يتساءل مراقبون عن امكان مواجهة عسكرية بين التيار الصدري والقوات الامريكية في العراق فيما تقرر التمديد لهذه القوات في العراق بشكل وآخر، ومنبع هذا التساؤل هو التصريحات التي جاءت على لسان أكثر من رمز قيادي في هذا التيار، وفي المقدمة تصريح قائد التيار وملهمه الفكري والسياسي والروحي السيد مقتدى الصدر، كما أن بعضهم يطرح هذا السؤال لما يُشاع عن علاقة قوية وربما ستراتيجية بين التيار والجمهورية الاسلامية الايرانية، وآخيرا بسبب رفض التيارالمطلق التمديد لهذه القوات حتى بصيغة مدربين عسكريين لاكمال جهوزية القوات العسكرية العراقية...
مراقبون مهمتون بالشان العراقي يستبعدون أي صدام مسلح بين التيار الصدري والامريكان في العراق حتى لو تقرر التمديد لهذه القوات وباعداد كبيرة، تتجاوز مهمة التدريب!
يستند هؤلاء المراقبون إلى جملة مبررات واسباب يعدونها مقنعة وموضوعية، منها: إن قائد التيار السيد مقتدى الصدر يقدر موضوعيا نتائج هذا الصدام، فهو لا يجلب له ولقاعدته الشعبية سوى الدم والموت والدموع والآلام، وثانيا: إن التيار بموقفه هذا قد يجلب عليه سخطا شعبيا بدرجة أو أخرى، فالناس في العراق ملَّت القتال والصدامات المسلحة، وتريد أن تنعم بالهدوء والاستقرار، ومثل هذا الصدام لا يجلب الضرر والبلاء على التيار فقط، بل يشمل قطاعات كبيرة من العراقيين، ليس لهم علاقة بالتيار، بل ربما يملكون موقفا سلبيا من التيار ذاته، وثالثا حسب تقديرات هؤلاء المراقبين: أن التيار سبق وأن جرَّب الصدام المسلح مع الامريكان في النجف الاشرف في عهد حكومة السيد أياد علاوي ومع حكومة السيد نوري المالكي في البصرة، ولم تكن النتائج في صالحه، فكان هو الخاسر تقريبا، ويضيف مراقبون آخرون، أن التيار يدرك إن هناك قوى سياسية تقف وراءها قواعد شعبية لا يستهان بها تميل إلى مشروع التمديد لبقاء القوات الامريكية في العراق، وذلك بالقدر الذي يساهم في الحفاظ على استمرار التحسن النسبي للامن في البلد حسب تقديرها وتصورها، مع العلم هناك من يوعز ما تحقق من أمن نسبي إلى دور أمريكي فاعل في الخفاء، وهذا يعني، إن التيار الصدري سيكون في مواجهة مع هذه القاعات الشعبية مما يزيد من متاعبه ومشاكله، فمن المعلوم أن الاكراد مع مشروع التمديد، كذلك الاقليات الدينية والقومية، بل حتى أعدا د كبيرة من سنة العراق وشيعته مع التمديد، وليس من المعقول أن السيد مقتدى الصدر لم يضع كل هذه المقتربات في حسابه السياسي الدقيق، وهناك كلام من أن التيار يدرك أن الدخول في معارك مسلحة مع هذه القوات إذا تقرر التمديد لها يؤدي إلى خلط الاوراق في العراق، وليس ذلك في صالحه بالضرورة.
يستذكر هؤلاء المراقبون أن القوات الامريكية قامت بجس نبض التيار الصدري في هذا المجال، فقد عمد بعض الجنود الامريكيين إلى تمزيق صورة السيد الصدر في منطقة الشعلة المحسوبة أساسا على التيار، ولم يحدث أي رد فعل عسكري من قبل التيار تجاه هؤلاء الجنود، بل اكتفى بالتنديد الاعلامي العنيف، والتهديد على ذمة المستقبل!
المراقبون ومن خلال رصد لتصريحات التيار الصدري وخاصة تصريحات قائد التيار الروحي السيد مقتدى الصدر يرون إن هناك ارتباكا في هذه التصريحات، ففي الوقت الذي كانت فيه حادّة ساخنة تركز على المقاومة المسلحة، تراجعت الى المقاومة السلمية، ثم كانت هناك تصريحات جديدة لا تمانع من التمديد المحدود لهذه القوات ولغرض تدريب القوات العراقية على طريق الجهوزية المعتد بها عسكريا وأمنيا ومخابرتيا...
مراقبون يتساءلون فيما إذا تختلف مهمات هؤلاء المدربين عن أي مهمة تضطلع بها مثل هذه القوات في اوربا الشرقية بعد انهيارالاتحاد السوفييتي؟
التيار الصدري يدرك جيدا ان كل القوى السياسية العراقية تتلهف لمشروع التمديد، بما في ذلك حزب الدعوة الاسلامية متمثلا بقيادته السياسية، بل هذه القيادة ربما عينها على التمديد أكثر من غيرها...
يشير المهتمون بالشان العراقي إن قائد التيار الصدري السيد مقتدى تطور مفهومه للعمل السياسي في العراق، بدليل اختفاء ظاهرة الاكفان، وتواري ظاهرة حمل السلاح، وتجميد جيش المهدي، وتراجعه عن رفع هذا التجميد عندما هدد به أثناء طرح مشروع التمديد، وتركيزه في الايام الاخيرة على الجانب الفكري والتربية العصرية المطعمة بالقيم الاسلامية، وربما يمضي خطوات أعمق واوسع في هذا المجال، الامر الذي يستبعدون معه أي صدام مسلح بين التيار والقوات الامريكية في العراق فيما تقرر مشروع التمديد.