جدد نشطاء حقوقيون المطالبة بإلغاء إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية، وإلغاء حالة الطوارئ في مصر، مشددين على ضرورة الإفراج الفوري والعاجل عن الثوار الذي تم اتهامهم في قضايا عسكرية، مع إحالة المتهمين في قضايا البلطجة أو الأسلحة على القضاء الجنائي العادي، وإلغاء كل المحاكم الاستثنائية، وحالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ ثلاثة عقود على التوالي وأكدوا أن هذه المطالب طالما نادت بها القوى السياسية والمجتمعية كافة لعقود طويلة، كما تعد من أهم الأسباب التي قامت من أجلها الثورة. وقال النشطاء إن محاكمة المدنيين عسكرياً واستمرار قانون الطوارئ يعتبران من مخلفات الإحتلال الإنكليزي لمصر.


الثورة المصرية قامت ضد قانون الطوارئ الذي مازال مستمرًا

صبري حسنين من القاهرة: قال حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية يتناقض مع المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فالقضاء العسكري في الأساس هو قضاء خاص بالعسكريين والجرائم التي تقع على منشآت أو معدات عسكرية، وبالتالي فإن محاكمة المدنيين أمامه يمثل انتهاكا صارخا للمادة الرابعة عشرة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي تؤكد حق كل فرد في محاكمة منصفة ومستقلة ومحايدة وقائمة استناداً إلى القانون.

وأعرب أبو سعدة عن قلقه من إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية لأن ذلك يعد إخلالاً بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، وأوضح خلال حلقة نقاشية بعنوان quot;متى تتوقف إحالة المدنيين على المحاكم العسكريةquot;، أن المحاكم العسكرية تمثل انتهاكاً مستمرا لاستقلال القضاء والحق في المحاكمة المنصفة، كما إن القضاء العسكري يخضع لوزير الدفاع، فالقضاة العسكريون يعينون لمدة سنتين قابلتين للتجديد بقرار من وزير الدفاع، وهو ما يتعارض مع مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل واستقلالهم وعدم التأثير عليهم في أحكامهم.

مشيراً إلى أن إحالة متهمين مدنيين على المحاكم العسكرية يشكل حجبًا للقضاء العادي فى بسط ولايته على الوقائع التي يرتكبها المواطنون المدنيون وتمثل انتهاكاً لحق المتهم في المثول أمام قاضيه الطبيعي واعتداء على حق المجتمع في الحفاظ على استقلالية القضاء ونهوضه بالمهام المنوط به أداؤها، وكذا فإن القضاة العسكريين يخضعون لكل الأنظمة المنصوص عليها في قوانين الخدمة العسكرية.

ووصف الفقيه الدستوري إبراهيم درويش الظروف التي تمر بها مصر بعد الثورة بأنها quot;ظروف بالغة الصعوبة على المستويات السياسية والقانونية كافةquot; وقال: لا أحد يستطيع في الوقت الحالي التنبؤ بمجريات الأحداث في الفترة المقبلة، مؤكداً أن المشكلة ليست في قضية بعينها دون الأخرى، إنما في المنظومة ككلquot;.

وشدد درويش على ضرورة منع إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية لأن ذلك يتعارض جملة وتفصيلاً مع حق المتهم في المثوله أمام قاضيه الطبيعي، كما يجب أن يتسق ذلك مع العمل على رفع حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ أكثر من ثلاثة عقود متصلة، خاصة أن هذا القانون هو ترسيخ حي لقانون الأحكام العرفية الذي تم سنّه على مصر عقب استقلالها عن الامبراطورية العثمانية وفرض الأحكام العرفية على مصر بعد الاحتلال الإنكليزي، وشهد تعديلاً في عام 1923، ثم جاءت ثورة يوليو وقامت بتعديل هذا القانون، لكنها أطلقت عليه مسمى قانون الطوارئ.

ودعا درويش القوى السياسية والمجتمعية كافة إلى التكاتف من أجل العمل على إلغاء حالة الطوارئ بمنتهى السرعة، لكون هذه الحالة هي هدم للشرعية الثورية، التي أرستها ثورة 25 يناير، وكذا إلغاء إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية ومحاكمتهم أمام القضاء الطبيعي تحقيقًا لضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.

وأكد أحمد عبد الحفيظ المحامي بالنقض أن القضاء العسكري هو قضاء عاجل لقضايا تخص أمن الدولة وتمس طبيعة المؤسسة العسكرية، القائمة على نظام وسياسات وقواعد تحدد عملها، وبالتالي فالقضاء العسكري هو قضاء خاص له طريقته الخاصة التي تتفق مع طبيعته، لافتاً إلى أنه لا يجوز محاكمة المدنيين أمام هذا القضاء، لأنه لا يوفر لهم الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة والمنصفة. كما إنه يخرج في الوقت عينه عن مسار القضاء الطبيعي.

موضحًا أنه ليس فيه اختصاص جنائي وخلافه، وبالتالي فهو ليس قضاء عادلاً ونزيهًا، وهنا كان من الطبيعي بعد ثورة 25 يناير أن يتم إلغاء المحاكم الخاصة، وتتم محاكمة كل المدنيين أمام القضاء الطبيعي.

وأشار عبد الحفيظ إلى أن القضاء العسكري يجب أن يكون قاصراً على العسكريين دون المدنيين، وأن هذا يعد أهم ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة للمدنيين. متسائلاً أليس من منطق الشرعية الثورية أن يتم إلغاء المحاكم الخاصة كافة؟!