إنفردت صحيفة هآرتس اليوم بالكشف عن تقرير حساس وضعه الاتحاد الأوروبي يؤكد ممارسات إسرائيلية لتغيير الميزان الديموغرافي في القدس، إلا أنّ السويد تدعو تل أبيب إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة فلسطين.

تل أبيب: لم تكتفِ صحيفة هآرتس الاسرائيلية بالقنبلة التي فجرتها امس وأثارت جدلاً بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بشأن القدس، فقد انفردت اليوم، بالكشف عن تقرير quot;حساسquot; وضعه الاتحاد الأوروبي يؤكد ممارسات إسرائيلية لتغيير الميزان الديموغرافي في المدينة المقدسة. ففي الوقت الذي تتخبط فيه الخارجة الإسرائيلية في سبل مواجهة المبادرة السويدية للاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية أيضًا، ودعوة جهات إسرائيلية رسمية الدول المحورية في أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا إلى ممارسة الضغوط على حكومة السويد، قالت الصحيفة إن تقريرًا مهمًّا وضعه الاتحاد الأوروبي، وتم تصنيفه تحت عبارة سري للغاية قد وصل للصحيفة، وهو يشكل الأساس للمبادرة السويدية بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

وبحسب صحيفة هآرتس فإن من قام بوضع التقرير المشار إليه هو قناصلة دول الاتحاد الأوروبي في القدس الشرقية ورام الله. وينتقد هذا التقرير انتقادًا شديدًا السياسة الإسرائيلية في شرقي القدس ويوصي الاتحاد الأوروبي بالعمل من أجل تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في المدينة، وباتخاذ خطوات احتجاجية ضد إسرائيل وفرض عقوبات على quot;الجهات المشاركة في عمليات الاستيطان في المدينة ومحيطهاquot;.

ويعتبر هذا التقرير الذي وصلت نسخة منه لهآرتس، وينشر هنا للمرة الأولى، تقريرًا حساسًا للغاية وذلك على ضوء موضوعه الرئيس وهو quot;مكانة القدس، ولذلك فقد ظل التقرير لغاية الآن بمثابة وثيقة داخلية سرية ولم ينشر بصورة رسمية كوثيقة تعبر عن الاتحاد. وتم الانتهاء من إعداد لتقرير في الثالث والعشرين من نوفمبر، وقد عرض قبل أيام خلال مناقشات سرية مغلقة في الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وقد خشيت وزارة الخارجية الإسرائيلية من نشر التقرير في وسائل الإعلام والصحف بفعل الضربة القاسية التي سيوجهها لإسرائيل في صفوف الرأي العام الأوروبي.

وقالت مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس إن طرح التقرير وعرضه في مؤسسات الاتحاد الأوروبيquot; أبقى انطباعًا قاسيًاquot; وساعد السويد في الترويج لمبادرتها بشأن تغيير مكانة القدس وإعلانها عاصمة لفلسطينquot;.

وبحسب هآرتس فإن التقرير يؤكد أن quot; حكومة إسرائيل وبلدية القدس تعمل طبقا quot;لإستراتيجية ورؤياquot; سعيا إلى تغيير الميزان الديموغرافي في المدينة quot; وعزل شرقي المدينة عن الضفة الغربيةquot;. كما يحدد التقرير أن حكومة إسرائيل وبلدية القدس تساعد جمعيات اليمين، ومنها جمعية quot;عطيرت كوهنيمquot; وإلعاد لتطبيق هذا الحلم والسيطرة بشكل أساسي على منطقة quot;الحوض المقدس في المدينة.

ووفقًا للتقرير فإن جهات يمينية خاصة تقوم بشراء بيوت معدودة في الأحياء العربية وتحاول quot; زرع مستوطنات يهودية في قلب الحي الإسلاميquot;. كما ينتقد التقرير بشدة سياسة بلدية القدس ويقول إنها تميز ضد الفلسطينيين في المدينة في كل ما يتعلق بتصاريح البناء، وخدمات الصحة والنظافة والتعليم. quot; فمنذ العام 1967 منحت البلدية 20 تصريح بناء فقط في بلدة سلوانquot;وتعطي البلدية في كل عام لغاية 200 تصريح بناء فقط للأحياء العربية في المدينة مع أن الزيادة الطبيعية للفلسطينيين تلزم منح 1500 تصريح بناء سنويًا. ويشير تقرير الاتحاد الأوروبي إلى أنه على الرغم من أنَّالفلسطينيين يشكلون 35% من سكان المدينة إلا أن البلدية تخصِّص لهم بين 5-10% فقط من ميزانيتها في الأحياء الفلسطينية.

