لا اعرف لماذا تجاهلت وسائل الاعلام العربية تصريحات رئيس الكنيست الاسرائيلي السابق إبراهام بورج التي وصف فيها اسرائيل بالشيطان بسبب ممارساتها العنصرية والفاشية رغم صدورها عن سياسي اسرائيلي بارز تولى رئاسة الكنيست والوكالة اليهودية وكان رئيسا مؤقتا لإسرائيل لمدة 20 يوما في أغسطس عام 2000 كما عمل مستشارا سياسيا لرئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين.

تصريحات بورج الأخيرة ليست الاولى من نوعها فقد سبق له ان أدان الاحتلال والممارسات غير الاخلاقية الاسرائيلية وتنبأ بنهاية المشروع الصهيوني وطالب بالانسحاب السريع من أراضي الفلسطينيين مؤكدا ان تحويل اسرائيل إلى دولة يهودية هو مفتاح نهايتها وقال في مناظرة عقدت في جامعة جورج تاون بواشنطن في ابريل الماضي إن الوقت حان لأن تتخذ أمريكا موقفا متشددا من اسرائيل.

كما أصدر الرجل مجموعة مثيرة للجدل من الكتب أشهرها quot;عودة اللهquot; وquot;هزيمة هتلرquot; و quot;نهاية المحرقةquot;، شن فيها هجوما عنيفا على الصهيونية والعنصرية والقومية الاسرائيلية المتطرفة واتهم اسرائيل بمعاملة الفلسطينيين بنفس الطريقة التي عومل بها اليهود في المانيا النازية.

صحيح ان مواقف بورج السياسية تدخل في إطار الخلاف التكتيكي وليس الاستراتيجي مع اليمين الاسرائيلي، ولا تصل في حدتها إلى كتابات اسرائيل شاحاك أو في نقائها الى مواقف نعوم تشومسكي الذي عارض ركائز المشروع الصهيوني من الجذور، لكنها رغم ذلك تعبر عن يقظة الضمير الأخلاقي لدى شريحة من السياسيين في إسرائيل.

وفي المحاضرة التي ألقاها مؤخرا في مسغاف بالجليل انتقد ابراهام بورج تحويل اسرائيل إلى دولة يهودية بدلا من ان تكون دولة لكل مواطنيها مشيرا الى ان العنصرية والفاشية والقومية المتطرفة التي تهيمن الآن على الدولة العبرية تنفي عنها صفة الديمقراطية.

وقال إن اسرائيل تدير مفاوضاتها مع الفلسطينيين وكأنها صفقة عقارات رغم ان الصراع بين الطرفين ليس عقاريا مشيرا الى أن إسرائيل تحولت إلى شيطان بسبب ممارساتها العنصرية والفاشية ضد الشعب الفلسطيني وان بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل يرتكب نفس الخطأ الذي ارتكبه رابين وشارون واولمرت بمحاولة تجاهل الآخر والقيام بمناورات هدفها تجاوز الواقع.

بصراحة تصريحات بورج الأخيرة تستحق اهتماما أكبر في عالمنا العربي فهي صادرة عن سياسي اسرائيلي بارز أدان الاحتلال والممارسات غير الاخلاقية لإسرائيل وطالب بازالة المستوطنات وإقامة الدولة الفلسطينية وتطبيق قانون العودة لليهود ضمن حدود اسرائيل وتطبيق حق العودة بالنسبة للفلسطينيين داخل حدود الدولة الفلسطينية.

وما قاله بورج تحديدا حول شيطنة اسرائيل بسبب فاشيتها وعنصريتها اعتراف شجاع وغير مسبوق من رئيس سابق للكنيست!

عبد العزيز محمود