أسدل الستار عن مرحلة الذهاب من الدوري الجزائري للمحترفين بتتويج وفاق سطيف بطلا و حلول اتحاد العاصمة وصيفا بنفس الرصيد من النقاط مع أفضلية للأول بفارق الأهداف ، مع تسجيل تقارب في المستوى الفني بين اغلب الأندية تؤكده الفوارق الضئيلة في النقاط بينها.

و رغم تطبيق الاحتراف للموسم الثاني على التوالي إلا أن ظواهر عديدة من زمن الهواية لا تزال تفرض نفسها على سلوكات مختلف الفعاليات مما يؤكد صعوبة الانتقال إلى الاحتراف الحقيقي في ظل استمرار نفس الذهنيات ، و تبقى النقطة الايجابية الوحيدة هذا العام هي عدم وجود مباريات مؤجلة ، حيث تم احترام الرزنامة التي وضعتها الرابطة الوطنية و لو ان ذلك يبقى ظرفيا فقط لعدم وجود استحقاقات خارجية للأندية أو المنتخب في انتظار تجسيد هذه الثقافة في مرحلة الإياب.

أندية تتألق و أخرى تغرق

المرحلة الأولى عرفت تألق عدة أندية أبرزها المتصدر وفاق سطيف الذي أكدت نتائجه انه لم يتأثر إطلاقا بالهجرة الجماعية لنجومه في الصائفة الماضية و تعويضهم بلاعبين اقل ، فرغم بدايته المتواضعة بخسارته في ثلاث مباريات من أصل أربع و الناجمة عن سوء التحضير إلا انه تمكن من تصحيح أوضاعه و كانت نقطة تحول الفريق هي إقالة المدرب الفرنسي جون كاستيلان و تعويضه بالسويسري ألان غيغر الذي كان فعلا فال خير على أبناء عين الفوارة حيث حققوا معه انتصارات متتالية على جل الفرق المرشحة للتنافس على البطولة و بنتائج كبيرة ، و هي حقيقة تؤكدها الإحصائيات ، فالوفاق أنهى المرحلة الأولى من الموسم في الصدارة ب27 نقطة و صاحب أفضل هجوم ب34 هدف و نال لاعبيه المدافع عبد الرحمن حشود و المهاجم محمد عودية متصدران كأفضل هدافي الدوري بعدما سجل كل منهما ثمانية أهداف.

كما تألق حامل اللقب اولمبيك الشلف رغم انطلاقته الخاطئة حيث حل رابعا و يراقب السباق عن قرب ، و بدا هو الآخر غير متأثر برحيل كل من مدربه مزيان ايغيل و أيضا هدافه العربي سوداني و صانع ألعابه عموري جديات بتسجيله ثالث أحسن هجوم ب20 هدف بفضل تألق محمد مسعود الذي يتصدر هو الآخر ترتيب الهدافين مع حشود و عودية .

أما شبيبة بجاية فيبدو مصمما على تكرار سيناريو الموسم المنصرم عندما أنهاه وصيفا للبطل ، بدليل انه أنهى مرحلة الذهاب في المركز الرابع بفارق ثلاث نقاط فقط عن المتصدر و لم يخسر سوى ثلاث مباريات فقط و صاحب أحسن خط دفاعي إذ لم يتلقى سوى تسعة أهداف لكن هجومه يحتاج إلى فعالية أكثر بعد احتراف الكمروني يانيك نجونغ في الترجي التونسي.

ويبقى نادي اتحاد العاصمة هو اللغز الذي حير الجميع ، فرغم أن إدارته صرفت الملايير لانتداب أحسن لاعبي الدوري إلا انه لم في الأخير لم يضمن سوى مركز الوصافة و بشق الأنفس ، و سجل أربع هزائم ، و لم يقدم لاعبوه الأداء الذي يترجم الأجور الخيالية التي يتقاضونها بل أن بعضهم لم يلعب في التشكيل الأساسي إلا نادرا ، و بعضهم برز في أمور أخرى مثل الاحتجاج على الحكم و التلفظ بعبارات غير أخلاقية .

وأكدت المباريات ال15 أن زملاء خالد لموشية يظهرون كأسود في بعضها و كنعام في أخرى حسب قوة المنافس. ، فهو مجرد بطل من ورق بدليل انه تعثر جل مواجهاته ضد الأندية المحترمة منها مباراة الدربي ضد الغريم مولودية الجزائر. ، و أهم من ذلك فان الاتحاد و رغم ترسانة نجوه عجز عن تسجيل و لو فوز واحد خارج الديار و مع ذلك يطمح لاستعادة عرش الدوري الجزائري الذي فقده منذ العام 2005.

وتباينت نتائج أندية أخرى مثل شباب بلوزداد و شبيبة القبائل و اتحاد الحراش و حتى مولودية الجزائر ، و نتائجها لا تخضع لأي قاعدة.

