى الكثير من الموضوعية بل وحتى المصداقية...
ربما يستغرب بعض القراء من موقفي هذا باعتبار أني من نقَّاد سياسة السيد المالكي، واعتقد ان الرد على مثل هذه الاستغراب، هو أن الكاتب ليس آلة صماء، ليس معادلة رياضية جاسية، بل هو تقدير لواقع، وتوزيع للنقاط على حروفها كما تقتضي الشروط الموضوعية للحقيقة... وإلّا مازال السيد المالكي في تصوري يرتكب الاخطاء الشائنة في سياسته المرتبكة...
هل سوف يضيع العراق بين المالكي وعلاوي؟
إذا ضاع العراق لا يسلم أياد علاوي من غضب التاريخ، وذلك لا يعني أن التاريخ سوف يرحم الاخر... بل ربما يلعنه أشد وأقسى.
والضمير من وراء القصد