علت أصوات كثيرة مطالبة بالتشدد حيال موجات الهجرة نحو أوروبا بحجة إندساس الارهابيين بينهم. فهل يغلب خطر الخوف من الهجرة على خطر الهجرة نفسها؟

إعداد عبد الاله مجيد: وصل الرجل الغامض إلى اوروبا بقارب من تركيا قذفته الأمواج على شواطئ جزيرة ليروس اليونانية، فقدم جواز سفر عليه اسم احمد المحمد (30 عامًا) من محافظة إدلب السورية إلى افراد الشرطة الذين كانوا يعملون تحت ضغط شديد.

واتَّبع الرجل الطريق نفسه الذي سلكه مئات آلاف اللاجئين، مرورًا بأثينا ثم مقدونيا وصربيا، بحسب مسؤولين يونانيين وصرب. ثم اختفى الرجل حتى مساء الجمعة الماضية عندما عاد إلى الظهور لكن هذه المرة في شكل جثة ممزقة، هي جثة أحد منفذي التفجيرات خارج ملعب فرنسا في باريس. قال مسؤولون فرنسيون ويونانيون إن بصمات أصابعه مطابقة لبصمات الرجل الذي وصل إلى جزيرة ليروس في 3 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، وأكدت السلطات الفرنسية أن جواز السفر مزور.

التمييز متعذر

قال برنار سكوارسيني، الرئيس السابق للاستخبارات الفرنسية: "من الواضح الآن أن بعض الارهابيين يندسون بين المهاجرين". وأثارت قضية هذا الانتحاري سجالًا في اوروبا وعلى الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي محوره: أي خطر أكبر... الهجرة أم الخوف من الهجرة؟".

تلقف البعض وجود ارهابي وصل إلى فرنسا مع اللاجئين قائلين إن هذا دليل على أن التمييز متعذر بين المهاجر والمتطرف. لكن آخرين اعربوا عن خشيتهم من أن يصبح اللاجئون ضحية موجة جديدة من الارتياب الأمني المرضي، حتى أن الأمم المتحدة حذرت الدول الاوروبية مذكَّرة اياها بتعهدها ايواء طالبي اللجوء.

ويزداد السجال تعقيدًا بسبب الجواز المزور الذي يعني ان لا أحد يعرف اسم صاحبه الحقيقي أو جنسيته الحقيقية أو إذا كان حقًا من المهاجرين.

واعرب مسؤولون فرنسيون عن قلقهم من أن يكون بعض المهاجمين في اعتداءات الجمعة وصلوا باتباع طرق الهجرة. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول فرنسي، طلب عدم كشف اسمه، ان السلطات تدرس بدقة الآن رحلات المهاجمين والوجهات التي سافروا اليها.

تأكدت للأسف!

لا شك في وجود لاجئين مزيفين بين السوريين الهاربين من الحرب. وقال مسؤولون ألمان في أيلول (سبتمبر) الماضي إن نحو ثلث طالبي اللجوء الذين يدَّعون انهم سوريون ليسوا في الحقيقة من سوريا.

وتعتبر الجوازات السورية المزورة سلعة رائجة في السوق السوداء في تركيا حيث نشأت صناعة كبيرة تبيع انتاجها من الجوازات السورية المزورة إلى مهاجرين ينتحلون الجنسية السورية، لأن معدلات قبول السوريين كلاجئين في بلدان مثل ألمانيا أعلى بكثير من قبول الآخرين. ودعت زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبان، عقب اعتداءات باريس، إلى وقف تدفق المهاجرين على فرنسا فورًا.

وقالت إن مخاوفها من وجود جهاديين بين المهاجرين الذين يدخلون فرنسا "تأكدت للأسف". وفي الولايات المتحدة اعلن حكام أكثر من 24 ولاية من الجمهوريين انهم يعتزمون الوقوف ضد اعادة توطين لاجئين سوريين في ولاياتهم.

وأصدرت الشرطة الفرنسية الثلاثاء نشرة تحمل صورة الانتحاري الغامض صاحب الجواز السوري المزور مناشدة الجمهور مساعدتها في الحصول على تفاصيل عن هويته.

وقالت الوكالة الاوروبية المكلفة ضبط الحدود "فرونتيكس" إن الضغط عليها شديد وتمويلها قليل رغم وعود الاتحاد الاوروبي بزيادة التمويل. واعلنت فرونتيكس أنها بحاجة ماسة إلى مزيد من الكوادر لأخذ بصمات أصابع المهاجرين وتصويرهم إشعاعيًا. وطلبت الوكالة في مطلع تشرين الأول (اكتوبر) الماضي 775 حارسًا آخر لضبط الحدود لكنها تسلمت 320 حارسًا فقط.
&