ليس امامي الكثير لأعمله هذه الأيام اكثر من قراءة ما يكتب عن الحرب في لبنان، ومشاهدة التلفزيون بما فيه من لقاءات وآراء متباينة.
معظم من كتب او ادلى برأيه قال ان حزب الله هو المخطئ، واتفقوا على ثلاثة اسباب لذلك:
أولا، التوقيت الغير المناسب مع صيف لبنان السياحي والاقتصادي.
ثانيا، أسر الجنديين دون التشاور مع أحد.
ثالثا، أن الحزب لا يعبر عن ارادة لبنان الوطنية، بل عن ارادة ايران الشيعية.
قبل ان ادلي برأيي ابدأ اولا بتقديم عزائي لكل شعبنا في لبنان بكل طوائفه واديانه.
عزائي ايضا لكل بريء سقط سواء في اسرائيل، أو أي مكان في العالم.
أقول ثانيا، أنني لست شخصيا مع حزب الله، سواء اكان ايراني الهوى او لبناني الانتماء.
انا لست مع حزب ينازع الدول سيادتها. سواء أكان اسمه حزب الله او حزب الشيطان.
لكني اقول أيضا ان حزب الله اللبناني لم يكن المخطئ المطلق في هذه الحرب.
كل من قرأت لهم جعلوه المخطئ الاول والاخير، كما لو كانت اسرائيل بريئة من كل خطيئة. وكما لو كنا نحن ايضا ابرياء.
واسمحوا لي بأن اقول الآتي:
لمن يرى ان حزب الله قد اخطأ في التوقيت أقول: منذ متى كانت هناك اوقات مثالية للحروب؟ الحرب ليست اكثر من دمار محقق. وليس هناك من وقت مناسب وأخر غير مناسب للدمار. فالدمار نفسه غاير مناسب. الحروب ليست اكثر من عبث وموت. والموت والعبث يأتيان دوما بلا استئذان.
الحرب ليست موعدا غراميا بين عاشقين، يبدأ في ساعة محددة وينتهي في ساعة محددة.
لو بدأت حرب لبنان شتاء لقلنا ان الوقت غير مناسب اذ سيموت الناس بردا. ولو بدأت في الخريف لقلنا الوقت غير مناسب فلبنان يتهيأ لاستقبال سياحه. ولو بدأت صيفا لقلنا السياح يهربون.
ليس هناك وقت مناسب وغير مناسب للحرب اذا. كما انها كانت متوقعة بأي حال، وكان لابد ان تبدأ في وقت ما. ولن يكون اي وقت مناسبا للموت.
أقول ايضا لمن يرى ان حزب الله قد اخطأ لأنه البادئ بأسر الجنديين دون ان يشاور احدا: منذ متى يهتم العرب بالتشاور مع بعضهم؟ ثم يتشاور مع من، وأين؟
حتى ولو افترضنا ان حزب الله هو من توغل في اسرائيل لا العكس، فليست هي المرة الاولى التي يأخذ فيها حزب الله اسرى يفاوض بهم. فقد سبق وان عملها وحقق نجاحا، واستطاع ان يفادي بأسير واحد مئات الأسرى. لماذا كان يمكن ان يكون الوضع مختلفا هذه المرة؟ أمن اجل التوقيت مرة اخرى؟
اقول اخيرا لمن يرى ان حزب الله لا يعبر سوى عن ارادة ايرانية شيعية: حزب الله سواء اكان شيعيا، او كان ايرانيا، فقد حقق نجاحا في ان يقلق اسرائيل ولو من أجل الفلسطينيين وحدهم. وسبب نجاحه السياسي ليس قوة ايران، بقدر ما هو ضعف الدول العربية الاخرى عن اتخاذ مواقف اكثر حزما مع اسرائيل.
ما كان يمكن لحزب الله ان يكون مسموعا لو وقفت الدول العربية ضد انتهاك اجساد الفلسطينيين.
وما كان لحزب الله ان يكون فاعلا لو استطاعت هذه الدول ان تضغط لاطلاق سراح المعتقلين.
فان عجزت الدول العربية مجتمعة عن ذلك، ونجح حزب ما، فبالتأكيد ان هذا الحزب، بأسلحته البسيطة، سيكون الاقوى وسط الضعفاء، سواء اكان ايرانيا او حتى من الواق الواق.
هو ضعف الدول العربية اذا ما جعل حزب الله مؤثرا.
لم نغضب اذا من هذا الحزب امام صمتنا وضعفنا؟
الافضل ان تبحث الدول العربية عن نقاط ضعفها امام قوة اسرائيل، عن ان تبحث عن نقاط قوة اسرائيل امام ضعفها هي!
[email protected]