وبالمقابل سجلت أندية فشلا ذريعا ، و ستكتفي طوال مرحلة الإياب في اللعب على ضمان بقائها مع النخبة ، و ستكون مهمتها في غاية الصعوبة .

فالوافد الجديد نصر حسين داي بدا و كأنه لم يتأقلم بعد مع أجواء الممتاز حيث جمع ثماني نقاط فقط احتل بها الصف الأخير بعدما خسر في سبع جولات و لم يتذوق بعد طعم الانتصار، و ذهب النصرية ضحية ضعف موارده المالية مما جعله يدخل كل موسم بتعداد بشري يطغى عليه العنصر الشاب الذي يفتقر إلى خبرة المباريات ، فحتى و أن لم ينتصر إلا انه تعادل في ثماني مواجهات و لو فاز فقط في نصفها لكان ترتيبه الآن أفضل بكثير.

ويتجه بدوره مولودية وهران بسرعة نحو الهاوية بعدما اكتفى باحتلال المركز ما قبل الأخير بأضعف هجوم و دفاع. و لم تكن النتائج السلبية التي سجلها المولودية هذا الموسم مفاجأة بل الجميع كان ينتظرها ، نتيجة لتراكم جملة من المشاكل المادية و الفنية الناجمة عن التغييرات المتكررة على مستوى الإدارة حيث رحل طيب محياوي و حل محله يوسف جباري كرئيس للنادي رغم أن الأخير مسئول عن هبوطه الأول في تاريخه عام 2008 ، ثم تغيير المدرب حيث بدا الموسم مع الفلسطيني حاج منصور سعيد ثم أسندت المهمة لمحمد حنكوش الذي أقيل بعد من قبل جباري بعد مباراة واحدة و حل محله سي طاهر شريف ألوزاني الذي سرعان ما استقال بعد مباراة واحدة ليعاد حنكوش مجددا إلى منصبه، و هي مهزلة حقيقية عاشها المولودية انتهت بخسارة مدوية أمام الصاعد الآخر شباب باتنة بخمسة أهداف لواحد.

ظواهر غير صحية تأبى الاختفاء

رغم أن الاحتراف بلغ سنته الثانية إلا أن المتتبع لتفاصيله يتأكد له بان الدوري الجزائري لا يزال يسير بعقلية الهواية ، فالظواهر غير الصحية التي اشتهرت بها الكرة الجزائرية منذ أواخر التسعينات ، و أثرت سلبا على المستوى الفني لا تزال تفرض نفسها ، و تحتاج لثورة حقيقية لاجتثاثها و ليس لمجرد قرارات يصدرها الاتحاد او الرابطة لا احد يلتزم بها.

فأهم ما ميز الموسم الجاري هو استمرار ظاهرة تغيير المدربين و التي تحولت إلى مرض خطير يهدد استقرار الأندية بعدما أصاب 11 من صال 16 ، أقدمت على تبديل أطقمها الفنية و بعضها لجا إلى التغيير أكثر من مرة دون أن يميز هذا الداء بين الأطر المحلية أو الأجنبية و القاسم المشترك بين جميع المدربين الذي استقالوا كما يدعي رؤسائهم أو أقيلوا كما يؤكده المعنيون هو تدهور النتائج، و بلغ عدد الفنيين الذين اشرفوا على تدريب الأندية 28 ، و وحدها أندية الحراش و تلمسان و باتنة و العلمة و بجاية خرجت عن القاعدة و احتفظت بأجهزتها حتى إشعار آخر و لو أن نتائجها ترشحها للاحتفاظ بهم على الأقل حتى نهاية المنافسة.

ومما يلفت الانتباه أكثر هو ان بعض التغييرات أتت ثمارها كما هو حال وفاق سطيف مع غيغر و المولودية مع الفرنسي فرانسوا براتشي و حتى شباب قسنطينة مع رشيد بوعراطة ،لكن فرق أخرى لم يزدها التغيير سوى غرقا.

وإستمر الأداء الفني للاعبين في التراجع إلى الخلف مما سينعكس سلبا على تواجدهم مستقبلا في تعداد المنتخب الوطني ، حيث أكدت المباريات ال120 التي لعبت أن اللاعب المحلي غير قار في مستواه بغض النظر عن مركزه خاصة المهاجمين ، ففي الوقت الذي شهدت فيه الدوريات الأوروبية بروز ظاهرة الهاتريك فان الانتصار بهدف يتيم أصبح الطموح الأكبر للأندية الجزائرية التي تحبذ التكتيك الدفاعي.

