يتفق quot;مواطنون سنّةquot; ممن شاركوا في تجمّع الوحدة الوطنية، مع quot;مواطنين شيعةquot; يعتصمون في المنامة على مطلب تحويل البحرين إلى quot;ملكية دستوريةquot;، إلا أن شعار quot;إسقاط النظامquot; لا يزال يمثل محور انقسام عميق بين الجانبين.


المنامة: من شرفة أحد مقاهي الجفير، يقول رجل الأعمال يوسف عبدالله لوكالة الأنباء الفرنسية quot;هناك اتفاق على المطالب التي يرفعها المحتجون في دوار اللؤلؤ، وهناك تفهم لهذه المطالب، ولهذا نشأ تجمع الوحدة الوطنيةquot; في الأسبوع الماضي.

لكنه يضيف مستدركاً quot;شلّ البلد بكامله ليس له معنىquot;. ويوضح عبدالله ان quot;التأثير واضح في الحياة اليومية خصوصًا في المنامةquot;، مشيرًا الى quot;تراجع حركة التسوق والازدحام في ايام العطلة، اذ ان هناك حالة من القلق العميق وانعدام اليقينquot;.

وفيما يستمر الاعتصام في دوار اللؤلؤ فيغرب المنامة، يغرق شرق المدينة في هدوء غير اعتيادي في عاصمة معروفة بصخبها وازدحام طرقاتها ليل نهار، في مؤشر واضح على تأثر الحركة التجارية والاقتصادية في البحرين بالاحتجاجات.

وتخلو المجمعات التجارية والمطاعم والمقاهي في العاصمة المنامة من المتسوقين والرواد، ما عدا اعداد قليلة من الناس، خصوصًا في منطقة العدلية (وسط) وضاحية الجفير (شرق)، التي اصبحت شوارعها تخلو من المارة ومرتادي المقاهي الكثيرة المنتشرة في المنطقة القريبة من مقر الاسطول الخامس الاميركي.

يقول الموظف الحكومي هشام علي انه يتفهم quot;المطالب، واستطيع ان اقول ان المطالب موحدة، لكن الاستقطاب الطائفي اصبح حادا وعميقاquot;. ويتحدث عن استلامه quot;رسائل نصية تصدمني من اصدقاء (شيعة) تربيت معهم، يقولون اننا سنشطبك من قائمة اصدقائناquot;.

ويتابع quot;هناك مطالب اعلنت وعرفها الناس، لكن ليس الى الحد الذي اخسر معه اصدقاء تربيت معهم بسبب هذا الخطاب الحماسي الصادر من الدوارquot;. من جهته، يعتبر الموظف حسن علي انه quot;المؤسف هو ان التداعيات على المستوى الشعبي مقلقة، فحالة الاستقطاب والفرز باتت حادة رغم الشعارات المنادية بالوحدة الوطنية، سواء تلك الصادرة من دوار اللؤلؤ او من تجمع الوحدة الوطنيةquot;، الذي جمع مواطنين سنة وشيعة للمطالبة بالاصلاح في 22 شباط/فبراير.

ويوجه quot;رسالةquot; الى المعتصمين عند الدوار قائلاً quot;ليس لدينا اي خيار سوى ان نتعايش مع بعضنا، لكن هذا لا يمكن ان يتم لمصلحة طرف على حساب طرف آخرquot;. ويتفق المتحدثون الثلاثة على ان quot;لا احد يقبل بهجوم الخميس وسقوط الضحاياquot;، في اشارة الى مقتل متظاهرين برصاص قوات الامن التي هاجمت المعتصمين الاسبوع الماضي.

لكنهم يستدركون قائلين ان quot;التأجيج والشعارات، مثل اسقاط النظام، متطرفة وتلعب دورًا سلبيًا للغاية في تأجيج مشاعر الناسquot;. ويعتبرون ان quot;نشأة تجمع الوحدة الوطنية قد تكون رسالته الاساسية نحن موجودون (...) وقد لا يكون هذا صحيحًا، لكن محركه ادراك داخلي بأن السنّة يتعرضون إلى الالغاءquot;.

ويقول حسن quot;اثبتت التجربة في دولنا العربية ان انظمة الحكم لا تحترم الاقليات (...)، وهذا مبعث قلق عميق لدى السنّة في البحرين مثلاquot;. وتعيش في البحرين غالبية شيعية، الا ان السلطة تتركز في ايدي الاقلية السنية المتمثلة في عائلة آل خليفة، التي تحكم البلاد منذ حوالي 200 عام.

وفي دوار اللؤلؤ، مركز الحركة الاحتجاجية، يرى صالح علوي (30 عاما) الذي يعمل محاسبًا انه quot;يتعيّن اعادة النظر في شعار اسقاط النظامquot;، معللاً ذلك بالقول ان الشعار quot;يوصل رسالة خاطئة حول اهداف حركة الاحتجاج والاعتصامquot;.

وفيما تعلن المعارضة انها تدعو إلى الاصلاح السياسي وتطالب باسقاط الحكومة وتغيير رئيسها، تعلو اصوات في داخلها تطالب باسقاط النظام. وتستمد هذه الحركة الهامها من الحركات الاحتجاجية في تونس ومصر، والتي ادت الى اسقاط الرئيسين زين العابدين بن علي وحسني مبارك.

ويوضح علوي quot;لقد رفع المحتجون سقف مطالبهم وشعاراتهم بعد هجوم الخميس الدامي، وهذا مفهوم، لان هناك ضحايا سقطت (...) لكنني اعتقد انه الاوان حان لترشيد الخطاب في الدوار والتحدث بصوت واضح وهدف واحد مثلما يحث عليه زعماء المعارضةquot;.

ونأت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، التي تمثل التيار الشيعي الرئيس، والفصيل الاكبر في المعارضة، بنفسها عن شعار quot;اسقاط النظامquot; منذ اليوم الاول للاحتجاجات، حيث تركز مع قوى المعارضة الاخرى على اصلاح سياسي شامل وصولا الى ملكية دستورية وحكومة منتخبة.

الا ان هذا الشعار يظل يتردد في التظاهرات التي باتت تشهدها المنامة بشكل شبه يومي. ويشدد علي حيدر على ضرورة quot;الغاء اي طابع مذهبي لحركة الاحتجاج في الدوارquot;، مضيفا quot;هذا ليس من مصلحة الحركة، ولا يوصل رسالة واضحة إلى بقية البحرينيينquot;.

ويتحدث احمد جعفر وهو احد الناشطين في الاحتجاجات عن quot;عملية ترشيد للخطاب تجري في الدوار منذ ايامquot;. ويوضح quot;لقد ألغيت الكثير من الخطابات الدينية، وهناك إصرار على إبراز الطابع المدني للاحتجاج، وإفساح المجال أمام الأصوات الأخرى مثل قوى اليسار والعلمانيين ومنظمات المجتمع المدنيquot;.