الحفريات الإسرائيلية في محيط الأقصى

ويخصص التقرير حصة رئيسية من صفحاته لمسألة الحفريات الأثرية الإسرائيلية في القدس وخاصة في محيط الحرم القدسي quot; إن الحفريات الأثرية في سلوان، وفي البلدة القديمة، وفي منطقة الحرم القدسي تتركز بشكل أساسي حول التاريخ اليهودي، فقد تحول علم الآثار إلى أداة أيديولوجية لصراع قومي ديني يدار بصورة تغير هوية وطابع المدينة وتهدد الاستقرار فيهاquot;.

ويحدد التقرير في باب آخر أن السكان الفلسطينيين في القدس يعانون من مشاكل أمن وسلامة خطيرة للغاية. quot;إن توسع الاستيطان أشعل العنف من قبل المستوطنين باتجاه فلسطيني المدينة.quot; فشرطة إسرائيل تقف شاهدة على استمرار العمليات والجرائم لكنها لا تتحرك كما يجبquot;.

إلى ذلك يهاجم التقرير حكومة إسرائيل بفعل مواصلة إغلاقها لمؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في المدينة، ويحذر من سيطرة حماس على المدينة. ويقول التقرير quot; إن مشاعر الإهمال السائدة في صفوف السكان وغياب مؤسسات حكم فلسطينية، تشق الطريق أمام منظمات إسلامية لزيادة تأثيرها.

وبحسب الصحيفة فإن القناصل الأوروبيين يوصون في سياق التقرير المذكور باتخاذ خطوات فعلية لتعزيز وجود السلطة الفلسطينية في شرقي القدس، وأيضا ممارسة الضغوط على إسرائيل لتتوقف عن المس بالسكان العرب في المكان. ويرى هؤلاء أنه يجب الترويج والعمل لإعادة فتح ممثلية رسمية لمنظمة التحرير في شرقي القدس، كما كان الوضع عليه أيام نشاط بيت الشرق quot;الأورينت هاوسquot; الذي أغلقته إسرائيل. زيادة على ذلك يدعو القناصل إلى إيقاد دبلوماسيين غربيين إلى قاعات المحاكم الإسرائيلية وتشجيعهم على المشاركة في المداولات حول طرد وإخراج الفلسطينيين من بيوتهم

إلى ذلك، فإن التقرير يحوي في صفحاته على توصيات رمزيّة تهدف إلى تأكيد كون شرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. إذ يدعو قناصل الاتحاد الأوروبي إلى دعوة مسؤولين فلسطينيين رسميين إلى لقاءات ومناسبات رسمية يقيمها قناصل الدول الأوروبية في القناصل الأوروبية في شرقي القدس، ورفض تلقي حراسة ملازمة من الشرطة الإسرائيلية أو الأمن الإسرائيلي للمسؤولين الأوروبيين أثناء زيارتهم للقدس الشرقية، والامتناع عن لقاء مسؤولين ووزراء إسرائيليين في الوزارات الإسرائيلية القائمة في شرقي القدس، وفرض عقوبات دبلوماسية وسياسيّة وحتى فرض عقوبات اقتصادية على المستوطنين.

وفي هذا السياق يوصي القناصل بالتعاون في جمع المعلومات عن مستوطنين يمارسون العنف، ومن ثم منع هؤلاء من دخول دول الاتحاد الأوروبي. كما يوصي التقرير بمنع تحويل أموال من جحهات رسمية في الاتحاد الأوروبي لجهات إسرائيل تشجع وتمول الاستيطان في القدس، وتشريع قوانين ملائمة لهذه الغاية، وتوزيع تعليمات وإرشادات لشركات السياحة الأوروبية لمنع دعم المصالح التجارية للمستوطنين في القدس.