نضال وتد من تل أبيب: فيما اكد رئيس الحكومة الإسرائيلية في بيان متلفز وخاص الثلاثاء أن حكومته وضعت خطوط حمراء لن تسمح بتجاوزها وأنها ترفض الخضوع لاي ابتزاز، من جهة، وإعلان حركة حماس بدورها أن مسألة إبعاد الأسرى المحررين، كانت العقبة الرئيسية أمام التوصل لصفقة للإفراج عن شاليط مقابل 450 أسيرا فلسطينيا، كشفت صحيفة هآرتس الأربعاء، وثائق داخلية للجيش الإسرائيلي تؤكد أن الإفراج عن شاليط لم يتصدر أولويات الحكومة الإسرائيلية، فيما اعتبر صحافيون إسرائيليون أنه كان بمقدور أولمرت، لو شاء ذلك، أن يجند موافقة جماعية في الحكومة لصالح الصفقة.

وأبرزت هآرتس صباح الأربعاء، على موقعها على الانترنيت أن ملف شاليط لم يتصدر يوما سلم أولويات الحكومة الإسرائيلية، وذلك على الرغم من التصريحات المتواصلة والمكررة من قبل أولمرت وأركان حكومته أن الحكومة الإسرائيلية تبذل جهدا متواصلا للإفراج عن شاليط، لكن حماس هي التي أفشلت الصفقة المرة تلو الأخرى.

وبينت الصحيفة وجود خلافات بين الجيش وبين الشاباك حول النشاطات من أجل إطلاق سراح شاليط، وأن الشاباك ادعى أن هذه المسألة لم تكن على رأس سلم أولويات الجيش، مشيرة إلى لقاء عقد بعد ستة شهور من أسر شاليط، عقد بين قائد شعبة العمليات في الجيش، طال روسو، وبين نظيره في الشاباك، حيث تمت مناقشة قضية شاليط. وادعى الشاباك أن هناك أطرافا يمكن الاستعانة بها من أجل جمع معلومات استخبارية حول مكان شاليط، إلا أنه هناك مشكلة في ساعات تحليق الطائرات بدون طيار، كما أن الشاباك حتى ذلك الحين لم يقم بتعيين أي طاقم خاص لمعالجة هذه القضية.

وفي العام 2007، ادعى الشاباك أن مهمة تحديد مكان شاليط لم تكن على رأس سلم الأولويات المطلوبة، ولم يتم تخصيص ساعات طيران إضافية لهذه المهمة حتى كانون الأول/ ديسمبر 2006، إلى ذلك تبين أنه فقط في كانون الثاني/ يناير من العام 2007 خصصت الوحدات المختلفة في الجيش 14 ساعة طيران لهذه القضية من بين 120 ساعة. وبعد شهر من ذلك تمت مضاعفة ساعات الطيران المخصصة للبحث عن شاليط.

وقالت هآرتس إن رئيس هيئة أركان الجيش في حينه، دان حالوتس، قد عارض بشدة وقف إطلاق النار مع حركة حماس في نهاية العام 2006 إلى حين يتم إطلاق سراح شاليط. وفي المباحثات التي جرت في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2006، أي بعد أيام معدودة من سريان مفعول وقف إطلاق النار، اعرب حالوتس عن اعتقاده أنه يجب عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار إلا بعد إطلاق سراح شاليط. وفي حينه لم توافق الحكومة على اقتراحه.

أولمرت حدد موقفه الرافض منذ عملية الرصاص المصبوب

وإذا كانت هآرتس اعتمدت في تقريرها على وثائق داخلية للجيش الإسرائيلي، فإن محلل الشؤون العسكرية والإستراتيجية في معاريف عوفر شيلح اعتبر أن ما حدث في الأيام الأخيرة من ايحاء للجميع وكأن الحكومة تجري مفاوضات مكثفة وعلى استعداد للوصول إلى القاهرة لتقديم عرضها لحماس، لم يكن سوى محاولة أخرى من محاولات الحكومة لإقناعنا بأنها تجري مفاوضات حقيقية ولكن الطرف الآخر هو من رفض، لكن الحقيقة هي أن المفاوضات بشأن شاليط كانت انتهت منذ مدة، بما في ذلك بسبب الطريقة التي أدارت بها الحكومة هذه المفاوضات، فأولمرت أعلن خلال عملية الرصاص المصبوب عن رفضه لاختطاف هنية أو الزهار واستخدامهم ورقة مساومة معلنا عن أن quot;السوق الشرق أوسطي، حيث يمكن المساومة على السعر قد أغلق وأن السعر المعروض هو كالسعر المعروض في حوانيت أوروبا إما القبول به أو رفضه.

من هنا يرى شيلح أن خطاب أولمرت الثلاثاء هدف بالأساس إلى إقناع الإسرائيليين بموقفه، فهو كان قرر رفض دفع الثمن، منذ مدة طويلة. واعتبر شيلح أن قرار الحكومة الإسرائيلية نشر قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين تعارض الإفراج عنهم، في الصحف ووسائل الإعلام فشل كبير وفضيحة، لأن نشر هذه الأسماء يعني أن تتشدد حماس أكثر وأن تصر على أن تشملهم الصفقة أكثر من أي وقت مضى.

مصادر في الليكود: عودة إلى نقطة الصفر

في المقابل أقرت مصادر مقربة من زعيم الليكود، بينيامين نتنياهو، أن دفع الملف ونقل معالجته لحكومة نتنياهو، لن يكون في صالح حركة حماس أو الاستجابة لمطالبها. وقالت هذه المصادر لموقع يديعوت أحرونوت، إن نتنياهو نفسه كان يأمل بأن يحرر أولمرت من عبء اتخاذ القرار.

واعتبرت هذه المصادر أن مطلع الأسبوع القادم، حيث من المرتقب أن يعرض نتنياهو، رسميا، حكومته الجديدة سيشهد فتح صفحة جديدة في هذا الملف. ففيما كانت غالبية وزراء حكومة أولمرت يؤيدون الإفراج عن شاليط مقابل أسرى فلسطينيين فإن أغلبية كبيرة من المرشحين لحكومة نتنياهو يعارضون مبدأ هذه الصفقات. ولفتت هذه المصادر إلى أن نتنياهو حاول عدم الخوض في مسألة شاليط واكتفى بإعلان تأييده لنشاط حكومة أولمرت.

وأشارت جهات داخل الليكود إلى أن كلا من ليبرمان، الذي قد يتولى حقيبة الخارجية، وبوغي يعلون المرشح لوزارة الأمن، يعارضان بشدة عقد صفقات لتبادل الأسرى. إذ سبق لليبرمان أن أعرب عن اعتقاده بأن تحرير الجنود الأسرى يجب أن يتم عبر عمليات كوماندو وليس من خلال صفقات مع مختطفيهم. أما يعلون فقد قال عندما وجه له سؤال بهذا الخصوص إن تحرير الأسرى لا يجب أن يكون بالضرورة بكل ثمن.
وبالإضافة لليبرمان ويعلون، فإن عضو الكنيست يوفال شطاينتس، المقرب من نتنياهو، ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، خلال دورة الكنيست المنتهية ولايتها أعلن معارضته الشديدة للصفقة المقترحة مع حماس.

وخلصت هذه المصادر إلى القول : quot;إنه بدون شك فإن شروط القبول بالصفقة، كانت ستكون مريحة أكثر تحت حكومة اولمرت، أما الآن فستبدأ لعبة جديدة، صحيح أن هذا لا يعني أن نتنياهو لا يرى نفسه ملزما بتحرير شاليط، لكن حكومته القادمة لن تسهل عليه الأمرquot;.