توريث الحكم في مصر .. مسلسل متواصل من الجدل
يواجه المصريون حقيقة تتمثل في مجموعة من الخيارات quot;غير فاتحة للشهيةquot; وهي التوريث، أو استمرار مبارك في الحكم لولاية سابعة، أو انتقال السلطة إلى بعض الشخصيات من أمثال مدير المخابرات عمر سليمان، أو حدوث انقلاب عسكري.

أكدت مجلة فورين بوليسي الأميركية أن المعنى الحقيقي للديمقراطية غير مطروح في مصر، بالنظر إلى الرفض الذي تبديه قوى المعارضة في البلاد والدعاة الغربيون لترويج الديمقراطية بشأن احتمالية خلافة جمال مبارك لأبيه، مع تواصل الجهود المبذولة لمنع التوريث.

ثم مضت المجلة تقول إنه وعوضاً من الحلم الديمقراطي، يواجه المصريون حقيقة تتمثل في مجموعة من الخيارات التي وصفتها بأنها خيارات غير فاتحة للشهية، وهي التوريث، أو استمرار مبارك في الحكم لولاية سابعة، أو انتقال السلطة إلى بعض الشخصيات من أمثال مدير المخابرات عمر سليمان، أو حدوث انقلاب عسكري. لكن عند مقارنة تلك البدائل المستقبلية غير الملهمة ببعضها البعض، سيكون من الصعب ألا نستنتج أن جمال مبارك هو الرهان الأفضل في ما يتعلق بالآفاق الديمقراطية لمصر على المدى البعيد، حسبما أكدت المجلة الأميركية واسعة الانتشار.

وبعد إشارتها إلى أن الأوضاع لم تكن كذلك قبل بضعة أشهر قليلة، عند مجيء الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مصر، محمد البرادعي، مثيرا إليه الانتباه من خلال الدعوات التي أطلقها من أجل تحقيق الإصلاح السياسي وإنهاء العمل بقانون الطوارئ، أبرزت المجلة حقيقة مشاعر الإحباط التي تكونت لدى كثيرين، بعد تكشف الكثير من الأمور عن ذلك الرجل الذي لم يقض في مصر سوى فترة زمنية قصيرة منذ أن أعلن عن quot;حملتهquot; الداعية إلى التغيير. وعدم اتضاح المغزى أو الهدف الذي جعله يدعو مؤخراً إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وفي الوقت الذي يُستَبعد فيه حدوث ثورة ديمقراطية في البلاد، رأت المجلة أن احتمالات وقوع انقلاب عسكري ليست واردة أيضاً. وبررت ذلك بأن القوات المسلحة موالية للرئيس مبارك. وأشارت فورين بوليسي كذلك إلى أن قيام الرئيس بتسليم السلطة إلى عمر سليمان مسألة مشكوك فيها. ومضت تقول إن الرئيس إذا ما كان يرغب في تسليم مقاليد الأمور إلى سليمان، لكان بادر بتعيينه نائباً له منذ مدة طويلة.

وتابعت المجلة الأميركية حديثها بالقول إن الرئيس مبارك، الذي يبلغ من العمر 82 عاماً، سيفوز بصورة مؤكدة بولاية رئاسية أخرى تستمر على مدار ستة أعوام، إذا ما استطاع الترشح للمرة السابعة. ثم قالت إنه في حالة ترشح وفوز جمال مبارك بانتخابات الرئاسة المقررة عام 2011، فإنه سيكون أول قائد في تاريخ مصر الحديث لم يسبق له أن ارتدى مطلقاً الزي العسكري، ولم يسبق أن كان مثل من وصفهم عالم السياسة الكبير صامويل هانتينغتون بـ quot; المتخصصين في تطبيق العنفquot;.

ومع هذا، رأت المجلة أن الصفة المدنية لجمال لن تجعله بالضرورة ألطف من أسلافه، أو أقل استعداداً لتجربة ممارسة الإكراه مع خصومه. لكن هذا قد يجعله أقل قدرة على القيام بذلك، مع افتقاده للولاء الأعمى الذي تمنحه القوات المسلحة لأبنائها، على حد قول المجلة. ورغم زعمها أن وصول جمال مبارك إلى السلطة سيتحقق من خلال انتخابات رئاسية مشكوك في نزاهتها، إلا أن المجلة أكدت أن حالة من عدم اليقين ستصاحب أي انتخابات رئاسية سيخوضها جمال بعد ذلك. ولم تستبعد في الوقت ذاته أيضاً حدوث مفاجآت في صناديق الاقتراع، رغم اعترافها بندرتها.

وختمت المجلة تقريرها المستفيض بالقول إن رئيس حزب الوفد الحالي، الدكتور سيد البدوي، قد لا يكون منافساً حقيقياً في انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها العام المقبل، لكنه ( أو شخص ما مثله ) من الممكن جداً أن يصبح مؤهلا ً لذلك بعد ست سنوات من الآن. وسبب ذلك، حسبما أوضحت المجلة، هو أن صعود نجم جمال مبارك قد يكون أمراً مرحباً به، لا لأنه سيصبح قائداً عظيماً، أو مصلحاً اقتصادياً، أو ديمقراطياً حقيقياً، بل لأنه سيقوم على الأرجح، بشكل يفوق الأسماء البديلة، بالإبقاء على الباب مفتوحاً أمام إمكانية نجاح المعارضة وتحقيق الواقع الديمقراطي مستقبلاً.