كما استمرت مهازل التحكيم بعد الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها قضاة الملاعب في عدة مباريات ساهمت في منح الانتصار لمن لا يستحقه و حرمان صاحب الحق منه من خلال عدم احتساب أهداف شرعية مثل هدف حسين داي ضد الخروب أو التغاضي عن ركلات جزاء و أخطاء أخرى أكثر تأثيرا على مجريات المباريات لكنها تدخل في إطار التفاصيل الصغيرة و لا تثير انتباه الكثير ، بل أن عدد من الخبراء يؤكدون بان الأخطاء التحكيمية لعبت دورا مؤثرا في الترتيب الحالي و كان بإمكان أندية أن تحتل مراتب أفضل لولا انحيازا التحكيم الفاضح.

وأبدت جل الأندية سخطها من لجنة الحكام التي يرأسها الحكم الدولي السابق بلعيد لكارن ، إذ أعابت عليها كثيرا سوء اختيارها للأطقم ، و اتهمتها صراحة بخدمة أندية على حساب أخرى من خلال تعيين حكام تعرف جيدا بأنهم منحازون لهذا الفريق أو على الأقل ينبذون المنافس، فضلا عن اختيار حكام يفتقرون لتجربة لإدارة مباريات قوية و تساءل الجميع عن المعايير التي تعتمدها هيئة لكارن لاختيار الحكام.

وبدا واضحا انه لا الرابطة و لا الاتحاد قادران على معالجة هذه المهازل لسبب بسيط جدا هو أنها ناجمة عن تراكم أكثر من عشريتين من التسيير السيئ من جهة و من جهة أخرى القضية لا تعني فقط لجنة لكارن بل جميع الهيئات بما فيهم اللاعبين و المدربين و رؤسائهم الذين أصبحوا مدمنين على الاحتجاج على قرارات الحكام حتى و لو كانت صائبة.

وعادت أعمال الشغب و العنف لتلقي بظلالها على المباريات سواء داخل الملعب أو خارجه رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرضها الجهات المنظمة ، و التي لم تمنع من حدوث تجاوزات أخطرها كانت مقتل احد مناصري فريق مولودية الجزائر في مباراة الدربي مع الاتحاد ، بالإضافة إلى اعتقالات كثيرة ، كما استمر استخدام المفرقعات النارية رغم خطورتها على امن الجمهور و رغم منعها من قبل الاتحاد ، و أكثر من ذلك فان جمهور هذا العام أبدع فابتكر سلاحا جديدا أصبح يستخدمه يتمثل في لافتات ضخمة يكتب عليها ما يشاء من عبارات حتى لو خرجت عن الإطار الأخلاقي. ، و لم تنفع عقوبة حرمان الأندية من جمهورها في ثنيه عن مثل هذه التصرفات.

كما أكدت الجولات ال15 أن اغلب الأندية تفتقر إلى أهم وسيلة لممارسة كرة القدم و هو الملعب ، فالملاعب الجزائرية أصبحت كارثة ، فهي إما خطيرة لان أرضيتها من العشب الصناعي ذو النوعية السيئة، أو عبارة عن مزارع مثل مزرعة الخامس يوليو التي خصصت لمباريات الدربي، كما أن الملاعب و على رداءتها تفتقر هي الأخرى للتجهيزات الضرورية البسيطة على غرار غرف محترمة لتغيير الملابس و منصات شرفية باتم معنى الكلمة و منصات رجال الإعلام لا يدخلها البلطجية.

كما تأكد للجميع بان المشرفين على عملية الانتدابات لا يفقهون شيئا فيها بدليل أن جل اللاعبين الأفارقة الذين تم التعاقد معهم هذا الموسم كانوا خارج النص و جلهم بقوا أسرى دكك الاحتياط لأنهم ببساطة لم يظهروا مؤهلات فنية تجعلهم يفرضون أنفسهم ، و رغم ذلك لم يسلم الاتحاد من انتقادات و هجمات رؤساء الأندية عندما قرر تقليص عدد الإجازات الممنوحة للأجانب بل أن رئيس شبيبة القبائل شريف حناشي يبرر إخفاق فريقه على الصعيد القاري بعدم السماح له بانتداب عدد اكبر من اللاعبين الأجانب.

إحصائيات من مرحلة الذهاب

- 120 هو عدد المباريات التي لعبت 80 منها انتهت بالانتصار و 40 بالتعادل.
--263 هو عدد الأهداف التي سجلت في 120 مباراة بمعدل تهديفي يقدر ب2،19 هدف في المباراة الواحدة.
--196 هدف سجلته الأندية على أرضها و البقية أي 94 خارج حدودها.
--33 هو عدد البطاقات الحمراء التي أشهرها الحكام أكثرها لاتحاد العاصمة وحسين داي بأربعة لكل منهما.
-- 478 هو عدد البطاقات الصفراء أكثرها لاتحاد العاصمة ب40 بطاقة.
-- اكبر انتصار خارج الديار حققه وفاق سطيف على حساب مولودية وهران بأربعة أهداف لاثنين في الجولة العاشرة.
-- اكبر انتصار داخل الديار سجله باتنة على حساب وهران بخمسة أهداف لواحد في الجولة الأخيرة.